لم يُقدم وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال موشي يعلون على إلغاء زيارته إلى موقع "ناح العوز"(الشجاعية) شرق مدينة غزة أواخر أيام الحرب؛ إلا لعلمه علم اليقين انه سيكون في مرمى نيران المقاومة الفلسطينية في غزة، والتي كشفت موعد هذه الزيارة، كما كان الحال مع قائد أركانه بيني غانتس وعدد من قادة جيشه الذين أصيبوا خلال هذه الحرب.
وأقرّ يعلون أن سبب إلغائه زيارته التي كانت مقررة لهذا الموقع الهام، لأن حركة "حماس" كانت على علم بلحظة وصوله، وكثفت إطلاق قذائف "هاون" عليه.
وقال يعلون في لقاء خاص مع القناة العبرية الثانية مساء الجمعة (29|8) إنه كان في ذلك اليوم "في زيارة لبلدات غلاف غزة عندما أخبره مرافقوه بتساقط الهاون على ناح العوز كالمطر وانه تم إبلاغه أن هناك من علم بأمر الزيارة وينتظره هناك".
وادعى أنه خاف من الذهاب إلى هناك حتى لا يقتل أحد بسبب زيارته للمنطقة، ولأنه كان سيقال في حينها: "قتل السكان بسبب رغبة يعلون في المجيء واخذ الصور هنا لا يصح"، لذلك فقد ألغى الزيارة. على حد زعمه.
وكانت صحيفة /هآرتس/ العبرية كشفت سابقًا إن هناك تقييمًا أمنيًا لدى الأوساط الإسرائيلية يؤكد أن حركة "حماس" تسعى لقتل كبار قادة الجيش، على رأسهم يعلون وغانتس ومسئولين سياسيين وعسكريين.
رصد زيارات القادة
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها الأسبوع الماضي، أن التقييم الأمني يشير إلى أن "حماس" تقوم بعمليات رصد لزيارات المسئولين الإسرائيليين لمستوطنات غلاف غزة، مشيرةً إلى تكثيف قصف تلك المناطق أثناء تواجد تلك القيادات فيها بهدف قتلهم.
ولفتت إلى أن المستوطن "دانييل ترجمان" قتل خلال زيارة غانتس إلى كيبوتس ناح العوز، مشيرةً إلى أنه تم إطلاق قذائف هاون تجاه المنطقة ذاتها حين كان يزورها.
وكشفت الصحيفة عن إلغاء زيارة يعلون لمنطقة "ناح العوز" بطلب من ضباط المخابرات الإسرائيلية "الشاباك" الذين سبقوه للمكان لتقييم الأوضاع هناك، مشيرةً إلى أنه قرارهم جاء في ظل كثافة إطلاق قذائف الهاون.
وقالت الصحيفة نقلا عن مسئول أمني تأكيده إن "حماس" تحاول قتل مسئولين إسرائيليين لتحقيق انجاز في الحرب انتقاما لقادتها، مشددةً على أن هناك مخاوف من قدرة الحركة على تحديد حجم الشخصية التي تزور المكان بناء على حجم التدابير الأمنية التي تتخذ في المنطقة المحددة.
وكانت مصادر في المقاومة الفلسطينية أكدت أن غانتس قد أصيب بجراح خلال زيارته إلى منطقة "ناح العوز"، وذلك بعد سقوط قذائف الهاون على الغرفة التي تحصن بها.
موقع "ناح العوز"
ويعتبر موقع "ناح العوز" ثاني أكبر المواقع العسكرية الإسرائيلية على الحدود الشرقية لقطاع غزة، بعد موقع "الكاميرا" الواقع شرق بلدة "جُحر الديك" وسط قطاع غزة، حيث يقوم بمهام هجومية، وهو محصن بتحصينات كبيرة يتم زيادتها وتطويريها بشكل مستمر بالتزامن مع تطور أسلحة المقاومة.
وقالت مصادر فلسطينية أن هذا الموقع محصن من جميع جوانبه بجدران أسمنتية وأبراج عسكرية وسواتر ترابية على الواجهة الغربية الطالة على قطاع غزة، ومزود أيضا بأبراج عسكرية عليها أسلحة الكترونية ثقيلة، مرتبطة بأجهزة استشعارية عن بعد تقوم بإطلاق النار على كل من يقترب من الحدود مسافة 300 مترًا، والموقع مجهز بأبراج إرسال عليها كاميرات مراقبة دقيقة وأجهزة رادار كثيفة، وأيضًا يحتوي الموقع على منطاد عسكري مجهز بأجهزة مراقبة دقيقة جدًا.
ويقع موقع "ناح العوز" إلى الشرق من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ومقام على منطقة أعلى من حي الشجاعية، بحيث انه يكشف كافة أرجاء حي الشجاعية والتفاح والشعف والمنطقة الصناعية، الكائنة شرق المدينة، وتبلغ مساحة الموقع ثلاثة كيلومتر مربع.
وأُنشئ موقع "ناح العوز" في ثمانينيات القرن الماضي وكان عبارة عن معبر يدخل منه العمال الفلسطينيون الذين يعملون في داخل الأراضي المحتلة عام 1948، كذلك كان معبرا لإدخال الغاز الوقود إلى القطاع غزة قبل إغلاقه قبل حوالي عام ونقله إلى معبر "كرم أبو سالم" جنوب شرق قطاع غزة.
