القدس - خاص قدس الإخبارية: "على نفسها جنت اسرائيل" مثلٌ بات يردده المقدسيون الآن خلال ردهم على تصعيد الاحتلال من هجمته واعتداءاته، فلا مكان للتراجع أو الاستسلام، ومن هم بالميدان سيفرضون شروطهم بعيدا عن المستويات السياسية ورغم التهديدات الأمنية الإسرائيلية، هو ما يؤكد عليه المتظاهرون في المدينة.
أحياء مدينة القدس كافة أعلنت ثورتها، بدءًا من قريتي صور باهر وإم طوبا جنوبًا، رغم أنهما تعتبران من أكثر قرى القدس هدوءا منذ سنوات، إلى القرى الشمالية كمخيم شعفاط وقريتها وبلدة بيت حنينا والعيساوية إلى حاجز قلنديا وقريتي الرام وعناتا، وصولا للبلدات الشرقية كسلوان التي تشهد المواجهات الأعنف، وجبل المكبر والطور.
سلوان ساحة حرب
الناشط في بلدة سلوان قتيبة عودة يقول لـ شبكة قدس، إن الاحتلال مهما زاد من عنفه وعنجهيته فالرد من أهالي سلوان سيكون بذات الوتيرة، وهو ردة فعل طبيعية، مؤكدا على أن البلدة تشهد يوميا مواجهات عنيفة، "الاحتلال يتخبط ميدانيا، فيستعمل كل الوسائل للقمع المتظاهرين، يقتحم المنازل، ويشن حملات اعتقالات، وعلى المستوى السياسي يوجد قرارات جائرة ستشعيل فتيل المواجهات".
ما يقوم به الاحتلال من حملة اعتداءات وقمع ليس إلا أسلوبًا قديمًا يمارسه منذ سنوات، من وجهة نظر المقدسيين، ويعلق عودة، "الاحتلال يتعمد اقتحام المنازل، وإلقاء القنابل تجاهها ورشها بالمياه العادمة، كوسيلة لردع الأهالي، ولكن ذلك لا يزيدهم إلا قوة للدفاع عن أنفسهم، كما سيكون هناك تصعيد قادم للدفاع عن المسجد الأقصى" .
سلطات الاحتلال كثفت من حراستها للبؤر الاستيطانية والمستوطنين في بلدة سلوان، وبيًّن عودة أن البلدة ليست ضمن اهتمامات المسؤولين في السلطة الفلسطينية رغم ما تمر به، مشيرا لوجود أكثر (300-400) حارسا أمنيا اسرئيليًا لعائلات المستوطنين، بالإضافة لشرطة الاحتلال التي ترافقهم باستمرار،
وأوضح، أن سلطات الاحتلال تعزز وجود (58) عائلة استيطانية في البلدة بتخصيص ستة ملايين شيقل لهم شهريا، "في المقابل نحن ندفع أهل المدينة ندفع الجزية من مخالفات وأرنونا وغرامات".
أما في مخيم شعفاط، فقد أستطاع أهالي المخيم إحباط مخطط الاحتلال بهدم منزل الشهيد ابراهيم العكاري برباطهم في محيط المنزل وإغلاقهم للشوارع المؤدية للمخيم.
المخيم شهد المواجهات الأعنف في مدينة القدس، والتي تركزت قرب الحاجز العسكري وتصدى المتظاهرون لمحاولات الاحتلال لاقتحام المخيم، بإطلاق المفرقعات النارية والمولوتوف تجاه جنود الاحتلال الذين حاولوا قمعهم بالرصاص المعدني وقنابل الغاز المسيلة للدموع.
وما اختلف في مواجهات مخيم شعفاط - والتي يشارك بها مئات الشبان بشكل يومي- عن باقي القرى المقدسية، قيام متظاهرون بإطلاق الرصاص تجاه الحاجز العسكري مرات عدة وتمكنهم من الفرار.
صغار العيساوية وكبارها في المواجهات
عام 2008 كانت العيساوية أولى القرى المقدسية التي هبت نصرة لقطاع غزة وأطلقت عليها سلطات الاحتلال حينها "غزة الصغرى"، ومنذ الاعتقال الأول للأسير سامر العيساوي بعد تحرره في صفقة "وفاء الأحرار" وخوضه معركة الأمعاء الخاوية لم تهدأ المواجهات في البلدة، وما إن بدأت تلتقط أنفاسها حتى دخلت مجددًا ميدان المواجهات المستمرة مع قوات الاحتلال بعد قتل المستوطنين الفتى أبو خضير.
الناشط يزن عبيد قال لـ شبكة قدس، إن مجموعات صغيرة من الشبان كانوا يتصدون لقوات الاحتلال ويشعلون المواجهات في البلدة، إلا أن قمع الاحتلال المستمر واستهدافه لأهالي البلدة والمنازل، وإغلاقه مداخل العيساوية، وسع دائرة المواجهات التي بات يشارك بها كافة شبان البلدة.
ويبين عبيد، أنه بعد محاولات حثيثة وبفعل المواجهات المستمرة رضخ الاحتلال وفتح مداخل البلدة إلا أنه أقام نقطة عسكرية، حيث يتم إخضاع كل المركبات للتفتيش والتنكيل بالأهالي.
