غزة - خاص قدس الإخبارية: بأنامل صغيرة تتحرك بخفة فوق أوتار القانون، يعزف الفنان "عبد العزيز" موسيقاه، باعثًا الأمل في غزة، أن لحن الحياة أقوى من رائحة الموت.
عبد العزيز أسعد أبو شرخ (13عامًا)، طالب في مرحلته الإعدادية، من مدينة غزة، بدأ العزف منذ كان في السادسة من عمره، رغم صغر سنه وصعوبة البدايات لكنه تفوق على نفسه وأصبح من أسماء العازفين المميزين في غزة.
ولأن الحلم تركة العاشقين، فقد منح أسعد أبو شرخ – والد عبد العزيز – حلمه لابنه الصغير، فيقول عبد العزيز،" كان والدي يطمح بأن يكون موسيقيًا مشهورًا، لكن حلمه نفذ ولم يحالفه الحظ فيه، فأراد والدي أن أدخل معهد الموسيقى، لكي أحقق له جزءًا من حلمه الذي كان يحلم به في صغره.
"ذهبتُ إلى مدرسة ادوارد سعيد، وهي المدرسة الوحيدة في غزة لتعليم الموسيقى، قدمتُ أوراقي وطلب لتعلم الموسيقى، "طلبوا مني أن أقدم امتحان موسيقى على الإيقاعات، وعددوا لي كل آلات العزف ومن بينها القانون، فاخترته للعزف عليه"، هذه كانت البداية يقول عبد العزيز.
وعن اختيار آلة القانون تحديدًا، يقول، "لم أكن أعلم بوجود تلك الآلة المثلثة الشكل، المكون من 72 وترًا، فطلبت منهم أن ألقي نظرة عليه فأعجبني وقررت أن أكون مختلفًا، فالقانون مميز".
ويضيف عبد العزيز لـ قدس الإخبارية، "كنت أحبُ الموسيقى قبل كل شيء، ويزداد حبي عندما أسمعها وأشاهد العازفين وهم يصنعون لنا تحفًا موسيقية، حتى أن رؤيتهم كانت تزيدني حماسًا للتعلم بسرعة أكبر".
أما عن آلية التعلم، فكل البدايات صعبة، فقد تعلم عبد العزيز على السلم الموسيقي والسماعي، بعد أن أخذ الدروس النظرية، فيقول، "كنت أحفظ فقط، وأعزف تحت إشراف المدرب، وبعد فترة أصبحت قادرًا على قراءة النوتة الموسيقية وعلى العزف بمفردي وبمهارة".
الموسيقى.. سلام ومقاومة
بدى عبد العزيز فيلسوفًا صغيرًا وهو يكرر كلام أفلاطون عن الموسيقى، بقوله إن "الموسيقى غذاء الروح، هي كل شيء، تعلمنا الصبر، هي السلام"، أما عن أوقات الحرب، فيقول، "دمر الاحتلال معهد الموسيقى، واحترقت جميع الآلات الموسيقية الخاصة بنا وانقطعنا فترة زادت عن ستة أشهر عن التدريب، مع العلم أنني بدأت العزف قبيل حرب عام 2008".
كما يوضح أن العزف كان سبيله للخروج من حالة الحرب والدمار، وكان يلاحظ أن معزوفاته كانت تتسم بالحزن، مضيفًا "كنتُ أشتاق إلى رؤية أصدقائي للعزف سويًا، ونحاول تأليف مقطوعاتنا، للخروج من الأجواء التي كنا نعيشها".
"نحن نبحث عن السلام، لذا نقاوم بالموسيقى" كلمات قالها أبو شرخ معتبرًا أن غزة بحاجة إلى الموسيقى لأنها بحاجة إلى السلام وإلى صوت الحياة ينبعث منها كلما أردوا لها أن نموت وهي عصية على الموت".
كما اعتبر أبو شرخ أن الموسيقى "سلاحًا" ضد الاحتلال، فهو يرى أنه يواجه زيف الاحتلال وادعاءاته بتنقل موسيقاه عالميًا للتأكيد على أن أطفال فلسطين ليسوا أطفال حرب، إنما هم ضحايا يقتلهم الاحتلال بوحشية.
ويستعرض موقفًا واقعيًا، فيقول "شاركت في حفل بتركيا، مثلت فلسطين بالدبكة والعزف، وهناك تحدثت عن عدالة قضية فلسطين، فما كان من الحضور إلا البكاء والتصفيق والتأكيد على وقوفهم بجانبنا وأننا سننتصر".
أحلام كبيرة
الحُلم لا يحده عمر، فعلى نعومة أظفاره، إلا أن أحلامه الكبرى باتت طريقًا يتطلع إليه ويسير نحوه بخطىً ثابتة، فهو يتطلع مبدأيًا إلى تأليف نوته التي تضمن موسيقاه الخاصة، ويعزفها انفرادًا بمهارة، ومن ثم يسعى إلى تشكيل فرقة موسيقية يكون اسمها "زهرة المدائن" نسبة إلى عاصمة السلام.
"سنصل للعالمية"، بدا واثقًا من قولها، وهو يتحدث عن فرقته التي سيشكلها لتعزف لحنًا شرقيًا تمامًا، وستكون فرقة خاصة بآلة القانون تعزف الموسيقى الفلسطينية، وسنجوب العالم باسم عدالة قضيتنا لنشر السلام الذي نتطلع إليه".
يشار إلى أن العازف أبو شرخ يعزف في فرقة فلسطينية وطنية تابعة لمعهد الموسيقى، لإحياء حفلات وطنية، نعزف خلالها المقطوعات الفلسطينية التراثية، كما شارك في العديد من المؤتمرات والمؤتمرات ضمن حملات المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية، وكذلك الحفلات التي تتعلق بالمناسبات الوطنية والإعلامية وحفلات المعهد الموسيقي.