شبكة قدس الإخبارية

في الفيلم الفلسطيني "خيال الحقل" .. لماذا تعلّقت ريما بـ"الفزاعة"؟

عمر زين الدين
وقف أحمد - صديق ريما - في ذات مكان خيال الحقل المسلوب وشمخ ببصره نحو السماء، لتهرب من شموخه الغربان التي استهوتها الأرض بعد غياب الفزّاعة. "إن سُرق خيال الحقل.. فلم لا أكون أنا هو" وكأنه يقولها أحمد بوقفته، لتلمحه من بعيد ريما وصديقاها ليلى ومحمود وتصل إليه بسرعة، إنه يقف كالفزاعة، ساد الصراع الداخلي في نفس ريما "هل أسامحه؟.. لكنه كان سبباً في فقدي الفزاعة". قطع المشهد ابتسامةٌ عريضة بدت على وجه ريما –بطلة الفيلم-، لتلصق ظهرها بظهر أحمد وتقف إلى جانبه كخيال حقلٍ حامين أرضهم من الغربان ليتوج المشهد غيث السماء يروي الأرض ويحيي غرسها. كان هذا مشهد النهاية لفيلم خيال الحقل الذي أنتجته وحدة زيتون للرسوم المتحركة بغزة. فيلم مدته 40 دقيقة استغرق من فريق العمل الذي لا يزيد عن ثلاثة عشر فرداً، عاماً كاملاً من العمل المتواصل والدؤوب لإخراجه بتقنيةٍ ثلاثية الأبعاد بجودة تضاهي الأفلام العالمية. مدير إنتاج الفيلم نور الخضري قالت لشبكة قدس "إن الفيلم يعد التجربة الحقيقية الأولى لإنتاج كرتوني ثلاثي الأبعاد في غزة". "الفيلم يركز على أحلام أطفال فلسطين البسيطة الذين اعتاد العالم رؤيتهم وسط الدمار والحرب"، تضيف نور. [caption id="attachment_7994" align="aligncenter" width="461"]جزء من فريق عمل فيلم جزء من فريق عمل فيلم "خيال الحقل"[/caption] قصة الفيلم تدور حول فتاة اسمها ريما عمرها 9 سنوات فقدت والديها عن طريق حادث سير وكانت متعقلة بخيال الحقل الذي تركه والدها بعد وفاته، ويزداد الأمر إثارة بعد قطع جندي إسرائيلي خيال الحقل لتبدأ ريما مع اصدقائها بالبحث عن "الفزاعة" التي ترمز لأحلام الطفولة. أحلام الطفولة تلك جسّدها فريق العمل عبر ساعات شاقة من العمل يومياً دفعت بأحدهم إلى المبيت بمقر العمل عشرة أيام متواصلة حتى لا ينقطع عن أداء مهمته. وحتى لا يأخذك خيالك بعيداً في تأمل مكان العمل فهو لا يعدو عن كونه ثلاث غرفٍ أكبرها لا تتجاوز مساحتها أربعة أمتارٍ مربعة، على امتدادها تتربع أجهزة حواسيب تقطعها بعض مجسماتٍ لخيال الحقل. "من هذه الغرفة خرج فيلم خيال الحقل" قالت نور وهي تحرك أصبعها مستعرضةً تفاصيل المكان. ضيق المكان وضغط الوقت ليسا وحدهما العائقين اللذين وقفا في طريق وحدة زيتون على حد وصف نور فتضيف بأن من المعوقات "قلة الخبرة، واقتصار تمويل الفيلم على مدة ستة أشهر" مما دفع بالفريق للتطوع لباقي مدة إنجاز الفيلم. و انطلق مشروع إنتاج فيلم خيال الحقل ضمن مشروع تطوير وحدة الرسوم المتحركة الممول من البنك الدولي وبإدارة مركز تطوير المؤسسات الأهلية. أما تتوجيه كأول فيلم فلسطيني ثلاثي الأبعاد فكان بعد عرضه في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية أواخر آذار الماضي بحضور وفود عربية وشخصيات فلسطينية رسمية واعتبارية. تصف نور ذلك المشهد  بـ"المبهر"، وتقول إن الانطباعات التي ارتسمت على وجوه الحاضرين كانت "تفوق التوقعات". [caption id="attachment_7997" align="aligncenter" width="576"]أثناء عرض الفيلم أثناء عرض الفيلم[/caption] "خيال الحقل" أو "الفزاعة" الذي جال بين الحاضرين سيبقى عالقاً في أذهانهم بعد أن اعتقد كل منهم أن هناك علاقة صداقة تربطه مع تلك الطفلة ريما ذات الأعوام التسعة، رغم أنها شخصية افتراضية. وبات كثيرون يتوقون لمشاهدة الفيلم خاصة ممن يبحثون عن روح السينما الفلسطينية الهادفة الغائبة عن قاعات السينما العربية والعالمية. وتأمل نور بأن يؤسس هذا الفيلم لمرحلة ثقافية جديدة تعزز الاقتصاد الفلسطيني الذي يمكن أن يعتمد على هذا الفن في تحقيق إيرادات عالية. وتتابع "هذا الفيلم هو الخطوة الأولى لإلقاء على وحدة زيتون كنواة لشركة ذات طموح عالمي تهدف لتقديم القضية الفلسطينية العادلة في أصدق صورة"، متمنيةً أن يتمكنوا في أقرب وقت من إنتاج فيلم يطابق المواصفات المطلوبة لعرضه بالسينما العالمية. وحتى ذلك الحين يبقى حلم ريما -المتمثل في الفزاعة- مسلوباً بيد جنود الاحتلال الذين استخدموه لحارس لهم في منامهم. ويظل الأمل ماثلاً بوجود من هم كـ "أحمد" الذين ينتصرون على الظلم ويحمون أحلامهم وأحلام غيرهم من الغربان، ومن ظلم الظالمين –كما يوضح الفيلم-.