وأضاف، أن المقاومة في العيساوية في تصعيد مستمر، ردًا على ممارسات الاحتلال وأهمها اقتحام البلدة بالمركبات العسكرية وإلقاء وابل من قنابل الغازية المسيلة للدموع والمياه العادمة والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، مبينًا أن ذلك ألحق أضرار في المنازل حيث تسبب بإندلاع حريق في أحدها وأتلف بشكل كامل الأثاث في (10) منازل في البلدة.
وأكد أن الاحتلال صعد أيضا في حملة الاعتقال في البلدة، حيث يشن مداهمات واعتقالات شبه يوميا، لافتا إلى أن مواجهات عنيفة تندلع في البلدة للتصدى لقوات الاحتلال التي تقتحم البلدة في أوقات متأخرة لاعتقال شبانها، "الاحتلال يشن حملات اعتقال عشوائية في البلدة بناء على ملفات ولوائح اتهام قديمة".
صور باهر تمر بمرحلة جديدة
من جهاتها الأربعة تحاصر الاحتلال قرية صور باهر بالمستوطنات، والقرية التي تعتبر من أكثر قرى مدينة القدس تهميشًا وإهمالاً، تثور اليوم معلنة مرحلة جديدة ستشهدها في الأيام القادمة.
الناشط في القرية موسى دويات قال لـ شبكة قدس، إن قوات الاحتلال نصبت نقطة عسكرية في منطقة القاع في القرية وتخضع المركبات للتفتيش الدقيق، مشيرًا إلى أنها تمنع أهالي القرية من التحرك ليلا.
وأضاف، "أهالي صور باهر لن يسكتوا بعد اليوم على انتهاكات الاحتلال المستمرة، وطالما هناك تصعيد من سلطات الاحتلال، سيكون هناك تصعيد من أهالي القرية".
وأوضح أن الاحتلال ينصب الحواجز وينكل بالأهالي ويستهدف المنازل خلال المواجهات كطريقة لردع المتظاهرين،" يريدون تعجيزنا، إلا أن كل هذه الممارسات لن تردع المتظاهرين بل زادتهم قوة ولا يمر يوم إلا وتندلع مواجهات أعنف من التي سبقتها".
وأشار إلى أن المتظاهرين في القرية باتوا يستخدمون المفرقعات النارية والمولوتوف والأقمشة والإطارات المشتعلة، فيما يرد الاحتلال بوابل من قنابل الغاز والرصاص المعدني، مؤكدًا استخدام الاحتلال للرصاص الحي في قمع الشبان.
استشهاد أبو الجمل يشعل جبل المكبر
تصاعدت المواجهات في جبل المكبر فور استشهاد عدي وغسان أبو جمل منفذي عملية الكنيس في القدس، وتكاتف أهالي البلدة للتصدي للاعتداءات الاحتلال والتي حاولت فرض العقاب الجماعي للانتقام من جبل المكبر مسقط رأس الشهدين.
الصحفية حلا خلايلة، إحدى أهالي بلدة المكبر تقول لـ شبكة قدس، إن المواجهات في البلدة كانت تمتد لوقت قصير ويشارك بها عدد قليل من الشبان، إلا أن استمرار الاحتلال في غطرسته واعتداءاته وسع دائرة المواجهات التي بات يستخدم فيها المتظاهرين المولوتوف والألعاب النارية، فيما أصبح الاحتلال يعزز من تواجده قواته في البلدة ويسرل عناصر بالعشرات.
وبينت خلايلة، أن الاحتلال يغلق مداخل البلدة ويقتحمها باستمرار لاستفزاز الأهالي والتنكيبل بهم وهو ما رفع حدة المواجهات،"الشباب يرفضون التضييق على حرياتهم، ويحاولون استعادتها بالقوة".
وأكدت خلايلة، أن أهالي جبل المكبر يفتخرون بالشهيدين عدي وغسان كل الفخر، وقد أطلقوا على موالديهم الجدد اسمي الشهيدين، "هذه عملية بطولية نفتخر ونعتز بها، فهم رفعوا رأسنا جميعا".
اعتقالات عشوائية بلا لوائح اتهام
يقول الناطق باسم أهالي الأسرى المقدسين أمجد أبو عصب إن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من ألف مقدسي منذ استشهاد الطفل أبو خضير، وجهت لوائح اتهام لـ (300) معتقل منهم، وما زالت تحتجز (180) منهم داخل سجونها وأفرجت عن الآخرين بشروط الحبس المنزلي المفتوح والمحدود وبدفع الغرامات والكفالات المالية، مشيرا إلى أنه يوجد (400) أسير مقدسي من بينهم امرأتين و(50) طفلا.
وأوضح أبو عصب أن الاحتلال أصدر بعض القرارات السياسية لردع المتظاهرين في القدس، وكان من ضمنها الحكم بالسجن (20) عاما لملقين الحجارة، وسحب الهويات المقدسية مهم، معتبرًا ذلك دليلاً على تخبط الاحتلال وعدم تمكنه من السيطرة على الهبة الشعبية في القدس.
وأضاف أن الاحتلال يشن حملات اعتقال دون التأكد من الأسماء والشخصيات، وهو ما أوقعه في مواقف محرجة حينما اقتحم منزلي الزيداني والياسيني في بلدة سلوان لاعتقال طفلين لا يتجاوزان الثلاثة أعوام.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال لفقت مؤخرًا تهمة إلقاء الحجارة لشاب من العيساوية، يعود تاريخها ليوم كان خلاله معتقلا في زنازين الاحتلال.