شبكة قدس الإخبارية

قلقيلية.. خنجر فلسطيني في خاصرة الاحتلال!

رغيد طبسية

قلقيلية – خاص قُدس الإخبارية: "قلقيلية منبع التحريض في الضفة"، هكذا وصف الضابط شطاروت الذي يشغل منصب قائد كتيبة "إفرايم" بجيش الاحتلال مدينة قلقيلية ودورها في الانتفاضة الشعبية الحالية، معيدا إلى الذاكرة تصريحات مشابهة قديمة من قبل ضباط ومسؤولين إسرائيليين كبار كانت حينها مقدمة لاعتداءات وحشية على سكان المدينة.

شطاروت قال لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إن مدينة قلقيلية هي مصدر لعدد كبير من مواد التحريض، مضيفا، "نحن نعمل مع الشاباك من أجل اعتقال المحرضين، حيث كنا اعتقلنا في وقت سابق خلية من حركة حماس في المدينة"، حسب زعمه.

في أواسط خمسينات القرن الماضي؛ هدد وزير جيش الاحتلال حينها موشيه ديان بتدمير قلقيلية فوق رؤوس أهلها، وبالفعل تحولت المدينة لساحة معركة ساخنة بين المقاومة وجيش الاحتلال، واضطر أهالي المدينة لمغادرتها إلى نابلس إبان ذلك، لكنهم عادوا لمنازلهم مرة أخرى رافضين التهجير الدائم، ليجدوا جيش الاحتلال قد دمر بيوتا ونهب أخرى.

ذهب الاحتلال في تعامله مع قلقيلية لأبعد من ذلك عندما أراد محو المدينة من الخارطة، وهو ما صرح به سابقاً أحد ضباط جيش الاحتلال لصحيفة عبرية سألته عن اسم المكان الذي يقف فيه الجيش فأجاب، "كانت هنا مدينة تسمى قلقيلية أما اليوم فنحن عازمون على تحويلها إلى مطار لإسرائيل".

بالعودة لتصريحات شطاروت فإن المحلل السياسي عصام شاور رأى أن هذه التصريحات وعلى غرار سابقاتها هي مقدمة لاعتداءات جديدة من قبل الاحتلال ضد قلقيلية، مضيفا، "هذه التصريحات تعبر عن نوايا غير جيدة لدى الاحتلال فهو دائماً ما يلجأ لسياسة العقاب الجماعي بحق أهالي المدينة".

وتعمد الاحتلال تخريب المزروعات ومهاجمة المنازل خلال قمع الشبان في المواجهات التي دارت في حي النقار الذي شهد أعنف المواجهات خلال الأسابيع الماضية، ويقول المزارع أحمد سلمي، "امتلك 12 دونماً تضررت بشكل مباشر أثناء المواجهات وتلفت المزروعات نتيجة توغل الاحتلال المتكرر، وكانت قنابل الغاز تخرق البيوت البلاستيكية مما أدى لاحتراق المزروعات وتلفها".

وجاءت هذه الممارسات للضغط على أهالي الحي لدفعهم لمنع الشبان من إلقاء الحجارة، حيث أشار الناشط في منظمة "بيتسيلم" لحقوق الإنسان عبدالكريم السعدي إلى أن الاحتلال أخطر 11 منزلاً بالهدم دون وجه حق كون هذه المنازل ضمن المناطق المصنفة أ، معتبرا أن الهدف من هذه الخطوة الضغط على السكان لوقف المواجهات.

وكانت نوايا الاحتلال واضحة في كلام الضابط شطاروت حين أكد إصرار الاحتلال على خنق المدينة فقال، "كل عدة سنوات يدخل الجيش المدينة من أجل تنظيف البنية التحتية لفصائل المقاومة واستمرار هدوء المدينة".

وتابع، "ورغم إجراءاتنا يخرج منها كل عدة سنوات عملية كبيرة، مثل السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة"، ولعل هذا ما يفسر اعتقال 62 شابا وفتى من المدينة خلال النصف الأول من العام الجاري، إضافة لاعتقال 37 آخرين خلال تشرين أول الماضي وحده، وفقاً لمركز أحرار لدراسات الأسرى.

ويعاني سكان قلقيلية من الجدار الذي يبتلع أراضيهم، فوفقاً للجنة الوطنية لسجل الجدار فإن 7800 فلسطينيا من مدينة قلقيلية تضرروا بسبب الجدار الذي يقتطع 34 ألف دونم من أراضي المدينة، فيما يخطط الاحتلال للاستيلاء من خلال الجدار على أراض كاملة مستقبلا.

ويشير المركز الفلسطيني للإحصاء إلى أن عدد المستوطنات في محافظة قلقيلية بلغ ثلاث عشرة مستوطنة، فيما بلغ عدد البؤر الاستيطانية العشوائية أربع بؤر، وبلغ عدد المناطق الصناعية التابعة للاحتلال فيها منطقتين.

 وأدى بناء الجدار في محافظة قلقيلية إلى عزل 19 بئرًا خلف الجدار، كما حفرت اسلطات الاحتلال أكثر من خمسة آبار مركزية وبعمق (250 متراً) لتزويد المستوطنات بالمياه، ولنقل المياه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

ويؤكد شاور بأن قلقيلية تسبب القلق للاحتلال، كما أنها تخضع لحسابات خاصة ومن الممنوع أن يخرج منها أي تحركات حتى وإن كانت مواجهات بالحجارة، مبينا، أن ذلك يعود للخلفية التاريخية لمدينة قلقيلية في ذاكرة الاحتلال، فالمدينة كانت منطلق الاستشهاديين وخرج منها أبرز عمليات المقاومة مثل عملية "الدلفناريوم" التي نفذها الاستشهادي سعيد الحوتري وقتل فيها 24 إسرائيلياً، وعملية "ديزنغوف" التي نفذها الاستشهادي صالح صوي وقتل فيها 22 إسرائيلياً.

أما السبب الثاني لتوجس الاحتلال وفقا لشاور، فيعود إلى أن أي حدث يعكر هدوء هذه المدينة بسبب قربها من التجمعات السكانية للاحتلال، فهي المدينة الأكثر تغلغلاً في خاصرة المحتل، حيث لا تبعد عن الساحل سوى 13 كيلو متراً فقط.

ويصادر الاحتلال أراضي قلقيلية ويسرق مواردها ومياهها، ويعرقل أي تطور فيها، ويحبس أكثر من 60 ألف إنسان داخلها إن أراد أن يغلق مدخلها الوحيد عند حاجز الـ DCO، لكنه يخاف أفعال أبنائها فهي عودته في المرات السابقة أن تدخل الانتفاضة متأخرةً ولكنها عندما تدخلها تكون مزعجة ومؤذية له.