القدس المحتلة- خاص قُدس الإخبارية- رناد شرباتي: ضحكات الطفولة وهفواتها تنعش بيوتنا، فهم كالزهور في البساتين مغروسين لتزهيه جمالا. إن فُقدوا فُقد سكر البيت الذي يحليه.
وكذلك بيت الله في المدينة المقدسة "المسجد الاقصى" اذ تجد أطفاله جعلوا من ساحاته مرتعا وملاذا لقلوبهم الصغيرة، ناشرين السعد بضحكاتهم عندما يغيب عن المكان.
ما أن تدخل المسجد الاقصى حتى ترى الأطفال ينتشرون في كل باحاته وأروقته، وكل له طقوسه الخاصة في هذا المكان منهم من هو معتاد على زيارته ومنهم من كانت له الزيارة الاولى بحكم القيود المفروضة عليه.
الاقصى متاعهم الوحيد
بالجهة الغربية من المسجد الأقصى وبالقرب من سبيل "قايتباي" كانت مجموعة من الفتيات الصغار لما تتجاوز اعمارهن 10 أعوام يدرن حول السبيل يلعبن احدى العابهن الطفولية منهن الطفلة سدين والتي تسكن بالقرب من باب السلسة في البلدة القديمة، تقول سدين لـ شبكة قُدس " اعتد أن آتي دوما الى المسجد الاقصى ونلعب في باحاته مع اختي وصديقاتي خاصة أننا لا يوجد لدينا ساحة في بيتنا كما هو حال بيوت البلدة القديمة فالمسجد الاقصى هو منفسنا الوحيد".
[caption id="attachment_70531" align="alignleft" width="400"] مجموعة من الفتيات الصغار لما تتجاوز اعمارهن 10 أعوام يدرن حول السبيل يلعبن احدى العابهن الطفولية[/caption]وعندما يحين موعد الصلاة ترتدي نادين وصديقاتها غطاءا على رؤوسهن ليصلين في مسجد قبة الصخرة حيث اعتدن.
مصادرة فرحتهم
ومن حي راس العامود جنوب شرق المسجد الاقصى جاء الطفل عمر عباسي (12 عاما) الى المسجد الاقصى برفقة اولاد عمه الذي يقاربونه بالسن، وهم يأتون دوما لوحدهم اليه خاصة أيام العطل المدرسية يجلسون بحلقة داخل المصلى القبلي ويبدأون بتلاوة القران الكريم وحفظ آياته ولا يقطعون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى. يقول العباسي لـ شبكة قُدس " دائما يشجعني والدي على الذهاب للمسجد الاقصى ويحثني للدوام على صلاة الجمعة" .
ولكن لا بد من صعوبات يتعرض لها المصلون عامة والاطفال خاصة من قبل شرطة الاحتلال، فلا يكتفي المستوطنون بتدنيس المسجد الاقصى بل وحتى يحرمون أطفالا من الاستمتاع بلحظة فرح مع بعضهم البعض فيضيف العباسي " في أوقات بعد انهاء الصلاة وقراءة القران ألعب مع اصدقائي بكرة القدم في باحات المسجد الاقصى الخالية من المصلين، الا أن شرطة الاحتلال توقفنا وقد تصادر الكرة بحجة إعاقة حركة المستوطنين عند اقتحامهم للمسجد الاقصى ولتأمين حركتهم وتجولهم بحسب ما يدعون".
الاقصى يحتضن اطفال الضفة والقدس
عندما يجتمع أطفال القدس والضفة في باحات الاقصى ورغم لقائهم الاول الا ان جميع القيود تكسر فهم ذو قلوب صغيرة لا يعرفون معنى الحواجز ولا القيود وباحلامهم البسيطة والعفوية تجعل منهم ورود المكان .
فالطفل ادم بهجت (10 سنوات) حظي اليوم على أول فرصة للدخول الى المسجد الاقصى وذلك لانه من سكان الضفة الغربية من بيت ريما حيث لا يستطيع الدخول الا بتصريح من شرطة الاحتلال التي تمنعهم من الدخول بدونه.
