عكس الخطاب الذي ألقاء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مساء اليوم والذي تحدث فيه عن محور إقليمي معتدل يقف إلى جانب "إسرائيل" في حربها على حماس طبيعة دور الوسيط المصري الذي تقدم بمبادرة كانت حكومة نتنياهو من السباقين للترحيب بها.
نتنياهو قال وبشكل واضح إنه "يرى بمصر والسعودية ودول خليجية أخرى والسلطة الفلسطينية، التي تصفها إسرائيل بأنها "دول معتدلة" ستشكل محورا ضد المقاومة".
وأضاف "هناك تغيرات إقليمية دراماتيكية جدا في المنطقة وليس كلها سلبية" وأن "الغاية هي تحقيق أفق سياسي جديد"، معتبرا أن "العالم العربي يقف ضد قطر وتركيا وإيران".
وتعهد رئيس حكومة الاحتلال ببلورة محور إقليمي ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فيما رفض التطرق بشكل عيني إلى محاولة اغتيال قائد كتائب القسام، محمد الضيف، الليلة الماضية.
في الوقت الذي خرجت هذه التصريحات على لسان نتنياهو كانت مصر بالأمس تحتضن داخل أروقة مقرات مخابراتها حولة من المفاوضات التي استمرت طول 100 ساعة أو أكثر في العاصمة القاهرة بين وفد الاحتلال الإسرائيلي ووفد المقاومة الفلسطينية بمباركة تلك الدول التي تحدث عنها نتنياهو ومشاركتها.
وهذه التصريحات وغيرها من التصريحات التي خرجت عن نتنياهو ووزراء حكومته تؤكد ان الدور الذي كانت تقوم به مصر كوسيط محايد بين الطرفين لم يكن محايدا ولم يكن ينحاز إلى الفلسطينيين الذين أعلن جزء منهم تمسكهم بمصر كوسيط ولا احد غير مصر.
هذا بالإضافة إلى المعلومات التي سربتها صحيفة "يديعوت أحرونوت العبرية اليوم أن المخابرات المصرية كانت على علم مسبق بعملية محاولة اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف أمس في غزة، مشيرة إلى مباركة الإدارة المصرية الجديدة لمثل هذه الأعمال التي من الممكن أن تضغط على حماس لتطويع مواقف قادتها المتصلبة في جولات المفاوضات التي رعتها.
النظام المصري الجديد أعلنها وبكل صراحة معادته لحماس وقطاع غزة، واطلق أبواقه الإعلامية لتصدح بكل ما يمكن في نظرهم أن يعيب حماس ويحجمها، بل عمدت إلى تليط بعض وسائل الإعلام لبث الشائعات بين الفلسطينيين لخلق نوع من العصيان ضد حماس في غزة، كل هذا يهدف إلى القضاء عل حماس وإنهاء حكمها.
هذه المصالح المشتركة بين مصر و"إسرائيل" لا يمكن أن تفسر إلا في إطار الجهود المشتركة للقضاء على المقاومة وشل حركتها وخنقها، وهو في الحقيقة ما تحدث عنه نتنياهو مساء اليوم.
كما أن الناطق الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة قد لمح إلى هذه النقطة عندما قال "إن المبادرة المصرية المقترحة ولدت ميتة، وهي قربت بدفن نجل القائد العام الضيف الذي استشهد أمس في الغارة التي استهدفت والدته.
وكان المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية “أليكس فيشمان” قد قال خلال فترة التهدئة الثانية في اليوم 33 للعدوان على غزة إن “محادثات القاهرة أشبه بالسيرك الفكاهي الذي يدور في ثلاث دوائر هي المصرية- الإسرائيلية- الفلسطينية؛ العربية؛ والدولية، ويديرها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإن الجانب الإسرائيلي موافق على معظم شروط المقاومة في غزة إلا أن القاهرة هي التي ترفض هذه المطالب بهدف تطويع حماس”.
وأضف أن "من ينكل بوفدي حماس والجهاد الإسلامي في القاهرة ويرفض كل مطالبهم بشكل غير معقول وغير متوقع هم المصريون، وإن إسرائيل لديها مقترحات تستجيب لغالبية مطالب المقاومة حتى الميناء، لكن “مصر منشغلة في ترويض النمر الحماسي”، وترفض هي وحدها جملة من هذه المطالب”.
السؤال المطروح حاليا في ظل الحديث عن حرب استنزاف ستدخلها "إسرائيل" مكرهة يتمحور عن طبيعة الدور المصرية مرة أخرى، لكن هذه المرة في الميدان، فما الذي سيكون عيه هذا الدور في حال شنت قوات الاحتلال عدوانا آخر على قطاع غزة؟، هل ستتدخل وتعرض مبادرة أخرى لوقف النار، أن يتقف موقف المتفرج في انتظار ما ستؤول إليه الأمور؟، وما هو الدور الذي ينتظره نتنياهو لتقوم به مصر في سبيل القضاء على المقاومة في غزة وسحب سلاحها؟.