يُقال في تركيا .. إذا كانت هناك قضيّة يجتمع على نصرتها المجتمع التُركي، فهي القضيّة الفلسطينية، هذا ما سمعه أكثر من 30 شاباً فلسطينياً شاركوا ضمن برنامج " جسر الشباب" والذي كان بمبادرة من مكتب رئاسة الوزراء التركيّة ، واستمر حوالي 5 ايام تنقّل خلالها الشباب بين اسطنبول وأنقرة، للقاء أهم صُنّاع القرار في تركيا والإستماع إليهم ومناقشتهم كما زاروا بعض معالمها السياحية والتاريخية.
التجربة التركية لقد كان الإنبهار حديث مُعظم الشباب الذين زاروا إحدى مقّرات بلدية إسطنبول، حيث تم إستعراض إنجازات البلديّة في آخر عشر سنوات، وتحت عنوان "العمل عبادة " راح مدير العلاقات الخارجية في البلدية يسهب الشرح، فمن الحديث عن مشاكل الهواء والنظافة وهي اول ما بدء به اردوغان يوم إستلامه رئاسة البلدية كون هواء اسطنبول العطب كان يؤدي إلى منع المدارس احياناً، إلى الفخر بإستعداد البلدية لإستقبال الدورة الاولومبية لعام 2020 كما الفخر بكون إسطنبول من أكثر المُدن زيارة على مستوى العالم .. كما حديثه عن ثالث مطار في إسطنبول والذي جاري العمل عليه والذي يفترض ان يكون الأكبر عالميا .. والحديث عن غزارة الإستثمارات الخارجية والتي تصل إلى اكثر من 30000 شركة هذا غير الشركات التركية مثل اكبر شركة حافلات بحرية في العالم .. وهي تعمل في اسطنبول، كما التفوق في مجال الإتصالات والسيرميك وغير ذلك .. مما يبسط فهمنا لكون ميزانية اسطنبول تبلغ حوالي 11 مليار دولار، أي كانها دولة صغيرة!
مع صنّاع القرار حظي الشباب خلال إقامتهم بين إسطنبول وانقرة بلقاء العدد من الشخصيات البارزة إبتداء بالسيد جبرائيل وهو من مستشاري اردوغان ، وقد رافق الوفد الشبابي مع طاقم من موظفي مكتب رئيس الوزراء طيلة فترة البرنامج والذي لم يبخلوا على الشباب بالإجابة عن اي سؤال، كما إلتقى الشباب بنائب رئيس الوزارء ، السيد بولنت ارنتش وهو من أهم صناع القرار في تركيا، والذي اكد بدورة على عراقة الفلسطينية التركية، كما شدد على ضرورة المصالحة الفلسطينية كما ركز على الشرط الثالث الذي وضعته تركيا لإسرائيل من أجل إعادة العلاقات، وهو رفع الحصار عن غزة، كما حظي الشباب بزيارة وزارة التربية والتعليم واللقاء بالوزير وطرح الاسئلة عليه، ثم زيارة رئيس الشؤون الدينية، محمد غورمز، والذي تحدث للشباب باللغة العربية، عن علاقة الدين بالسياسة وكيف يجب ان يبقى الدين فوق السياسة، وعندما سئل عن زيارة فلسطين تحت الإحتلال، أجاب بأنه يُفضل الا يزورها إلا بزوال الإحتلال .. وعلى صعيد آخر فقد التقى الشباب بشخصيات أخرى، منها الأكاديمية ومنها الناشطة في مجال التنمية، كما إلتقى الشباب بالأستاذ وضاح خنفر في جامعة بهجة شهير ، وقد أشار إلى ذكرى معركة شنغالة والتضحيات التي قام بها الفلسطينيين والعرب فيها كما تحدث عن ضرورة إستغلال التغييرات الحاصلة من اجل النهوض بالمنطقة!
الزيارات نادراً، ما تُذكر علاقة فلسطين بتركيا، دون ذكر السلطان عبدالحميد الثاني او السلطان سليمان القانوني .. فالأول رفض بيع فلسطين، والذي لم يبخل على فلسطين يوماً ، فإزدهرت في زمانه وتميّز ، ولأن الأمر كذلك فلم يكن هناك بُد من زيارة مقر الخلافاء العثمانيين وهو الباب العالي، وزيارة المتحف فيه حيث قام الشباب بزيارة الباب العالي في يوم عُطلة ولم يسمح لغيرهم بدخوله مما جعل لزيارته طابعاً خاصاً، مع مرافق من كبار المسؤولين فيه، ثم كانت زيارة مسجد السلطان احمد او المسجد الأزرق وهو اشهر مساجد اسطنبول وابدعها، كما زيارة متحف آيا صوفيا وهو الكنيسة التي حوّلت لمسجد ثم استقر بها الحال لتكون متحفاً، وهي من ابدع المباني عالمياً حيث تجتمع ملامح العمارة الإسلامية مع المسيحية في نفس البناء، وقد قام الشباب بزيارة بُرج السفير وهو من أعلى أبراج العالم، والذي يكشف اسطنبول كلها، كما تمت زيارة امسيّة للدراويش الأتراك، وهي امسية موسيقية على الطريقة الصوفية التركية، وعلى صعيد آخر فقد قام الشباب بزيارة مقر قناة التي آر تي التركية، الناطقة بالعربية وإطلعوا على تجربتها وطرق عملها.