مهام الموقع
ويعتبر حماية "كيبوتس ناح العوز" الواقع إلى الشرق من الموقع، وحماية "كيبوتس كفار عزا" الواقع إلى الشمال الشرق من الموقع من أهم مهام هذا الموقع العسكري.
وبحسب شهود عيان؛ فإن الموقع مجهز بالعديد من أجهزة المراقبة من كاميرات وأجهزة استشعار عن بعد ومناطيد عسكرية، ورشاشات الكترونية على الأبراج العسكرية، ومجهز كذلك باتصال مباشر مع المواقع الأخرى وخاصة موقع "الكاميرا"، وذلك لأنه القوة الإسنادية الذي يعتمد عليها الموقع لا تنطلق إلا من موقع "الكاميرا".
وأضافت المصادر أن ما يرى الآن على الحدود الشرقية لحي الشجاعية هو فقط موقع مصغر لموقع "ناح العوز"، اما الموقع الأساسي والذي توجد بداخلة الإدارة والقيادة العسكرية الإسرائيلية لهذا الموقع هوا في الموقع "ناح العوز" الرئيسي والواقع إلى الشرق من موقع "ناح العوز" المصغر حيث يبعد عنه مسافة 500 مترًا عنه.
ويضم الموقع بداخلة كافة الأذرع العسكرية وكافة المعدات القتالية من مدفعية واليات ومركبات عسكرية وجيبات وقواعد لإطلاق صواريخ من نوع "أرض - أرض".
وكانت "كتائب القسام" عرضت شريط مصور لعملية الإنزال التي نفذتها في (28|7)، داخل الموقع وقتلت وجرحت عدد من جنوده.
العملية المصورة
وفي تفاصيل العملية قالت "القسام" في بلاغ عسكري إن "تشكيلٌ قتاليٌ من قوات النخبة القسامية يتكون من تسعة مقاتلين تمكن في تمام الساعة 18:45 من مساء يوم الاثنين 28 تموز (يوليو) 2014 من تنفيذ عملية إنزالٍ خلف خطوط العدو، وهاجموا برجا عسكرياً محصناً ضخماً تابعاً لكتيبة ناح العوز به عددٌ كبيرٌ من جنود الاحتلال وأجهزوا على جميع من فيه، كما حاولوا أسر أحد الجنود ولكن ظروف الميدان لم تسمح بذلك، وقد أكد مجاهدونا أنهم تمكنوا من قتل 10 جنودٍ وإصابة آخرين، كما تمكنوا من اغتنام قطعة سلاح من نوع Tavor قصير وهو السلاح الذي يحمله جنود النخبة الصهاينة وتحمل الرقم (438522900X95)، وقد عاد جميع مجاهدينا إلى قواعدهم تحفهم عناية الرحمن".
وتعهدت "كتائب القسام" خلال تنبيها لهذه العملية النوعية التي جاءت بعد 22 يوماً من الحرب بمواصلة عملياتها وضربها لجنود الاحتلال وقادته، وقد نفذت ما تعهدت به.
وقالت آنذاك آنذاك انها "لا زالت بفضل الله بكامل قوتها وعنفوانها، وإن لم يكن قد اكتفى بما تلقاه من ضرباتٍ فإن مجاهدينا لا زال لديهم الكثير ليفاجئوا به قادة الاحتلال وجنود نخبته المهزومين، وهذا عهدنا لأبناء شعبنا ولدماء شهدائنا ألا يضيع الدم الزكي، وأن تبقى غزة عصيةً على الكسر تفرض شروطها على المحتل وتبدد أمنه وتثخن فيه الجراح، وتقود شعبنا بإذن الله نحو النصر المؤزر والتحرير".
وكان لنشر صورة هذه العملية الأثر السلبي الكبير على نفوس جنود الاحتلال بشكل خاص والمجمع الإسرائيلي، في المقابل فإنها رفعت معنويات الشعب الفلسطيني ، لا سيما وانه تم بثها بعد خطاب القائد العام لكتائب القسام محمد ضيف في اليوم الثالث والعشرين للحرب.
رصد المواقع
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة أن المقاومة الفلسطينية كانت ترصد هذا موقع "ناح العوز" وغيره من المواقع باستخدام الأساليب التقليدية والتقنية مما يجعل كل تحركات جنود وقادة الاحتلال في مرمى نيرانها.
أضافت: "أن كتائب القسام كانت تلتقط إشارات لا سلكية حول تحرك قادة الاحتلال إضافة إلى ما يصلها عبر التقنيات الحديثة التي كانت قد نشرتها وتقوم بتحليها والاستعداد لأي تحرك لجيش وقادة الاحتلال".
واعتبر أن عملية التدمير لحي الشجاعية من قبل قوات الاحتلال وتهجير سكانه سهل على رجال المقاومة التحرك في الحي الذي يكشف هذا الموقع وغيره من المواقع بشكل كبير ويجعل كل شيء يتحرك فيه هدف لنيران المقاومة.
نقلاً عن قدس برس