جنين – خاص قُدس الإخبارية: يطالب المهندس بلال محمد ستيتي (35 عامًا) من مخيم جنين، بحياة هادئة وعمل في مجال خبرته ودراسته، بعيدًا عن ملاحقات الأجهزة الأمنية التي تضيف يومًا إثر آخر المزيد من المعاناة والألم لجسده المثقل أصلاً بفعل سنوات اعتقاله الأربعة في سجون الاحتلال.
ويحمل بلال درجة البكالوريوس في تخصص هندسة الاتصالات، إلا أن الاحتلال اعتقله عام 2006 ووجه له تهمة الانتماء لتنظيم محضور هو كتائب القسام والتدرب على تصنيع أدوات مقاومة، حيث تعرض لأشكال مختلفة من التعذيب خلال التحقيق معه، أدت لإصابته بإعاقة دائمة في مفصل قدمه اليسرى.
ويقول بلال لـ قُدس الإخبارية، إن الاحتلال ثبت التهمة بحقه بناء على اعتراف شخصين آخرين، وأن نيابة الاحتلال طلبت بسجنه نحو 15 سنة، إلا أن محاميه نجح في عقد صفقة مع سلطات الاحتلال تنص على الإفراج عنه بعد أربع سنوات مقابل عدم رفع دعوى ضد المحققين الذين تسببوا بإعاقته.
لكن سنوات الاعتقال الأربعة لم تمر بسهولة وسلام على بلال، فقد أصيب خلالها بعدة أمراض أبرزها السمنة الزائدة نتيجة حقنه بإبرتي كورتيزون في مستشفى "سوروكا"، بالإضافة لالتهابات في المعدة والأمعاء والأذن الوسطى، استدعت نقله إلى عيادة سجن "الرملة" مرات عديدة بلغ مجموعها ستة أشهر.
وأفرجت سلطات الاحتلال عن بلال مطلع عام 2010، لتتجدد بعد ذلك معاناته مع جهازي الأمن الوقائي والمخابرات التابعين للسلطة الفلسطينية، حيث كانت المعاناة قد بدأت فعليًا ولكن على نطاق ضيق منذ بداية الانتفاضة، حيث استجوبته الأجهزة الأمنية مرات عديدة على خلفية نشاطاته مع الكتلة الإسلامية.
ويصف بلال نفسه بـ "ضحية الانقسام"، مؤكدًا، أنه لم يعمل يومًا ضد أي سلطة ولا تنظيم فلسطيني، بل عمل لأجل الوطن وبهدف تحريره من الاحتلال.
ويضيف، أنه وبعد الإفراج عنه فتح مركزًا للتدريب في مدينة جنين، إلا أن الأجهزة الأمنية أغلقت المركز بذريعة استخدامه للإخلال بالأمن والنظام، ليفتح بلال مركزًا آخر مشابهًا في طولكرم محاولاً تعويض خسائره، إلا أن الأمن أغلقه مرة وبذات الذريعة.
ويوضح بلال، أن جهاز الأمن الوقائي اعتقله في شهر آب من عام 2014، خلال تواجده في مكتب للتدريب الهندسي بمدينة جنين، في خطوة مخالفة للقانون نظرًا لتواجده في مكان عمله وخلال وقت الدوام، وكذلك لعدم إبلاغ الأمن للنقابة بالاعتقال.
ويبين، أنه تعرض خلال اعتقاله للتعذيب الجسدي ووجهت له شتائم عديدة، ليجتمع به بعد ذلك المستشار القانوني للأمن الوقائي في جنين، ويطلب منه كتابة سبب اعتقاله لدى الاحتلال من أجل الإفراج عنه بعد ذلك، لكن هذا العرض لم يكن وفقًا لبلال أكثر من خدعة تم تحويله على إثرها للمحاكمة بنفس التهمة الموجهة إليه لدى الاحتلال.
ويضيف بلال، أنه خاض إضرابًا عن الطعام لأربعة أيام احتجاجًا على محاكمته على خلفية قضية قديمة وسجن بسببها لدى الاحتلال، لكنه فك إضرابه بعد وعد من قائد في الجهاز بالإفراج عنه، لكن ما حدث لم يكن سوى خدعة ثانية، استمر بعدها اعتقاله لعدة أيام قبل الموافقة على الإفراج عنه بكفالة مالية.
بتاريخ 19/5 تم تثبيب التهم الموجهة لبلال والحكم عليه بالسجن لثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ بسبب وضعه الصحي، بالإضافة لإلزامه بدفع غرامة مالية قيمتها خمسة آلاف دينار أردني، وهو الحكم الذي سيحرم بلال نهائيًا من الحصول على "حسن سلوك" لمزاولة عمله لدى مختلف الجهات، كما سيمنعه من الحصول على ترخيص لبدء أي عمل خاص.
ويقول بلال، إن هذه الخطوة فاقمت وضعه المالي والمهني سوءًا، بعدما صار اتخاذ قرار بتشغيله أمرًا صعبًا بالنسبة للكثير من المكاتب التي تخشى التورط في صراع مع الأجهزة الأمنية بسبب الحكم الصادر بحقه، في حين تواصل السلطة حرمانه من راتب شهري يجب صرفه له بناء على قرار سابق من الرئيس محمود عباس.
والراتب الذي يقصده بلال كان قد قرر الرئيس صرفه شهريًا لكل من قضى أكثر من ثلاث سنوات في سجون الاحتلال، ويعاني في الوقت ذاته من إعاقة ولو نسبية، وهما الشرطان اللذان توفرا في بلال، لكن الجهات المختصة مازالت تمتنع عن صرف هذا الراتب له تحديدًا، وقد وعدته بأن تبدأ بصرف هذا المبلغ مطلع الشهر المقبل، وهو التعهد الذي لا يخفي بلال خوفه من عدم تحققه.
ويناشد بلال كافة الجهات المختصة "رفع الظلم الواقع عليه في الحكم الصادر بحقه قبل أسبوع"، وتوفير علاج لأمراضه المزمنة من خلال السلطة الفلسطينية باعتباره أسيرًا محررًا، مضيفًا، "أنا إنسان بحب وطني ومش مجرم ومطالبي مش كثيرة ولا صعبة".