رام الله – خاص قُدس الإخبارية: أصر معاذ على تجديد نوافذ منزله القديمة، وشجع والدته على البدء بترميم منزلهم المقام منذ أكثر من (40 عاما)، قبل أن يعود معاذ للاعتقال، وتتسلم الوالدة بعد الانتهاء من الترميم قرارا بهدم منزلها.
معاذ حامد (26 عاما) معتقل في سجون السلطة منذ خمسة أشهر، وتتهمه سلطات الاحتلال بالمشاركة في خلية نفذت عملية عسكرية قرب مدينة نابلس خلال حزيران/2014، قتل خلالها جندي إسرائيلي وأصيب ثلاثة مستوطنين.
وكتصعيد في سياسة قمع الفلسطينيين، أصدر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" في 14/تشرين أول الجاري، سلسة قرارات تضمنت هدم منازل منفذي العمليات في الضفة والقدس، لتكون عائلة معاذ من العائلات الأولى التي تسلمت قرار هدم منزلها الكائن وسط بلدة سلواد شرق مدينة رام الله.
وصدر قرار الاحتلال بحق معاذ دون التحقيق معه، أو اعترافه بأي دور له في العملية المذكورة، حيث لفق الاحتلال لائحة اتهام بحق ولم يمنحه فرصة الدفاع عن نفسه، كونه معتقل في سجون السلطة، علما أن معاذ أسير محرر تعرض للاعتقال الإداري عدة مرات.
[caption id="attachment_76687" align="aligncenter" width="467"] معاذ حامد[/caption]ويعتبر معاذ وقريبه عبد الله حامد الوحيدين في الخلية المكونة من خمسة أفراد – جميعهم من بلدة سلواد - اللذان تسلما قرارا بهدم منزلهم، فيما تنتظر العائلات الأخرى قرارات مشابهة وخاصة أن محاكم الاحتلال وجهت لهم ذات التهم.
أم معاذ قالت، إن العائلة تسلمت قرار بهدم المنزل تضمن منحهم (72 ساعة) يمكنهم خلالها تقديم اعتراض لسلطات الاحتلال، مشيرة إلى أن العائلة باشرت فورا بالقيام بالإجراءات القانونية وتوجهت لعديد من المؤسسات الحقوقية والرسمية لمساندتها في التصدي لقرار الهدم.
وأوضحت أم معاذ لـ قُدس الإخبارية، أن المنزل الذي يقيم به معاذ مع عائلته، ليس مسجلا باسمه، وهو ما تركه والده لأبنائه الستة عشر، مشيرة إلى أن تنفيذ قرار الهدم هو عقاب لـ 16 وريث وحرمانهم من منزلهم الذي ولدوا وتربوا وكبروا فيه.
وتتساءل الوالدة، "معاذ معتقل لدى السلطة وليس لدى اسرائيل حتى تأخذ هذا القرار، ولم تعقد له أي محكمة، ولم يحكموه، فكيف يتخذوا هذا القرار؟ وكيف يقررون هدم منزل ليس ملكا للمتهم؟".
[caption id="attachment_76688" align="aligncenter" width="600"] والدة معاذ[/caption]وأضافت، أن العائلة لن تستلم لقرار الاحتلال، وباشرت بالإجراءات القانونية اللازمة، مبينة، أنها توجهت لعدة جهات حقوقية للتصدي لهدم منزلها إلا أنها تفاجأت برفض إحدى المؤسسات الحقوقية التي وكلتها بالدفاع عن منزلها، مع وجود أطراف أخرى ترفع اعتراضا في محاكم الاحتلال، على الرغم من أحقية العائلة بتوكيل عدة جهات ومحامين للدفاع عنها.
وعلى الرغم من تقديم العائلات اعتراضا على قرار "الكابينت" الإسرائيلي، إلا أنها لم تحصل على أي رد من قبل محاكم الاحتلال، وتؤكد العائلة أن محكمة الاحتلال لم تعين جلسة قضائية على الرغم من دخول قرار الهدم حيز التنفيذ.
