شبكة قدس الإخبارية

"انتفاضة السكاكين" تربك نتنياهو سياسيًا وأمنيًا

عمر أبو عرقوب

فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: لم يكن تصاعد ردّة الفعل الفلسطينية على ممارسات الاحتلال في الضفة والقدس وتطوراتها وصل إلى ما يشابه "انتفاضة سكاكين" متوقعا بحسب جهات إسرائيلية مختلفة، ما أربك المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، وشكل نوعا من الردع الذي أجبر نتيناهو على تعديل بعض قراراته ومحاولة تهدئة الأوضاع.

ورصدت وسائل الإعلام الإسرائيلية الخميس 10 عمليات ردا على الانتهاكات والقرارات التعسفية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، الأمر الذي أثار معارضة إسرائيلية داخلية لطريقة تعامل نتنياهو مع الأحداث.

ارتباك نتيناهو

وظهر ارتباك نتنياهو بعد أن اتخذ قرارًا بمنع دخول أعضاء الكنيست الإسرائيلي والوزراء إلى المسجد الأقصى وساحاته، حيث أوعز بنفسه لشرطة الاحتلال في القدس بتنفيذ ذلك، خوفا من تفاقم الأوضاع وتطورها إلى ما هو غير متوقع، بعد أن أيقن بأن الأقصى يشكل شرارة انتفاضة بالنسبة للفلسطينين.

وفي ذات السياق نشرت صحيفة "معاريف" أن نتيناهو تراجع عن مخططات للبناء في حائط البراق والقدس وجمّد بعض الخطط الأخرى بسبب تفاقم الوضع الحالي وتطور الأحداث، رغم ضغط اليمين الإسرائيلي عليه بالرد بيد من حديد على الفلسطينين، إلا أنه حاول التملص من ذلك بالقول أنه لا يريد مزيدا من الفتائل التي ستشعل الأوضاع.

وظهر جليا من خلال خطابه مساء الخميس الذي كان بحضور كل من وزير الجيش موشيه يعلون، ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان وغيرهم، أنه يحاول تحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية واتهامه بالتحريض على "إسرائيل" خاصا بالذكر حركة حماس والسلطة الفلسطينية، علما أنه في نفس خطابه أشار إلى أن العمليات ليست منظمة وتأتي بشكل فردي في الغالب.

ولم يغفل نتنياهو عن التحريض المباشر على الحركة الإسلامية في الداخل تمهيدا لما يخطط له باتخاذ قرار بحظرها، معتبرا أن لها يد طويلة فيما عرّفه بالتحريض على تفجير الأوضاع والترويج لادعاءات كاذبة حول سياسة "إسرائيل" تجاه المسجد الأقصى، فلسان التهديد كان حاضرا في خطابه كمحاولة لإظهار القوة والردع.

ملامح الارتباك الإسرائيلي

وأشارت صحيفة "معاريف" إلى أن شرطة الاحتلال ستتعقب أي شخص يعلن نيته الاستشهاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة للاستفادة من عمل وحدات السايبر في "الشاباك" الإسرائيلي التي تعمل منذ سنوات لمراقبة الفلسطينيين، إلا أن الصحيفة نفسها أشارت خلال لقاء نشرته مع  رئيس قسم تكنولوجيا المعلومات في "الشاباك" "رونين هروفيتس" بعدم جدوى ذلك خلال أحداث الأسبوع الجاري التي نُفّذت بعد أن أعلن أصحابها على الفيسبوك بنيتهم الاستشهاد.

وتزامن ذلك مع دعوات أطلقها رؤساء بلديات الاحتلال في القدس وأسدود للمستوطنين بحمل السلاح بشكل دائم بذريعة  مواجهة ما وصفوه "الإرهاب" الفلسطيني حسب صحيفة "يديعوت أحرنوت". بينما أشارت شرطة الاحتلال إلى أنها بدأت في محاولة تنظيف "إسرئيل" من الأعلام الإسلامية. كما أشارت مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلية إلى موضوع إلغاء الرحلات والنزهات خوفا من العمليات الفلسطينية.

