شبكة قدس الإخبارية

عيسى وسماح.. فرحة المخيم التي لم تتم

هيئة التحرير

لم يحلم عيسى خلال سنين عمرة الماضية بشيء سوى أن يرى علم فلسطين يرفرف فوق ساحات المسجد الأقصى يرفعه بيده، ويسطر بذلك نصره المنشود في معركته التي اعتبرها أم المعارك مع الاحتلال الإسرائيلي، وحلم ببيت يجمعه بخطيبته سماح منذ سنتين، ليصنعا معا فجرا لركب السائرين على طريق الحرية والشهادة.

هذا ما نقله لنا بعض أصدقاء الشهيد عيسى خالد القطري الذي ارتقى امس برصاص الغدر الإسرائيلي بعد اقتحامه لمخيم الأمعري بمدينة رام الله، مدمرا حلمه بالتحرير وفرحته بعروسه التي انتظر أن يضمهما بيت واحد وكان على موعد مع ذلك، غير أن رصاص الاحتلال قتل هذه المناسبة قبل إتمامها بأيام، فرحل عيسى يحمل حلمه إلى السماء، وبقيبت مخطوبته سماح تتذكر آخر لحظات ضمتهما قبل استشهاده بساعات، والذي قال لها فيها "انه يرغب في أن يبقى بقربها أكبر وقت ممكن لأنه يشعر بغصة في صدره وحزن مجهول السبب.

عيسى خالد القطري ولد لعائلة مقاومة في مخيم الأمعري بمدينة رام الله، عرف بين أصحابه بالندية في مواجهة الاحتلال، وطيبة القلب من أهله وجيرانه، حتى أن الجميع في المخيم خرجوا لتشييعه وفاء لحبه وانتماءه لمخيمهم.

قبل شهر فقط كان عيسى قد أجل حفل زفافه، والسبب وفائه لشهداء وجرحى غزة الذين لم يرق له أن يفرح بعروسه بينما هم ينكؤون جراحهم، وكان قبل شهور قد أجل العرس للمرة الأولى بسبب استشهاد ابن عمه، ليكون على موعد مع حفل زفاف من نوع آخر.

سيرة ذاتية

الشهيد القطري (22 عاما)، كان يعمل في محل أثاث ويواصل الليل بالنهار في ذلك، من أجل جمع تكاليف زواجه الذي حدده بتاريخ 25 سبتمبر/أيلول الجاري، بعد خطبة دامت عامين.

في هذا اليوم تحديداً كان الشهيد على موعد مع خطيبته سماح طميلة، لاستقبال "طقم غرفة النوم" إلى منزلهما الجديد، كما تقول والدته، لكن رصاص الاحتلال حال بينهم فجرا ليقتل تلك الفرحة إلى الأبد.

وتقول والدة الشهيد حول ظروف استشهاده، "عيسى خرج من البيت فور سماعه صوت إطلاق النار واقتحام المخيم من قبل قوات الاحتلال، دون أن يأخذ معه الهوية الشخصية وهاتفه النقال، وبعد أكثر من  ساعة لخروجه وردنا خبر إصابته، لكنه فارق الحياة قبل أن نصل المستشفى".

سماح، التي لم تتمالك نفسها عندم سمعت النبأ، حيث قالت: "استيقظت مبكرا ووجدت أمي وخالتي بحانبي، وشعرت بشيء غريب من نظراتهن ، وقلن لي عيسى استشهد، لم أصدق، بحثت عن جوالي لأتصل بعيسى، إلا أنه لم يرد، كانت لحظة أشد علي من الموت، فقد كنا معا قبل منتصف الليل، نتحدث عن تجهيزات العرس، وكان يقول لي "بدي أظل عندك أكبر وقت ممكن، ما بدي تروحي على بيت خالك، لأني حاسس حالي مش طبيعي".

وتابعت "منعني عيسى من الذهاب لمنزل خالي في المخيم، فبقيت معه حتى أن حديثا عن الشهادة وشهداء غزة خالط حديثنا، كان يعشق المقاومة ويحب مواجهة الاحتلال، وبعد استشهاد ابن عمه قبل شهور، كان معظم حديثه لأصحابه عن جزاء الشهداء عن الله، وكيف ان ابن عمه كان كثير الحديث عن الشهادة، لم نكن نعلم أنه سيكون التالي".

لحظة الشهادة

أحد أقرباء الشهيد ويدعا حمزة القطري قال: "إن عيسى أصيب برصاصة من "كاتم صوت"، ولم يسقط وقتها على الأرض، بل تراجع إلى مكان بعيد من المواجهات وسقط على الأرض وبدأ يعاني من نزيف حاد، حيث شاهده عدد من الشبان يسقط على الأرض فاقدا للوعي، فقمنا بنقله للمستشفى غير أن الموت كان أسرع منا، وفارق الحياة قبل وصولنا للمستشفى، كانت رصاصة قاتلة".

وعائلة القطري، عائلة فلسطينية متجذرة تعود أصولها لقرية النعاني قضاء الرملة بالداخل الفلسطيني المحتل، والتي دمرها الاحتلال عقب النكبة عام 1948، وهي عائلة قدمت العديد من الشهداء كان آخرهم الشهيد عيسى الذي لحق بركب أجداده أبطال الثورة الفلسطينية الذين قدموا أرواحهم لتحيا كلمة الحق في بلد لا يزال يعاني الموت والاحتلال من أكثر من ستة عقود.