غزة - خاص قدس الإخبارية: أجمع قانونيون في قطاع غزة على اعتبار النظام السياسي القائم حاليًا في فلسطين "غير قانوني" منذ انتهاء المدة الشرعية للانتخابات قبل أعوام، وبالتالي عدم قانونية كافة الحكومات أو الهيئات والمؤسسات المنبثقة عنه.
واعتبر المختصون أن الحل للأزمة الحالية بعد انتهاء المدة الزمنية لحكومة التوافق لا يكمن في تعاقب الحكومات أو تشكيل حكومة وحدة وطنية؛ بل بالعودة لتصحيح مسار المصالحة على أسس واضحة وتفعيل نظام الانتخابات والبدء في نظام دستوري قانوني موحد بعيدًا عن الفصائلية والانقسام.
وقال محامي مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان سامر موسى، إن انتهاء المدة الشرعية لولايات المجلس التشريعي والرئاسة جعل كل المؤسسات المنتخبة من بعده تفقد شرعيتها، مبينًا أن فترات التمديد حتى انتخابات جديدة لا يعني أن الشرعية أبدية.
وأوضح أن الحكم عليها يرجع الآن إلى المشروعية لا الشرعية وهي "الرضا الشعبي"، وبالتالي يصبح الحديث عما يسمى بـ "مؤسسات الواقع" وتعني الهيئات الواقعية الحاكمة.
وتحدث موسى عن الظروف التي قامت بها حكومة التوافق باعتبارها جاءت على خلفية الانقسام، وهي ناتجة عن اتفاق الأحزاب، وتوقيع اتفاق مصالحة مرهون بتكوين حكومة لحفظ الأمن وتسيير الأعمال والتحضير لانتخابات قادمة لإيجاد حكومة بديلة شرعية ومنتخبة.
وبالحديث عن انتهاء الفترة المحددة لحكومة التوافق، أفاد أنه لا عبرة بانتهاء المدة طالما لم تحقق الحكومة الأهداف التي قامت من أجلها، لافتًا إلى عجز الحكومة الحالية عن القيام بغالبية مهامها تجاه الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة.
واعتبر موسى أن العجز عن القيام بمهامها يرجع إلى ثقل المهام، وعدم التمكن من دمج جسم حكومي واحد في الضفة وغزة، كما تصرف رئيس الوزراء رامي الحمد الله باعتباره مسئول أجهزة الضفة وعدم قدرته على حل مشاكل موظفي غزة وغيرها، وهذا كله يرجع إلى ضعف الاتفاق الذي بُينت عليه، على حد قوله.
ورأى محامي الضمير الحل في العودة لتصحيح مسار المصالحة من خلال نظام العدالة الانتقالية، وأن إيجاد حكومة وحدة وطنية هي كذلك حل غير مضمون وسبق تجربته مثبتًا فشله كما فشلت حكومة التوافق الحالية.
من جهته، قال الحقوقي صلاح عبد العاطي إن تداعيات عدم وجود حكومة على الأرض يؤثر على القضاء ويغيب نظام العدالة، كما يسبب أزمة في الخدمات، معتبرًا، أن الفراغ المؤسساتي مقدمة للانزلاق نحو كارثة عنوانها الفلتان والفوضى وبالتالي يجب أن تقوم الحكومة بدورها بغض النظر عن قانونيتها.
وأشار عبد العاطي إلى أن التفكير بحل الحكومة الحالية أمر خطير له تداعياته، مؤكدًا أن الحكومة لا تنتهي إلا بتوافق وطني، خوفًا من العودة لمربع الانقسام.
واعتبر أن المشكلة سياسية بامتياز وليست قانونية، وأن الانقسام السياسي خلّف حالة تغييب لكل المدد القانونية، لافتًا إلى أن "السياسة لا تقبل الفراغ، وأن الفلسطيني بات يشعر بفراغ سياسي كارثي".
وأكد عبد العاطي، أن التفكير بإيجاد حكومة بديلة تحت أي مسمى سواء وحدة وطنية أو غيرها لن يغير من حقيقة الوضع على الأرض، "على اعتبار أن المشكلة ليست في الأشخاص بل في الاتفاقات التي تقوم على أساسها الحكومات، وبالنظر للمهام التي تنفذها لا المسميات التي تقوم عليها".
وتابع، "في الوقت الذي يعترف العالم بدولة فلسطينية، لا خيار لنا إلا أن نبدو قادرين على سيادة أنفسنا وانهاء حالة الانقسام والتجاذبات السياسية والهرقطات الإعلامية وانصياع الجميع لمظلة القانون".
ويرى الناشط الحقوقي أن الحل في وجود إرادة سياسية فعلية لإنهاء حالة الانقسام والحصول على انتخابات جدية، وصولًا لإنهاء السلطة والبدء في تجسيد الدولة الفلسطينية، وتشكيل هيئة سياسية مستقلة ومحايدة للحكم بين الطرفين ودفع الأمور بالتدريج والموازنة المنطقية.
وبالحديث عن المرحلة المقبلة، قال عبد العاطي "إننا نقف أمام سيناريوهين أحدهم متفائل كتوحد الفرق السياسية وتفعيل الحكومة للقيام بدورها كما وترتيب انتخابات سريعة لإعادة الوديعة للشعب الفلسطيني بتغليب المصلحة العامة والانصياع لسيادة القانون".
أما السيناريو الأسوأ بحسب عبدالعاطي، فهو بقاء الحال كما هو عليه، وأن تستمر حالة المراهنات وعدم قيام الحكومة بدورها واستمرار العجز المالي والاضرابات وانهيار الخدمات وترسيخ الانقسام وشيوع حالة من الفلتان والفوضى، "نعيش أسوأ حالة منذ 65 عامًا".
بدوره، اعتبر مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مصطفى إبراهيم أنه لا قيمة كبيرة للحديث عن انتهاء فترة الحكومة، "وهذا لا علاقة له بالقانون بقدر ما هو اتفاق لفترة زمنية مرهونة بإنهاء تبعات وآثار الانقسام والتحضير للانتخابات".
وأرجع عجز الحكومة، لكونها "ولدت في ظروف معقدة ومركبة تركت لها إرثًا ثقيلاً واصطدمت بالعديد من القضايا التي ما زالت عالقة وحدت من عملها بشكل مريح في غزة، بالإضافة لعدم التوصل لاتفاق حقيقي بين فتح وحماس وبقاء كثير من القضايا عالقة كملف موظفي حكومة غزة السابقة وغيرها من القضايا".
وأضاف إبراهيم، أن عدم وجود حكومة يعمل يؤدي لخلق فراغ في ظل استمرار الحصار والانقسام، ويمهد للغلو في التطرف والتشدد ووقوع عمليات إجرامية وسرقات وتفسخ في النسيج الاجتماعي بشكل مريب،" فبيئة الحصار والانقسام تعمق الاقصاء وعدم قبول الآخر والتطرف".
وعن دور المؤسسات الحقوقية، قال إبراهيم إن مؤسسات المجتمع معنية بإيجاد نظام سياسي فعال يضمن حقوق المواطن، والرقابة على أداء الحكومات بشكل محايد كما إلزام الحكومات للامتثال للمعايير والقوانين الدولية.