[caption id="attachment_70534" align="alignleft" width="400"] أطفال القدس والضفة يجتمعون في باحات الاقصى للصلاة وقراءة القرآن واللعب[/caption]بعد المرور من الحواجز الاسرائيلية والتفتيش برفقة والديه استطاع الطفل ادم الدخول الى المسجد الاقصى يقول ادم لـ شبكة قُدس "كنت دائما اطلب من والدتي ان تأخذني الى المسجد الاقصى لكنها تخبرني بعدم حصولها على التصريح، حتى استطاعت أن تحصل عليه مع بداية شهر رمضان ". وأكد ادم انه لن يضيع اي فرصة يستطبع الدخول فيها الى المسجد الاقصى.
لم يكن ادم وحده عندما قابلناه بل كان مع مجموعة أطفال يلعبون كرة القدم وكأنهم أصدقاءه منذ زمن، ولكنها المرة الاولى التي يلتقي فيها معهم وهم أطفال مقدسيون يأتون دوما الى الاقصى، وما أن تعرفوا عليه حتى عرفوه على المكان في جولة بباحاته وشاركوه العابهم.
من يغرس حب الاقصى؟
وعندما يغرس الأهل حب الاقصى في قلوب أطفالهم، بالتأكيد سينشأ جيلا يحمل قضية، تماما كما يفعل محمد شقير من بلدة سلفيت جنوب غرب مدينة نابلس مع أطفاله، فكانت بجواره طفلته الصغيرة التي لا تتجاوز العشرة أعوام وهي تطير فرحا بوجودها في المسجد الاقصى. وعند سؤالها عن هذه السعادة قالت " لقد وعدني أبي إن ألتزمت بأداء صلاة الفجر سيكافئني ويصطحبني معه الى الاقصى وقد اوفى بوعده لي اليوم".
ويقول شقير لـ شبكة قُدس" حب الاقصى لا يأتي فقط من وصولنا اليه فنحن لا تحن لنا الفرصة بالقدوم دوما بحكم القيود المفروضة علينا ولكن الاقصى يجب ان يكون فينا وليس فقط نحن فيه. ويجب تعزيز ذلك بأن لا نضيع أي فرصة للقدوم اليه ففي أيام الخميس آتي مع طفلي ونعتكف ليوم الجمعة".
[caption id="attachment_70535" align="alignleft" width="400"] كرة القدم حاضرة في باحات الأقصى[/caption]استثمار الأطفال
ان للمسجد الاقصى رسالة في تربية الاطفال وتعريفهم بأخلاق المسجد وادابه ووجود هؤلاء الأطفال مع ذويهم يتعلمون القران والصلاة فيه له أهمية كبيرة لينمي لديهم حب المسجد الاقصى ويقول مدير التعليم والتأهيل في دائرة الاوقاف بالقدس ناجح بكيرات "إن مجيئ الأطفال الدائم ومشاهدتهم لجنود الاحتلال على الابواب والاقتحامات للمسجد الاقصى سيفهمون أهمية المسجد الاقصى والخطر الذي يتعرض اليه فيصبحون أصحاب قضية يدافعون عنها ".
وأكد بكيرات على أهمية استثمار هؤلاء الاطفال بالشكل الصحيح فهناك مشاريع كثيرة تعقد في المسجد الاقصى كمشروع "حصالة طفل الاقصى" القائمة عليه مؤسسة الوقف والتراث، والذي يحث الطفل على أن يجمع من مصروفه للتبرع للفقراء والمساكين كما حثنا الدين الاسلامي.
إضافة الى مشروع "تعرف على الاقصى" الذي تفوم به دائرة التعليم في الاوقاف عن طريق تشجيع زيارة طلبة المدارس للمسجد الاقصى حيث يخصص كل يوم لمدرسة بأن تحضر طلابها ويكون دوامهم المدرسي في رحاب المسجد الاقصى يتعرفون على معالمه. وغيرها من المشاريع كالمخيم الصيفي للأطفال ومشاريع حفظ القران والتجويد.
ورغم أهمية تواجد الأطفال لا بد من مراعات حرمة المسجد الاقصى، فيقول بكيرات "يجب ان لا نخل بنظام العبادة فلا بأس في اللعب ما دام بآداب المسجد ومراعاة لحرمة دون ازعاج المصلين او اتلاف معالم الأقصى" .
فالاقصى ملاذا للأطفال وهم الجمال فيه.