القدس المحتلة – ترجمة قُدس الإخبارية: شهر على استئناف عمل حكومة نتنياهو الرابعة، والاتهامات لرئيسها بنيامين نتنياهو بممارسة الحكم الاستبدادي تتزايد، وسط تحذيرات من أن نتنياهو سيتخذ موقفًا صارمًا ضد المؤسسات الإسرائيلية المعارضة لسياساته، وعلى رأسها منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام والمحكمة العليا.
زعيم المعارضة الإسرائيلية اسحق هرتسوغ، حذر نتنياهو الشهر الماضي من رفع يده على القضاء والإعلام والأقليات في "إسرائيل"، مضيفًا، "يبدو أنا تعلمنا الحيل من الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة".
ويتابع تحليل نشره موقع ميدل ايست آي البريطاني، اليوم السبت، بأن مراقبون يخشون من تحالف يميني ضيق مثل هذا الحاكم حاليًا، من شأنه أن يعطي الوزراء حرية واسعة في سن القوانين الدكتاتورية، مثل منح نتنياهو نفسه صلاحيات جديدة لمخالفة القانون هذا الأسبوع.
وقد دفع هذا القرار عضو الكنيست دوف حنين للتساؤل، "هل نحن مقبلون على استبداد؟"، كما عزز تساؤله قول زعيم حركة السلام غوش شالوم، بأن اليمين المتطرف وجد الثقة بالنفس وهو عازم على استخدام قوته، وذلك في عمود كتبه مؤخرًا بعنوان "من ينقذ إسرائيل؟".
ويضيف التحليل، بأن حكومة نتنياهو أعلنت عن مشروع قانون لمعاقبة الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان في فلسطين، المتخصصة في رصد انتهاكات الاحتلال لحقوق الفلسطينيين في الضفة أو فلسطينيي أراضي 48 والمهاجرين الأفارقة.
ويحذر محللون من أن نتنياهو يستعبد تخويف بعض وسائل الإعلام التي تنتقده مقابل دعم صحيفة "إسرائيل اليوم"، لتدعم من جانبها نتنياهو وبقوة، كما يوازي ذلك مخاوف بشأن إمكانية دخول نتنياهو في صراع مع محكمة الاحتلال العليا، بسبب الخلاف بين الطرفين، وهو ما دفعه لتعيين ايليت شاكيد وزيرة للقضاء، وهي المعروفة بأنها من أشد المنتقدين للمحكمة، وقد حاولت سابقًا إدخال تشريعات لتحييدها.
ونقل تحليل الموقع البريطاني، تصريحات لنتنياهو قال فيها بان "إسرائيل" ليست مثالية، لكنها رغم التحديات التي تواجهها من الديمقراطيات الكبرى في العالم، زاعمًا بأن حكومته استثمرت بشكل كبيرة لمساعدة فلسطينيي الداخل المحتل، كما وعد بالحفاظ على استقلالية المحكمة العليا، وأنه ينوي زيادة المنافسة بين وسائل الإعلام وليس السيطرة عليها.
لكن رغم كل ذلك فإن النقاد غير مطمئنين، يضيف الموقع ناقلاً عن دبلوماسي أوروبي في القدس قوله، بأن "إسرائيل" قد تشن حملة شرسعة في عواصم أوروبا لاقناعها بوقف جمعيات حقوق الإنسان الإسرائيلية، وأبرزها جمعيتا "بتسيلم" و"كسر الصمت".
وأضاف المصدر الذي لم يتم الكشف عن هويته، بان الضغوط التي تمارس على الأوروبيين بهذا الشأن من وراء الكواليس مكثفة، وأن "إسرائيل" تريد إسكات هذه الجمعيات التي تعتقد أنها تشجع حملة المقاطعة الدولية المتنامية، أو تساعد في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية التي انضمت السلطة الفلسطينية إليها مطلع نيسان المنصرم.
ومن هذه الضغوطات؛ الخلاف الذي تفجر بين "إسرائيل" وسويسرا الأسبوع الماضي بسبب معرض أقامته جمعية كسر الصمت في زيورخ، ونقلت فيه شهادات لجنود إسرائيليين شاركوا في العدوان الأخير على قطاع غزة، بالإضافة لضغوطات أخرى تنفذها وزارة خارجية الاحتلال بشكل منظم على هذه الجمعيات ونشاطاتها.
ويضيف ميدل ايست اي، بأن أحزاب الائتلاف الحكومي ستقدم مشروع قانون المنظمات غير الحكومية، الذي يهدف لإلزام هذه المنظمات بالحصول على موافقة وزارتي الحرب والخارجية على التمويل الذي يتلقونه من الحكومات الأجنبية، وهو ما يعتبر ضربة لحقوق الإنسان وللجمعيات المتعاطفة مع الفلسطينيين.
وخلال الكنيست السابق؛ حاولت حكومة نتنياهو تمرير تشريع يصنف الجمعيات اليسارية التي تتلقى تمويلاً من الخارج بأنعا "عملاء أجانب"، إلا أن هذا الاقتراح تم تجميده بعد احتجاجات من الحكومات الغربية.
في الوقت ذاته، فإن وزارة الاتصالات التي يرتبط عملها أيضًا بالإعلام، باتت بحوزة نتنياهو الذي صار وزيرًا للاتصالات، كما عين نفسه مسؤولاً عن هيئة الإذاعة في "إسرائيل"، وقد قال المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس" التي هاجمت نتنياهو مرارًا خلال حملته الانتخابية، إن هذا هو وقت الثأر بالنسبة لنتنياهو الغاضب من هذه التغطية.
ويرى محللون، بأن التهديدات المالية هي إحدى وسائل نتنياهو الفعالة لتخويف المذيعين الذين يعتمدون على إعلانات دولة الاحتلال، حيث عرض نتنياهو إغاثة القناتين الثانية والعاشرة التي تعاني ديونًا تهددها بخطر الإغلاق.
ويمثل القضاء ثالث الجهات التي يستهدفها نتنياهو لإتمام دكتاتوريته، حيث فاجأ نتنياهو الكثير من القانونيين بتعيين ايليت شاكيد وهي واحدة من أشد المنتقدين للمحكمة العليا في منصب وزيرة العدل، وهو ما اعتبره قاضٍ في المحكمة دعوة من الحكومة إلى المحكمة للقتال.
ويقول أستاذ القانون في الجامعة العبرية دافنا جولان، إن المحكمة نادرًا ما تحمي حقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أو "إسرائيل"، لكن أعرب عن قلقه من رغبة شاكيد في إضعاف ذلك.
وعرضت شاكيد هذا الأسبوع أول قانون لها كوزيرة للعدل، وهو سجن كل من يثبت إلقاؤه الحجارة لمدة 10 سنوات بغض النظر عن آثار ما فعل، وهل ألحق أذى بحد أم لا، وهو القانون الذي يؤكد مراقبون أنه لن يطبق إلا على الفلسطينيين، وقد علق جولان بأن مثل هذه القوانين تزيل "طبقة ديمقراطية أخرى".
يشار إلى أن مراقبين تحدثوا أيضًا عن حرب أخرى تشنها حكومة نتنياهو على حركة المقاطعة العالمية (BDS)، وهي الحرب التي يحذر المراقبون من أنها ستتضمن "حيلاً قذرة" وربما عنفًا من الاحتلال بحق نشطاء الحركة.