شبكة قدس الإخبارية

عشوائيات شعفاط على شفا الانهيار

هيئة التحرير

القدس المحتلة – قُدس الإخبارية - أحمد شلش: على جانبي جدار الضم والتوسع العنصري الذي أقامته سلطات الاحتلال فوق أراضي بلدة شعفاط شرق القدس، ثمة مفارقة واضحة بين أحياء مستوطنة "بزغات زئيف" وأحياء رأس خميس ورأس شحادة وضاحية السلام ومخيم شعفاط.

فمنذ بدأت سلطات الاحتلال بناء الجدار قبل 13 عاما الذي عزل تلك الأحياء عن مركز القدس، شهدث تغيرات ديمغرافية وجغرافية، فقبل بناء الجدار كان يسكن المنطقة نحو 20 الف مواطن بينما أصبح عددهم الآن يزيد عن 80 الفا، في أحياء هي أشبه بالعشوائيات، وتجذرت في المنطقة عدة مشكلات تتعلق بالخدمات والأمن والسكان.

ورغم أن الاحياء الأربعة تتبع إداريا وامنيا لسلطات الاحتلال، كما هو حال الأحياء داخل الجدار، إلا أن شرطة الاحتلال وبلديته لا تتحملان مسؤولياتهما كقوة احتلال، ما أوجد ثلاث آفات رئيسية في المنطقة، هي غياب التخطيط العمراني ونقص الخدمات الحياتية وانعدام الأمن الذي ادى لانتشار السلاح والمخدرات.

ويبدو ظاهرا للعيان أن المنطقة تفتقر لأدنى المخططات الهندسية ما خلق ابراجاً سكنية تفتقر لأدنى معايير السلامة، فعشرات المباني التي يزيد ارتفاعها على 10 طبقات، كلها اقيمت وفق أهواء المقاولين دون رقابة أي جهة، بخلاف ما يبدو واضحا في الأحياء الاستيطانية المقابلة.

العشوائيات.. قنابل موقوته

ويقول رئيس لجنة المثلث المقدسي جميل صندوقة، إن المنطقة تفتقد لدنى معايير الرقابة الهندسية، "إذ أن مهندسي بلدية الاحتلال في القدس الذين يجب أن يتابعوا تلك المشاريع يزورنها مرة واحدة، غير أن تلك المشاريع تحولت لابراج من الممكن أن تنهار في اي وقت ممكن لعدم الاهتمام بالجودة".

ويوضح صندوقة، أن أغلب المشاريع السكنية أقيمت خلال السنوات السبع الماضية، في اعقاب اكتمال بناء الجدار العنصري في المنطقة، وهو ما شكل ملاذا آمنا للمقدسين غير القادرين على تحمل الاعباء الاقتصادية داخل مدينة القدس (أجور المنازل أو اثمانها المرتفعة)، مشيرا إلى "أن بعض المشاريع أقامها أشخاص بغرض مساومة المقدسيين على منازلهم داخل البلدة القديمة في القدس".

ومن الناحية القانونية، يحتفظ كل فلسطيني من القدس بهويته في حال السكن بالمنطقة، وهو ما فاقم المشكلة عندما بدأ المئات منهم بالانتقال من مناطق سكانهم في الضفة إلى شعفاط خشية فقدان الهوية.

وتوضح المحامية نسرين عليان من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، أن انتقال السكان للمنطقة التي كانت مهيئة لخدمة 20 ألف نسمة فقط، حولها لما يشبه العشوائيات، "إذ أن عدد السكان وصل مؤخرا لما يزيد عن 80 ألفا دون التعديل على البنية التحتية لخدمتهم".

النفايات تغرق الأحياء

وفاقت الزيادة السكانية الكبيرة كل الخدمات التي تقدمها بلدية الاحتلال في القدس للمنطقة، وتشير المحامية عليان إلى أن عطاء إزالة النفايات مثلا الذي طرحته البلدية الاحتلالية قبل سبع سنوات كان بهدف خدمة 20 الف نسمة وحين أصبح عدد السكان أربعة أضعاف بقي العطاء على حالة، الأمر الذي حول المنطقة لمكرهة صحية، والحل ببساطة حرق النفايات وسط احياء سكنية شديدة الاكتظاظ.

