شبكة قدس الإخبارية

الاعتقال الإداري يختطف أبا لـ400 طفل

شذى حمّاد

ترتدي يقين (3 أعوام) كل صباح فستانها الجديد، تسرح شعرها، تحمل صورة والدها، تقبلها حينا وتحضنها حينا آخرا، وتبقى تتنقل من هذه النافذة إلى تلك عسى أن ترى والدها يطل عليها، كما وعدها قبل خمسة شهور.

"في اليوم المقرر خلاله الإفراج عن جمال، كنت أرى أطفاله متلهفين لرؤيته، اشتروا الملابس واستعدوا كما يستعدوا ليوم العيد، إلا أن قلبي كان مقبوضا، وكنت أشعر أنه لن يتم الإفراج عنه" قالت سعدية عبد الحفاظ العدمي والدة جمال، التي تركت بيتها واختلت بنفسها حتى لا ترى السعادة تختطف مجددا من عيون أحفادها.

فبعد أن أصدرت محكمة الاحتلال حكما جوهريا يقضي بالإفراج عن الأسير جمال عوني العدمي (40 عامًا) والد يقين وعمر ومحمد، المعتقل الإداري منذ خمسة أشهر، عاودت تمديد اعتقاله، ونقلته من سجن عوفر إلى سجن الرملة.

الأسير جمال العدمي، من قرية بيت أولا شمال غرب الخليل، اعتقل ست مرات تحت بند قانون الاعتقال الإداري، كان يقضي في كل مرة من ستة أشهر إلى تسعة أشهر، تحفظت خلالها محكمة الاحتلال على تهم الملفقة له في ملف سري، وحرمته ومحاميه وعائلته من الاطلاع عليه.

جمال يخوض الآن معركة الأمعاء الخاوية مع المعتقلين الإداريين منذ 30 يوما، ثائرين على قانون الاعتقال الإداري ومطالبين بإلغائه والإفراج عنهم، حيث ذكر محامي نادي الأسير زيد الجنيدي لعائلة جمال أنه فقد 14 كيلو غرمات من وزنه منذ أن بدأ الإضراب.

سعدية حرمت من زيارة نجلها كما حرم أولاده من رؤيته واحتضانه طوال فترة اعتقاله، "غياب جمال لم يكن مؤلما لنا وحدنا، بل جعل 400 طفلا يتيما، فهو مدير مكتب دار الأيتام، وها نحن نتلقى يوميا عشرات الاتصالات التي تسأل وتطمئن، وتدعو بالإفراج عنه".

بثوبها الفلسطيني الأصيل، وبسنينها التي تجاوزت السبعين، تواظب سعدية على حضور كافة الفعاليات المساندة للأسرى سواء في الخليل أم في رام الله، لترفع صورة نجلها، وتتحدث عنه أمام الملأ، "أنا لا أحضر هنا لأجل جمال فقط، بل أحضر لأدعم كل الأسرى، وأدعو لهم بالإفراج".

وكما لا يغادر جمال بال وقلب والدته طوال النهار، لا يغادر أحلامها في الليل أيضا، وتقول والدته إنها تشعر به وتخاف عليه، "شفت في المنام أرنب كان يركض، وكل الناس تركض وراه، وهو حولي، ويبعد عني" مضيفة: "في اليوم الثاني من رؤيتي هذا المنام تم تمديد اعتقال جمال، وأصبح الكابوس حقيقة".

وتبين سعدية أنها تشعر بجوع وألم نجلها جمال المضرب عن الطعام، "حلمت أن والده المتوفي يطلب دبس، فشعرت أن جمال جوعان ولديه نقص قي السكري".

وتصف سعدية أنها وأحفادها يمرون بأصعب الأيام منذ تمديد اعتقال جمال وشروعه بالإضراب عن الطعام، مضيفة أنهم غير قادرين على استيعاب فكرة اعتقال والدهم ومنعهم من زيارته ورؤيته، "انتكست فرحتهم، وغابت ابتساماتهم، محمد دائما يقول اليهود بكذبوا علينا وما بدهم يطلعوا بابا".

دموع سعدية لم تستطع الاختباء بعينيها طويلا، وانهالت على وجنيتها وهي تدعو لابنها ولكل الأسرى، "الله يثبتكم، ويفرجها عليكم، ويحميكم كما حمى يونس في بطن الحوت".