وفي سياق موجة الخوف هذه شرعت شرطة الاحتلال الخميس بنصب أبواب إلكترونية على مداخل البلدة القديمة والأقصى من أجل منع أي سلاح أبيص أو ناري من الوصول إلى مكان يمكّن صاحبه من تنفيذ عمليات ضد إسرائيليين ومستوطنين.

بينما ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن شرطة الإحتلال تلقت يوم الخميس ما يقارب 25 ألف اتصال من إسرائيليين في مناطق مختلفة، حول شبهات عن وجود مقاومين فلسطينين قد ينفذون عمليات ضدهم أو يحملون أحد أنواع الأسلحة.

وحاول الإعلام الإسرائيلي التحذير من مواصفات المقاومين الفلسطينين الذين يمكن أن يقوموا بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، بناء على مجموعة مواصفات وجدتها في شهداء العمليات التي نُفذت خلال الأسبوع الأخير التي كان أغلبها بشكل فردي وبوسيلة السلاح الأبيض.

المعارضة سبب ارتباك لنتنياهو

ولم يتوقف الارتباك على المستوى الأمني والمجتمعي الإسرائيلي، حتى أنه طال الساحة السياسية الإسرائيلية التي أعربت عن تشكيكها بقدرة نتنياهو التعامل مع الأحداث وتطوراتها، وقد أعربت عن ذلك المعارضة الإسرائيلية بشكل مباشر، منتقدة سياسة القمع التي يستخدمها نتياهو ضد الفلسطينيين.

فزعيمة حزب الحركة تسيفي ليفني اعتبرت دعوة رؤساء بلديات القدس وأسدود الإسرائيليين لحمل السلاح ما هي إلا تعبيرا واضحا عن فقدان سيطرة الحكومة ونتنياهو على الأوضاع، في حين أن اليمين الإسرائيلي المتشدد دعا في شعارات رددها خلال تظاهرة على تردي الأوضاع الأمنية نتنياهو للرحيل.

وصرحت زعيمة حزب "ميرتس" اليساري المعارض زهافا غلؤون قائلة، "المدن الإسرائيلية مشتعلة، هناك عملية تتبع عملية، وذلك كله بسبب فشل نتنياهو في لعثور على الخطوط العريضة لمنع التصعيد وإيجاد الحل السلمي،  محملةً له المسؤولية عن الوضع المزري الذي يعيشه الإسرائيليون".

وأكدت غلاؤون أنه لا يوجد حل سحري للأوضاع، "فكلام نتنياهو عن حكومة ذات قاعدة عريضة بلا معارضة سخيف وهروب من المسؤولية، والوضع الحالي ما هو إلا نتيجة الإهمال المتراكم من نتنياهو"، وطالبته بشكل مباشر بمنع اشتعال الأحداث بدلا من التفاخر بإخمادها بعد اشتعالها، فالحل الوحيد بنظرها هو تغيير مسار الأحداث بإيجاد اتفاق سلام دائم مع الفلسطينييين، مؤكدة، أن على نتنياهو الاستقالة إن لم يكن قادرا على فعل ذلك.

من جانبه اعتبر رئيس المعارضة وزعيم "المعسكر الصهيوني" يتسحاق هيرتسوغ، أن المظاهرات التي وقعت في يافا،  دليل آخر على فقدان نتنياهو السيطرة على الموقف، مما قد يؤدي إلى فقدان الشعور بالأمان لدى الإسرائيليين. وهو الأمر الذي أكده الكاتب باراك رافيد ملخصا تطورات الأحداث وخطاب نتنياهو في مقال نشره في صحيفة "هآرتس" الجمعة، حيث قال إن نتنياهو يفتقد إلى الرؤية الإستراتيجية في نظرته للأحداث.