شبكة قدس الإخبارية

"أزمات الأونروا بغزة" .. تُهدد الموظفين والطلبة!

هدى عامر

غزة-خاص قُدس الإخبارية: لم تكتمل فرحة الطالب "محمود" بلباسه المدرسي الجديد، فما أن وصل باب مدرسته بعد عطلة الإجازة الصيفية حتى أغلقت المدرسة أبوابها أمامه، وهو الذي ينتظرها منذ شهور، مُحضرًا له قرطاسيته وزيّه الذي اشترته والدته ليفرح في يومه الأول، لكنها قابلته بالصد مشرعة سهام الغياب مرة أخرى.

وفي وقت التزم فيه طلبة المدارس (الحكومية) في قطاع غزة بأول يوم دراسي، غادر طلبة "أونروا" مدارسهم بسبب تعليق الموظفين "الدوام".

فمدارس قطاع غزة، تنقسم إلى قسمين، الأول تشرف عليه وكالة "أونروا"، ويدرس فيها طلاب ينتمون لعائلات فلسطينية لاجئة، هُجّرت من مدنها وقراها عام 1948، والقسم الثاني حكومي، تُشرف عليه وزارة التربية والتعليم، ويدرس فيها طلاب ينتمون لعائلات قطاع غزة الأصلية (غير اللاجئة) بالإضافة إلى طلاب لاجئين أيضًا، ويبلغ عدد الطلبة الذي يدرسون في المدراس الحكومية، نحو 232 ألف طالب، موزعين على (265) مدرسة، أما وكالة "أونروا"، فتدير 252 مدرسة، يدرس فيها نحو 248 ألف طالب.

وكان موظفو وكالة الغوث "الأونروا"، ومن ضمنهم المعلمين قد أعلنوا الإضراب، احتجاجًا على سياسة الأونروا بتقليص خدماتها والتي كان من ضمنهم "إجازة استثنائية بدون راتب ولعامٍ كامل، كما زيادة عدد الطلاب في الفصل الواحد، إضافة إلى المطالبة بالتراجع عن قرارات التقليص في الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين في أماكن عمل أونروا الخمس.

قرابة الـ 13 ألف موظف يعمل في وكالة الغوث، خرجوا أمس الإثنين في مسيرة كبيرة "مسيرة الغضب والرفض" جابت شوارع مدينة غزة احتجاجًا على قرارات الوكالة الأممية الأخيرة، منطلقةً من مقر الوكالة الرئيس في مدينة غزة وصولًا إلى مقر الأمم المتحدة، تزامنًا مع بدء العامل الدراسي بشكل رسمي في فلسطين.

ورفع هؤلاء شعارات ولافتات تطالب بتقليص عدد الطلاب في الفصل الواحد، حيث قررت الوكالة رفع عددهم لـ 50 طالبًا في الفصل بعدما كان "32"، مؤكدين أن التعليم حق كفلته كل المواثيق الدولية.

ففي 29 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت "أونروا"، أن 85% من إجمالي عدد موظفيها الدوليين البالغ عددهم 137 موظفاً، والذين يعملون بعقود قصيرة الأجل، سينفصلون عن العمل، وفق عملية تتم على مراحل وتستمر حتى نهاية سبتمبر/أيلول المقبل، كما أعلنت في الشهر نفسه، فتح باب التقاعد الطوعي، قبل بلوغ السن القانوني للتقاعد (60 سنة)، بهدف تقليص النفقات والتكاليف الداخلية لديها.

وقالت الوكالة في بيان لها، آنذاك، إن ذلك يأتي "ضمن الإجراءات التي تتبعها لخفض التكاليف الداخلية، مع ضمان استمرار تقديم الخدمة لـ اللاجئين الفلسطينيين، تزامنًا مع التراجع الواضح في الدعم المالي المقدم من الدول المانحة".

لكنه وبالتزامن مع المسيرة، قالت الوكالة في بيان لها" إن المفوض العام للوكالة، بيير كرينبول قرر تجميد قرار الإجازة الاستثنائية للعاملين بدون راتب".

سهيل الهندي، رئيس اتحاد الموظفين العرب في وكالة “أونروا” في قطاع غزة قال "إن تجميد قرار الإجازة الاستثنائية للعاملين بدون راتب لا يكفي”، مضيفًا أنه يجب على الوكالة وقف قرار زيادة عدد الطلاب في الفصل، وإبقاءه في حدود 38 طالباً داخل الفصل الواحد”.

