شبكة قدس الإخبارية

تحليل: الفلسطينيون ينتصرون ديموغرافيا في القدس

هيئة التحرير

أكد تحليل صحفي أن كفة الميزان الديموغرافي في المناطق الفلسطينية المحتلة سترجح لصالح الفلسطينيين، وخاصة في مدينة القدس، وذلك بناء على تقارير رسمية صدرت حديثًا عن دائرة الإحصاء المركزية في دولة الاحتلال.

ويعتمد التحليل الذي أعدته "الخليج أونلاين" مؤشرين، الأول هو نسبة الزيادة الطبيعية بين الولادات مقابل الوفيات للمجتمع الفلسطيني في القدس والداخل المحتل، والتي يتضح أنها أكبر من نظيرتها في الوسط اليهودي، أما المؤشر الثاني فهو التزايد المستمر سنويًا في الهجرة الداخلية لـ "الإسرائيليين" من القدس.

وبحسب بيان صادر عن دائرة الإحصاء "الإسرائيلية" أواخر أيلول الماضي، فإن نسبة الزيادة الطبيعية بين الفلسطينيين بالداخل المحتل والقدس المحتلة عام 2013 كانت 2.2%، مقابل 1.7% فقط بين "الإسرائيليين"، حيث بلغ عدد الفلسطينيين في المناطق المحتلة 1.709 مليون فلسطيني يعيش قرابة 320 ألف منهم في القدس المحتلة.

ويوضح التحليل، بأن الأرقام التي كشفها تقرير دائرة الإحصاء عن أن نسبة الفلسطينيين في القدس المحتلة سترتفع خلال السنوات المقبلة إذا ما بقيت الوتيرة على حالها، وإذا لم تحصل تغييرات سياسية تبطلها.

وتظهر التقارير الإحصائية عن ارتفاع كبير في هجرة "الإسرائيليين" من القدس المحتلة إلى مدن الداخل المحتل، وتحديدًا الواقعة وسط البلاد وتعتبر بعيدة عن التوتر السياسي، حيث غادر القدس خلال العام الماضي 7400 "إسرائيلي" فيما يعرف بالهجرة السلبية، ليكون عام 2013 هو الأكبر في هذه الهجرة.

ويوضح التحليل، أن القدس وباعتبارها جوهر الصراع مع الاحتلال، وكونها تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية عديدة، فهي ليست مدينة مغرية للشباب "الإسرائيلي" خاصة العلماني للعيش فيها، وتحديدًا في ظل سيطرة الأغلبية المتطرفة على المدينة، وانعكاس ذلك على إغلاق جميع المرافق العامة ومنع حركة السير أثناء السبت، وذلك مقابل المغريات الكثيرة في مدن أخرى مثل تل أبيب.

وينقل التقرير عن الصحفية والناشطة المقدسية هنادي القواسمي، أن بلدية الاحتلال تسعى لمحاربة التغيير الديموغرافي الحاصل في القدس، وقد بدأت منذ أعوام حملة تهدف لزيادة عدد اليهود في القدس، وخاصة حاملي الشهادات الأكاديمية كي يكونوا إضافة فعالة للمجتمع والاقتصاد "الإسرائيلي" في المدينة.

وتوضح القواسمي، أن إحدى الحملات منذ عدة أعوام طلبت من الطلاب تغيير مكان إقامتهم في سجل السكّان بشكل رسمي بغض النظر عن محل إقامتهم الحقيقي، ويبدو أن ذلك يهدف لرفع نسبة سكان القدس من "الإسرائيليين" في الإحصاءات الرسمية.

وتضيف، "إلى جانب ذلك تقوم بلدية الاحتلال بتوسيع الشارع الرئيسي والوحيد الذي يربط بين مدينة تل أبيب والقدس، لحث الشباب على السكن في القدس حتى إن كان عملهم في تل أبيب وضواحيها أو العكس".

ويؤكد التحليل، أن بعض الجمعيات الإسرائيلية تعمل بشكل خاص لجذب الشباب الإسرائيلي للعمل والسكن في القدس، وأبرز هذه الجمعيات أقيمت عام 2003 وتصرح بأنها تهدف "لمحاربة الهجرة السلبية من القدس وإبقاء الطلاب الجامعيين في المدينة".

وتوضح القواسمي، أن حكومة الاحتلال تحارب في المقابل الزيادة الطبيعية عند المجتمع المقدسي بشكل غير مباشر، بدءًا من سحب الهويات من المقيمين تحت ذرائع واهية، وكذلك انتهاكات لحقوق الأطفال وممارسة تضييقات أمنية وبيروقراطية شديدة في كل ما يتعلق ببناء البيوت أو توسعتها، إلى جانب النقص الحاد بالمدارس في شرقي القدس وبالتالي انعدام أطر تعليمية للكثير من الأطفال.

وتبين أن حكومة الاحتلال قلصت مخصصات الأطفال الشهرية، الأمر الذي سيضر بالعائلات كثيرة الأطفال. وعن هذا الأمر أصدر "التأمين الوطني" بياناً تحذيرياً وقت سن القانون عام 2013، وقال به إن خفض مخصصات الأطفال سيودي بـ 90 ألف شخص لتحت خط الفقر، وبالطبع نسبة كبيرة منهم ستكون من سكان القدس كونها الفئة ذات نسبة زيادة طبيعية كبيرة (حسب التقرير الأخير لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية).

وخلال محاولتها التنبؤ بالمستقبل، نشرت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية عام 2012 دراسة لتوقع اتجاه نمو المجتمع الإسرائيلي ديموغرافياً حتى عام 2059، وقد أشارت إلى أن المجتمع "الإسرائيلي" سيكبر عدده، لكنه سيكون مجتمعاً "عجوزاً" بعد بضعة سنين؛ إذ إن نسبة من تزيد أعمارهم على 65 عاماً ستزيد بشكل كبير ومن بينهم سيشكل من هم أكبر من 85 عاماً نسبة كبيرة.

ويضيف تحليل "الخليج أونلاين"، أن دراسة أخرى أجراها مركز الأبحاث الجيو-استراتيجية في جامعة حيفا عام 2010، كشفت عن أزمة في مكانة مدينة القدس كعاصمة لدولة الاحتلال، حيث أشارت إلى "تهديدات محيطة بإسرائيل في الوقت القادم"، وذكرت أن أحدها هو اغتناء مدينة تل أبيب على حساب القدس، التي ستزداد فقراً في السنوات القادمة.

ويشير التحليل في ختامه، إلى تأكيد الدراسة بأن دولة الاحتلال تتجه لتكون لتكون دولة متركزّة في تل أبيب ومحيطها، لتترك المناطق الحدودية، والعاصمة المزعومة مدينة أشباح.