صبر الرجال وهمة الأبطال صنعوا دروب العز للأجيال صبروا ثباتا فالصبر يرجى بلوغ المنى يطيب به العيش بعزم شديد يلين الحديد سجين الهي بغير ذنب سوى دفاعا عن الأوطان ليلهم مأساة غدر ضيقت الدنيا بهم كذا القبور وأنات أبكت غياهب السجون فنصر الإله قريب.
تصاريف الزمان عجيبة فيوما نرى يسرا ويوما نرى عسرا فأسرانا هم بحد ذاتهم قضية إنسانية بامتياز مست كل بيت من بيوت فلسطين ومن هذه البيوت منزل سميرة سليمان احمد البرغوثي التي سطرت أروع الروايات في الصبر والتضحية وأعظم الأمثلة لام وزوجة أفنت حياتها من اجل زوجها وولديها فهي زوجة المناضل الأسير المحرر فخري البرغوثي الذي يعتبر ثاني أقدم أسير في العالم واحد ابرز قادة الحركة الوطنية الأسيرة من قرية كوبر قضاء رام الله في الضفة الغربية.
اعتقل عام 1978 وكان عمره 24 عاما والذي ذاب جسده وهو في عمر الزهور خلف غياهب القهر والظلام بتهمة مقاومة الاحتلال وحكم عليه بالسجن المؤبد إلى أن تحرر بصفقة شاليط ليقضي حكما 34 عاما.

تقول سميرة البرغوثي زوجة فخري إن بداية اعتقال زوجها كان عمر ولدها الكبير شادي البرغوثي سنة ونصف وكانت حاملا بولدها هادي البرغوثي لم يرى زوجها أولاده إلا في سجون الاحتلال فعندما كبر شادي وهادي سارا على درب والدهما وشاءت سخرية القدر أن يكون لقاءهما في سجن الظلام فاعتقل شادي فخري البرغوثي عام 2003 بتهمة قتل إسرائيلي ويقبع الآن في سجن رمون وحكم عليه بالسجن 27 عاما أما هادي اعتقل عام 2003 بتهمة مقاومة الاحتلال وقضى حكم العامين وشاءت الأقدار أن اجتمع فخري بأولاده شادي وهادي في سجن عسقلان إلى أن تحرر هادي ومن ثم تحرر والده فخري بعد قضاء 34 عاما وبقي الآن شادي فخري البرغوثي قابع داخل سجون الاحتلال حتى الآن.
فتلك رواية من روايات فلسطين يجتمع فيها الأب مع الابن والأخ مع أخوه والأم وابنتها خلف القضبان وسميرة البرغوثي قدمت زوجها وولديها ضريبة لهذا الوطن والذين قدموا درسا في النضال الوطني وهم بوصلة الأحرار، وقد أظهروا أروع الأمثلة حتى نخاع العظم انتمائهم لقضاياهم وهموم شعبهم.
ففخري البرغوثي شاهد على مأساة ومعاناة تعيشها الحركة الأسيرة، ما أعجبني بتلك المرأة إنها تتحدث عن زوجها وولديها بابتسامة أمل وتفاؤل فهي تستمد منهم القوة والثمرة المعطاءة من اجل مواصلة حياتها رغم القهر والبعد والألم فهي تفتخر بهم وتتمنى من الجميع أن يساندوا من ضحوا بأنفسهم في سبيل حرية الأوطان ليعيشوا أحرار على أرضهم وقالت إن شاء الله وبكل ثقة انه مهما طالت الأيام لا بد للقيد أن ينكسر ولا بد لليل أن ينجلي.
تلك أمهات فلسطين صبروا ليكن هذا الصبر بلسما لجروحهم، فأين المسؤولية الدولية اتجاه الأسرى الفلسطينيين فالمسؤولية يجب أن تنبع من المسؤولية القانونية لمراقبة تنفيذ الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وعدم مخالفة موادها وفرض عقوبات على دولة الكيان وملاحقة المجرمين.
يجب أن يتم تقديم العون للأسرى داخل السجون من خلال إيفاد مراقبين وأطباء داخل السجون الإسرائيلية لمراقبة الأسرى المرضى والغير مرضى والوقوف على معاناتهم داخل السجون فهذه القضية شائكة وحساسة وشاهدة على انتهاكات إسرائيل لأعظم قضية إنسانية بامتياز.