وأشار الهندي ” أن قرار التقليصات سياسي بامتياز، وجاء لينهي وكالة الغوث”، مضيفًا أن تعليق العمل والدراسة، في كافة مدراس أونروا في قطاع غزة، جاء احتجاجًا على قراراتها، داعيًا الوكالة إلى عدم اتخاذ أي قرار من شأنه تقليص الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين، خاصة في برامج التعليم والصحة.

الموظفون والأهالي باتوا متخوفين مما ستؤول إليه تقليصات الأونروا، فقرار الاجازة بدون راتب، يهدد استقرار العمل الوظيفي، ويهدر حق الموظف في البقاء على رأس عمله، كما أن زيادة عدد الطلبة يهدد العملية التعليمية

الأستاذ يوسف عطا الله، يقول لـ قُدس الإخبارية، أن خروجه في مسيرة الغضب والرفض هو أقل ما يمكن فعله تجاه قرارات الأونروا التي اعتبرها تخلي عن مسئولياتها وما ستؤول إليه هذه القرارات من نتائج سلبية

وأضاف أن قرار الأونروا الخاص بإجازة بدون راتب لتقليص أعداد الموظفين وزيادة أعداد الطلبة، يهدد استقرار العملية التعليمية، على صعيد المعلم والطالب على حدٍ سواء، متسائلًا " هل سيدير المعلمُ فصلًا يتواجد فيه 50 طالبًا بنفس الآلية السابقة التي تضمن تفاعل وفهم الأغلبية؟!"

الأهالي بالمقابل كان لهم تساؤلاتهم، فأم سليم أبو راس "أم لثلاثة طلبة بمدارس الغوث" تساءلت: " كيف لأبنائنا الطلبة أن يضمنوا حقهم في وصول المعلومة بشكلٍ مريح وكيف للمعلم أن يهتم بالطلبة في ظل هذا العدد الكبير، وكيف سيتفاعل الطلبة مع بعضهم بارتياح دون تدافع أو أضرار؟!"

وأشارت أبو راس أن العملية التعليمية في وكالة الغوث لم تعد كالسابق، مضيفة " كنا زمان نتباهى بأننا درسنا في مدارس الوكالة وأبناءنا من بعدنا، لكن الوضع الحالي لا يدفع للتباهي أبدًا، حتى أننا لا نعرف متى سيداوم الطلبة بانتظام هذا العام "

أما عبد اللطيف مغاني، فقال إنه من الضروري مطالبة الأونروا بالتزام مسئولياتها تجاه قضية اللاجئين وعلى راسها قضية التعليم التي تشكل عماد المجتمع، معتبرًا أن أزمات الأونروا "مفتعلة وسياسية" وتزيد هموم ومآسي الفلسطينيين في غزة.

عصام عدوان، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس بغزة، قال إن الوكالة الأممية مطالبة بطرق أبواب جديدة للمانحين، وأن حياة اللاجئين الفلسطينيين باتت مهددة بفعل التقليصات والحديث المتكرر عن العجز المالي”، مضيفاً “مطلوب من الوكالة استخدام دعاية سليمة، وطرق أبواب مانحين جدد من أجل إغاثة اللاجئين، وتقديم الخدمات الإنسانية لهم، والعمل على إغاثتهم”.

واستدرك بالقول “حديث الوكالة المتكرر عن الأزمة المالية قد يكون الهدف الأساسي منه استفزاز المجتمع الدولي، لحثه نحو الإيفاء بالتزاماته الإنسانية تجاه اللاجئين، والأخطر من ذلك أن يكون ما يجري مخطط لإنهاء عملها، وتصفية قضية اللاجئين”.

وكانت وكالة "أونروا" قد أعلنت نهاية الأسبوع الماضي، عن افتتاح العام الدراسي في موعده (الإثنين القادم) بعد أسابيع من تحذيرات أطلقتها عن إمكانية تأجيله بسبب وجود عجز مالي بقيمة 101 مليون دولار في ميزانيتها، بعد أن حصلت خلال الأسبوع الماضي على مبالغ مالية وصلت لـ 78.9 مليون دولار.