وتضيف عليان، أن بلدية الاحتلال تمنح العطاء لمتعهد إسرائيلي، وهو بدوره يمنحه لمقاول عربي، "وكلاهما يريد أن يأخذ نصيبه من المرابح، والعامل أيضا يعمل وفق الأجر القليل الذي يتقاضاه، فنجد أن كمية النفايات التي تُجمع هي ربع ما تنتجه المنطقة".

ولنقص الخدمات ايضا، يضطر طلبة المدارس لاجتياز حاجز شعفاط العسكري للوصول إلى المدارس داخل مدينة القدس، حيث يدرس هناك 3500 طالب وطالبة، فالاحياء الثلاثة (رأس خميس، رأس شحادة، ضاحية السلام) تخدمها مدرسة واحدة تابعة لبلدية الاحتلال تضم 600 طالب وطالبة في المراحلة الابتدائية، كما يوجد 6 مدارس تابعة لوكالة "الأونروا" مخصصة لطلبة مخيم شعفاط.

وفي الآونة الأخيرة، ارتفع أعداد الطلبة الذين تعتقلهم شرطة الاحتلال، إذ يؤكد جميل صندوقة أن الاهمال الذي تمارسه سلطات الاحتلال في المنطقة أصبح يقابل بإلقاء الحجارة على مركبات المستوطنين أو على القطار الخفيف داخل القدس، أو بالتصدي لاقتحامات المتطرفين اليهود للأقصى، "وغالبية المعتقلين على خلفية تلك التهم من طلبة المنطقة".

فلتان أمني

ولا تقتصر معاناة السكان على قلة الخدمات ومشكلة التخطيط العمراني، اذ أن انعدام الأمن لغياب أذرعه من التواجد المستمر ادى لانتشار كثيف للسلاح ما رفع نسبة جرائم القتل والسطو المسلح والمشكلات العائلية.

وحسب شهادات السكان، فإن شرطة الاحتلال وأجهزة المخابرات الاسرائيلية تدخل المنطقة فقط لحدث "أمني" يتعلق بالجانب الاسرائيلي، وتحظر على أجهزة الامن الفلسطينية دخولها.

ويؤكد بهاء نبابته مسؤول الطوارئ في المنطقة، أن العام الحالي شهد حتى الأن قرابة 30 عملية سطو مسلح، بالاضافة لـ10 جرائم قتل "إما خلال السطو المسلح، أو خلال شجارات عائلية، المواطن الفلسطيني هنا لا يشعر بالامان".

ويضيف نبابته، أن الشرطة الاسرائيلية تغض الطرف عن كل المشكلات التي تحصل مع الفلسطينيين، "غير أنها تسهل في بعض الأحياء انتقال الأسلحة للمنطقة ولا تلاحق تجار المخدرات".

المخدرات.. آفة المجتمع

ووفق تقديرات مختصين، فإن 10 الاف مدمن ومتعاط يعيشون في منطقة شعفاط وما حولها، ويخفي هذا الرقم الكثير من التفاصيل المخيفة والعائلات المنكوبة فمن بين المدمنين اطفال ونساء.

وتؤكد الاخصائية النفسية في جمعية النور لتأهيل المدمنين ثورة انجاص، أن الجانب الإسرائيلي يسهل دخول المخدرات للمنطقة بهدف ضرب فئة الشباب. وتوضح انجاص، أن تجار المخدرات ومروجيها يعتمدون عدة طرق لجرّ الشباب إلى شركها، "فأغلب الاغراءات تتم بالادعاء أن تلك المواد هي للجرأة والشجاعة، أو للتواصل مع الجنس الآخر بطريقة أفضل، أو لتدرس بشكل أفضل والعمل بقدرات أكبر وغيرها من الاغراءات التي تستهدف الناشئين".