غزة - خاص قُدس الإخبارية: منذ أكثر من 66 عامًا يزرع الحاج التسعيني يونس منصور - أبو بهجت، دونمات من الأراضي الحدودية شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، حيث يُعتبر أول مزارع في المنطقة، بعد وصوله إليها عقب هجرتهم من بلدته الأصلية "أسدود" المحتلة.
وتتمثل معاناة السكان والمزارعين في منعهم من الوصول إلى أراضيهم، وإطلاق النار عليهم وعلى رعاة الأغنام، رغم اتفاق التهدئة الذي أبرم بين الفصائل والاحتلال. وبحسب المزارع منصور، فان المنطقة الحدودية الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، ساخنة على الدوام.
وكان اتفاق التهدئة المبرم في نوفمبر 2012، تضمن تقليص مساحة الحزام الأمني من 300 متر إلى 100 متر، لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بهذا الاتفاق حتى اليوم.
وأضاف منصور لـ قدس الإخبارية، أن الاحتلال يستهدف المناطق المتاخمة للحدود بحوالي 500 متر، إضافة إلى تدميره لكل مقومات الحياة فيها، إثر استخدامه البراميل المتفجرة خلال الحرب الأخيرة، حتى أن بعض الأراضي الحدودية لم تعد تصلح للزراعة والإنتاج.
وقال، إنه لا يمكن الحديث عن الأمن في المناطق الحدودية طالما نعاني من وجود الاحتلال، خاصة عقب الاستهدافات المتكررة للمزارعين والأهالي في المناطق المحاذية للحدود من شمال القطاع حتى جنوبه، مضيفًا "لقمة العيش مغمسة بالدم هنا!".
[caption id="attachment_67448" align="alignnone" width="480"]
المزارع يونس منصور[/caption] ففي الحرب الأخيرة على قطاع غزة، يقول المزارع منصور أن الاحتلال قد توغل إلى الأراضي التي يزرعها وقام بدهسها بالدبابات وتجريفه، واقتلاع وتخريب كل ما فيها، حتى عاودنا حرثها وزرع البذور، مضيفًا، "ننتظر حصاد المحصول بعد أيام دون أن ينغض الاحتلال علينا".
وأوضح، أن المنطقة الحدودية الشرقية للمخيم الذي يسكنه، مقسمة لتقسيمات "القطبانية، أبو ناموس، خور زنون، تلة أبو صفية"، وجميعها مزروعة بالقمح والشعير وبعض الخضار الأخرى، مضيفًا، "كل الأراضي عرضة للحرق في حال رمي الاحتلال شرارة واحدة".
وحول أوضاع الزراعة، أشار منصور إلى أن الزراعة بشكل عام سيئة هذا الحول، كما أن حال المزارعين لم يعد كالسابق، قائًلا، إن "حصيدة" القمح ستكون بعد أسبوعين لضمان جفافه أكثر.
إلى الشرق قليلًا، يجلس المزارع محمد رجب (65) عامًا، تحت شجرة التوت في منتصف أرضه المزروعة شمالًا بدونمات القمح، وأمامه آلة الحرث التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي في الحرب الأخيرة، نادبًا حظه على سوء حاله وعجزه عن حراثة أرضه.
وأوضح رجب لـ قدس الإخبارية، أن الاحتلال قد دمر "12 تانك مياه" وقصف البركسات، كما جرف لي دونم من البندورة وآخر من الجوافة، مضيفًا "كله كوم وقصف آلة الحراث كوم"
وحول حراثة أراضيه، قال سنضطر لاستئجار "آلة الحراثة" بمبالغ كبيرة، وهو ما يعني أن هذا المحصول لن يطعمنا حتى "لقمة عيش"، وأن التعب في المحصول لن يتحصل في النهاية إلا على رأس مال زراعته.
[caption id="attachment_67449" align="alignnone" width="555"]
محمد رجب[/caption] وفيما يختص باستهداف المزارعين، لفت إلى أن قوات الاحتلال عادة ما تطلق النيران على رعاة الأغنام بالقرب من السياج الحدودي، وقد تتعدى مسافة الرصاص مداها لتصل إلى مزارعين وأهالي آمنين، وإصابتهم.
ذقنا الأمرين
المزارع حرب عطية (50عامًا) برفقة زوجته على عربة نقل، بعد أن حصدوا محصول الشعير يدويًا في دونمين زراعين وبمساعدة أبناءهم، يقول، "ذقنا الأمرين من الاحتلال وأعوانه".
وتحدثت زوجة المزارع عطية عن خطر المناطق الحدودية وتخوفهم من الوصول لأرضهم، مشيرة، "سبق أن أصيب أحد أفراد عائلتنا خلال تواجده في الأرض لتفقد المزروع".
وأضافت لـ قدس الإخبارية، "نملك 8 دونمات من الأراضي هنا، لا نستطيع الوصول إليها كاملة، زرعناها بعدما دمرها الاحتلال وهدم البركسات الخاصة بالزراعة".
وأوضح المزارع عطية، أن الاحتلال استخدم أسلوب الرش بالمبيدات الحارقة للمحاصيل الزراعية للأراضي الحدودية ما يؤدي إلى حرقها وإتلافها، مضيفًا، "الاحتلال يستهدفنا في لقمة عيشنا".
وبين، أن الاحتلال قام بحرق مساحة من أرضه بمحصولها ما أدى إلى اشتعال النيران من قبل، وأنه زرع بعد الحرب الأخيرة الشعير في شهر يناير بداية العام، والمحصول الآن جاهز للحصاد، مضيفًا، "نحصد يدويًا ونطحنه ونبيع منه بما يضمن لقمة العيش الكفاف".
المزارعون جميعهم ورغم كل ذلك أكدوا تمسكهم بأرضهم رغم محاولات الاحتلال استهدافهم وملاحقتهم في لقمة عيشهم، إضافة إلى هاجس الخوف من التوغلات والاصابات واتلاف المحاصيل وسوء أحوال الزراعة عامة، قائلين "لن نترك هذه الأراضي حتى نخرج منها في الكفن".
وطالب المزارعون الحكومة والاتحاد الزراعي بدعم صمودهم في المناطق الحدودية، إضافة غلة استعجال تعويض ما تم اتلافه خلال الحرب، لاستكمال زراعتهم وحياتهم بعد تدهور الأوضاع المعيشية
من جهته دعا مدير اتحاد لجان العمل الزراعي حسين أبو العيش حكومة التوافق الوطني الفلسطيني إلى دعم المزارعين المتضررين بقطاع غزة بعد العدوان الأخير، وتمكينهم من الوصول الآمن إلى أراضيهم، خاصة تلك الموجودة في المناطق المحظور الوصول إليها على حدود قطاع غزة بما يعزز من صمودهم وقدرتهم على الإنتاج.
وطالب أبو العيش بتكاتف الجهود من أجل تعزيز صمود المزارع على أرضه خصوصًا المناطق الحدودية، وإلا فإنها عرضة لتوسع الاحتلال، داعيًا المجتمع الدولي للضغط على حكومة الاحتلال لفك الحصار وفتح المعابر أمام المنتجات الفلسطينية ووقف كافة الاعتداءات الإسرائيلية بحق المزارعين والعمل الجدي لحمايتهم.
وبلغت خسائر القطاع الزراعي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، أكثر من 251 مليون دولار، فيما بلغت الخسائر الغير مباشرة 150 مليون أخرى.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن أراضي المناطق الحدودية تقع ضمن دائرة المصادرة، حيث تُعد هذه الانتهاكات جرائم حرب وفقًا للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة.