وأوضحت أم معاذ أن المنزل مكون من خمسة غرف إضافة لمرافقه، وهو مبنى قديم كان بحاجة لترميم وقد انتهت العائلة من ذلك قبل يوم واحد من قرار "الكابينت" بعد أن كلفها أكثر من (70) ألف شيقل لتحسينه.
"عندما سمعنا قرار الكابينت كان لدينا الأمل أن لا يكون منزلنا من المنازل المقرر هدمها، معنوياتنا عالية وقرار الهدم لم يؤثر علينا، فالبيت ليس أغلى من صاحبه، ونحن سنقبل بما سيختاره الله لنا"، أضافت أم معاذ.
وتؤكد العائلة أن قرار هدم منزلها ليس إلا قرارا جبانا وتصرفا غبيا من سلطات الاحتلال، مضيفة، أن "أي انتقام يريد الاحتلال تنفيذه سيجد ردة فعل قوية من الشعب الذي لا يسكت وسيفجر ثورة جديدة ليس فقط في سلواد بل في كل فلسطين".
وأشارت إلى أن كافة أهالي البلدة يرفضون قرار الاحتلال وسيتصدون له، حيث يقيم الشبان اعتصاما ورباطا يوميا في المنزل، بالإضافة لحضور متضامنين أجانب أيضا، وتابعت، "أناشد مؤسسات السلطة، وكل المؤسسات الحقوقية والإنسانية للتصدي لقرار هدم منزلنا ومنع الاحتلال من تنفيذ قراره".
وعن الاعتصام المتواصل في البيت المهدد بالهدم، قال نعمان شقيق معاذ لـ قُدس الإخبارية، أن عشرات الشبان يتواجدون كل ليلة في المنزل استعدادا للتصدي لأي محاولة لهدم المنزل، "سنتصدى لقوات الاحتلال ولدينا الأمل أننا سننجح في ذلك وسنمنعهم من هدم بيتنا".
وأوضح نعمان، أن الشبان أبدوا استعدادهم للاستمرار في حراسة المنزل وحمايته، وقال، "الشباب همتهم عالية وهم جاهزين لردع الاحتلال والتصدي له بكل قوتهم"، مضيفا، أن شبان من القرى المجاورة شاركوا أيضا في الاعتصامات وأبدوا استعدادهم لتلبية أي نداء تطلقه العائلة إذا حاول الاحتلال تنفيذ قراره.
[caption id="attachment_76689" align="aligncenter" width="600"] أحد الاعتصامات أمام منزل معاذ[/caption]وتابع، "هذا البيت بناه والدي حجر حجر، وتعب فيه كثيرا، وانا وأخوتي ولدنا وتربينا فيه، وهدمه يعني مأساة كبيرة لنا".
من جانبه، أكد رئيس بلدية سلواد عبد الرحمن صالح على أن قوات الاحتلال سلمت العائلة إخطار الهدم في وقت خبيث جدا، حيث تم تسليم الإخطار يوم خميس يليه يومي إجازة رسمية، ما يعني تضييع فرصة تقديم أي اعتراض خلال هذه الفترة
وأضاف صالح، أن البلدية أجرت اتصالاتها مع المؤسسات الحقوقية والإنسانية، كما اطلعت على استشارات عدد من المحامين، لتقدم اعتراض في محاكم الاحتلال وتثبته كخطوة أولى للتصدي لقرار الهدم، مؤكدا، أن بلدة سلواد بمؤسساتها وأبنائها ستقف أمام أي محاولة لاقتحام البلدة وهدم المنازل، وستتصدى بكل طاقاتها لمنع الاحتلال تنفيذ قراره.
يشار إلى أن قوات الاحتلال هدمت منذ بدء الانتفاضة الحالية ثلاثة منازل في القدس والضفة، كما أمهلت عدة منازل لشهداء وأسرى لإخلاء منازلها، وسط توقعات بمزيد من هذه القرارات، في إطار المحاولات المستمرة لقمع الانتفاضة.