الخليل - خاص قُدس الإخبارية: "سأحكي لبابا عنك لما يرجع"، هكذا يهدد إسلام (ثلاث سنوات) والدته عندما تعاقبه على خطأ ارتكبه، ثم يبدأ سيل أسئلته بالسقوط عليها "ليش الجيش أخد بابا؟ متى برجع بابا؟"، فيما تبقى الأم عاجزة عن إعطاء إجابات تشفي قلب طفلها المشتاق لعودة والده للمنزل حاملا له لعبة جديدة، أو كيس معبأ بكل ما يشتهي من حلوى.
"لا أجوبة لدي لإسلام، كيف أدخل لعقله مصطلحات قاسية كالسجن والاعتقال والتعذيب والإضراب عن الطعام، وكيف له أن يستوعبها؟" تقول فيحاء شلش زوجة الأسير محمد القيق المضرب عن الطعام منذ (25/تشرين ثاني) الماضي احتجاجا على تهديده بالاعتقال الإداري وإخضاعه لأساليب تحقيق قاسية.
الأسير الصحفي محمد القيق (33 عاما) أب لطفلين، من مدينة دورا جنوب محافظة الخليل، ويعمل مراسلا صحفيا لقناة المجد السعودية، أعلن إضرابه عن الطعام بعد أربعة أيام على اعتقاله احتجاجا على ما مارسه محققو الاحتلال بحقه من أساليب قاسية، حسب ما نقل محاميه للعائلة.
وتقول فيحاء، إن زوجها تعرض للشبح المستمر وهو مقيد اليدين والرجلين ومعصوب العينين لساعات طويلة، كم تم حرمانه من النوم وإجباره على سماع الأغاني الصاخبة طوال الوقت، وتوجيه الشتائم المهينة له والصراخ المستمر، مضيفة، أن محمد أبلغ محاميه بأن المحققين هددوه بالاغتصاب وحرمانه من طفليه، إضافة لتهديده المستمر بتمديد اعتقاله إداريا.
ظروف الاعتقال السابقة دفعت الأسير القيق للشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام لحين نيل حريته، وقد بدأ يعاني إثر ذلك من تدهور خطير على صحته حسب نادي الأسير الفلسطيني، ما استدعى نقله إلى مستشفى العفولة الإسرائيلي، بعد أن فقد أكثر من 20 كيلو غرام وأصبح عاجزا عن الحركة، وبات يعاني من أوجاع شديدة في جسده.
وتبين فيحاء لـ قُدس الإخبارية، أن زوجها الأسير دخل في وضع صحي صعب للغاية، فلا يستطيع النهوض من السرير أو الحركة، كما بدأ يعاني من التقيؤ المستمر وتبول الدم ومن أوجاع في المعدة والرأس، ومن الدوار، مؤكدة، "رغم كل ما يعانيه محمد الآن إلا أنه لن يفك إضرابه قبل أن ينال حريته".
محققو الاحتلال وجهوا لمحمد تهمة التحريض الإعلامي، وتوضح زوجته أن أساليب التعذيب والتهديد التي مارسها المحققون بحقه كان هدفها إجباره على الاعتراف بهذه التهمة، وتضيف، "الآن أصبح كل صحفي مهدد بالاعتقال بتهمة التحريض الإعلامي، وهي تهمة غير موجودة في أي قانون وغير منطقة".
القيق هو أسير محرر تعرض للاعتقال في أعوام، 2003، و2004، و2008، لكن هذا الاعتقال مختلف عن الاعتقالات السابقة كما تقول فيحاء، "فلا مبرر لاعتقاله هذه المرة، بينما كان الاحتلال يعتقله سابقا لمشاركاته في النشاطات الطلابية المختلفة في الجامعات".
وتؤكد فيحاء على تشجيعها والعائلة لمحمد لخوضه بالإضراب حتى تحقيق مطالبه، "أنا كصحفية أشد على يدي محمد في إضرابه، وأصر عليه أن لا يتراجع عن قراره قبل إنهاء اعتقاله الإداري"، وتضيف، "محمد وضع أمام خيارين أحلاهما مر، فإما الاعتقال الإداري لسنوات وإما الإضراب المفتوح عن الطعام، ومحمد اختار الاخير كونه طريق للحرية".
والأسير القيق حصل على درجة البكالوريس في الإذاعة والتلفزة من جامعة بيرزيت، كما حصل على شهادة الماجستير في الدراسات العربية المحاصرة من ذات الجامعة. وخلال دراسته بالجامعة ترأس مجلس الطلبة بين عامي 2007/2008.
نادي الأسير ونقابة الصحفيين سلما مذكرة للجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي تطالبهم بالتدخل العاجل والسريع لإنقاذ الاسير القيق من خطر الموت المحدق به، وأحذ دورها الحقيقي والفعال للإفراج عنه.
وخلال آخر جلسة محاكمة له في "عوفر" أواخر الشهر الماضي، وقف القيق بصعوبة موجها شكره لمختلف الجهات الحقوقية وغيرها لتجاهل قضيته، فيما يعلق مدير نادي الأسير قدورة فارس بأن إضرابات الأسرى السابقة كسرت قرارات الاحتلال وحققت مطالب الأسرى بعد أن وجدت دعما شعبيا ورسميا.
وطالب فارس في كلمة بوقفة تضامنية مع القيق بتكثيف الجهود والفعاليات على جميع الأصعدة انتصارا لحق الأسير محمد بأن يكون حرا ويمارس مهنته كصحفي يسلط الضوء على جرائم الاحتلال.
[caption id="attachment_82134" align="aligncenter" width="600"] وقفة تضامنية مع القيق برام الله[/caption]فيما قال مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي، "بعد ملحمة طويلة يخوضها القيق من الجوع والألم، لا يجد من يقف معه ويسانده"، مضيفا، "مطلوب منها على الأقل أن نقف لجانبه، وأن لا نقف متفرجين على جرائم الاحتلال بحق الأسرى وكأنها لا تمسنا".
ويبدو واضحا من أسئلة المحققين الموجهة لمحمد أن اعتقاله ومحاكمته تعود لعمله الصحفي وإنجازه مواد إعلامية تفضح الاحتلال وسياساته، فهو الصحفي الذي طالما قال، "لا نمنا إذا نجح الاحتلال في تمرير الجريمة دون أن نوثقها بالصورة".
[caption id="attachment_82135" align="aligncenter" width="600"] وقفة تضامنية مع القيق برام الله[/caption]