شبكة قدس الإخبارية

تعليق الحياة النضالية

٢١٣

 

مجد صيداوي
ما زال السرطان المسمى بـ "إسرائيل" يفتك بنا حتى تحولت الأرض الفلسطينية إلى أراضِ فلسطينية، حتى أصبح صوت "جوليا بطرس" بـ (نحنا الثورة والغضب) أعلى من صوت الحراك الطلابي في الجامعات الفلسطينية، حتى أصبح تعليق الدوام في الجامعات يخدم فقط جهات معينة دونما أن نلحظ السبب الرئيس له، والمهم حسب رأي الطلاب "المحاضرة إنلغت". أغاني فيروز اليوم لم تكن قادرة على خلق مزاج جميل ليوم ربيعي، بل إن صدى صوت مذيعي أخبار الراديو كان أقوى من أي صدىً... “وفاة أسير فلسطيني مصاب بالسرطان في سجن إسرائيلي” ... لم يكن غريباً بالنسبة لي ما يحدث، إننا كمن يموت ببطء داخل هذا السجن الكبير، الأسرى والجدار والتصاريح و"المعبر" والتفتيش والتوقيف والتحقيق والسجن والموت والاستشهاد وكل الكلمات التي اعتدنا على سماعها أصبحت اعتيادية كالأيام التي تمر. لعلَّ قارئي يشعر حالياً بالسوداوية التي أكتب بها، أو أنه اعتاد عليها، لكني أؤكد ضمنياً أن هذه الأمور أصبحت اعتيادية لأن ردود أفعال الفلسطينيين أنفسهم أصبحت أقل من العادية، فالإضراب الشامل لا يشمل الأسواق بالعاصمة "رام الله"، والحداد لا يلغي عرساً أو حتى حفلاً وطنياً، أذكر عندما كنت طفلاً كيف كانت دكاكين البلدة القديمة بالقدس تغلق أبوبها عند استشهاد أحد أبناء هذا الوطن، وكيف كانت تقوم انتفاضة في أي يوم يسقط فيه شهيد.. اليوم الحال لم يتغير... فقد أصبح قيام انتفاضة ثالثة أمر يشغل المؤلفين أكثر من أي مقاوم، وأصبحت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي هي سماء هذه الانتفاضة. تقتصر فعاليات تعليق الدوام على الإنكار والشجب واللوم والأغاني الوطنية، صدقاً.. إن صوت مارسيل خليفة وجوليا بطرس أفضل ما في الموضوع، فصوت هذا الطالب الذي يصرخ لا يُحتمل، لاسيما عباراته التي لا تحمل أي معنى غير معنى "إني هنا موجود"، والأجمل في الموضوع كله... لا أحد إلا جماعته يرونه كذلك، أما الآخرون، فمشغولون بتصديق أو تكذيب خبر تعليق الدوام، أو أنهم فرحين بإلغاء محاضرة، أو أنهم قد يستغلون هذه الساعة "المعلقة" لإتمام وظائف أو حفظ نظريات وحقائق. ألوم من يستخدم صوتي بالمطالبة بحقي كطالب لخدمة أغراض سياسية، كون هذه الأخيرة لا تخدم مصلحتي كطالب، فتأمين الكتب أولوية، وتخفيض الرسوم الجامعية أولوية، وتخفيض أسعار السلع في كافيتريات الجامعة أولوية، أما أن نصرخ بلا جدوى... فهي خارج أي جدول من جداول الأولويات.. رجاءاً دعونا لا نعلق الدوام في المستقبل إن كان الهدف التعليق... فالتعليم أهم. أذكر كيف كان طلاب الجامعات يناضلون من أجل استمرار الدراسة، أذكر كيف كانت تغلق الجامعات رداً على تأثير طلابها الغير محدود، أولئك من كانت تغني لهم بقولها "نحنا الثورة والغضب، نحنا أمل الأجيال.. أقارن بحسابات بسيطة، لا شيء يدعو للتفاؤل بنوعية القيادة المستقبلية لهذا الشعب التائه.