أجور متدنية، إجازات غير مدفوعة، وتأمين صحي غير موجود، وبلا راتب تقاعدي، كلها حقوق مسلوبة من مربيات رياض الأطفال، اللواتي خابت آمالهن بولادة قانون الحد الأدنى للأجور المركرون على رفوف المؤسسات بلا رقابة حكومية أو قانونية.
بين الاستمرار بأدنى الحقوق المتوفرة أو ترك العمل، تخير رياض الأطفال المربيات اللواتي معظمهن يعملن منذ أكثر من عشر سنوات ليعلن أسرهن وأطفالهن، على الرغم أنهن من مؤسسات رياض الأطفال في أكثر المناطق المهمشة.
خ.أ (42) عاما من مدينة سلفيت، رفضت الكشف عن هويتها، فقد هُددت وزميلاتها بالفصل من العمل إذا قمن بالانضمام لنقابة رياض الأطفال والمطالبة برفع أجورهن، قالت، "كنت أرغب بدراسة إدارة الأعمال، إلا أن أحد أقاربي شجعني بدراسة تربية الطفل والسفر للعمل إلى الإمارات حيث الرواتب المرتفعة والامتيازات العديدة لمربيات الأطفال".
وبينت أنها تزوجت خلال دراستها ولم تستطع السفر فأنشأت روضة خاصة شرعت أبوابها تستقبل الأطفال مدة عامين وبسبب ما تعرضت له من ضغوطات من قبل المؤسسات أغلقتها وانتقلت للعمل في روضة تابعة للبلدية.
خ.أ لا يتجاوز راتبها 650 شيقل على الرغم أنها تعمل منذ 14 عاما في الروضة لتعيل أبناءها الثلاثة، أوضحت أنها لا تحصل على راتب العطلة الصيفية (ثلاثة أشهر) ولا حتى راتب عطلة الفصلين (أسبوعين)، مشيرة إلى أنه وبالرغم من أن البلدية تعتبر الروضة خدمة تقدمها لأهالي البلدة إلا أنها لا تساوي بالحقوق بين مربيات الروضة وعمال البلدية.
سامية كمال وثلاثة مربيات آخريات فقدن عملهن بعد أن أغلقت إحدى رياض الأطفال في بيت لحم أبوابها بذرعة العجز المالي، كما أنهن لم تحصلن على مكافأة نهاية الخدمة فلجأن إلى القضاء الفلسطيني كملاذ أخير إلا أنه ومنذ ثلاث سنوات لم يستطع أن يستعيد حقوقهن المسلوبة.
سامية حاصلة على بكالوريس خدمة اجتماعية من جامعة بيت لحم عملت 14 عاما براتب وصل حده الأعلى 1250 شيقل، فيما لم يتجاوز راتب زميلاتها 800 و600 شيقل، قالت" تراجع الوضع الاقتصادي وانعدام الدعم كانت ذريعة أعضاء الجمعية ليعلنوا إغلاق الروضة، على الرغم أننا كنا نعمل أشهر بلا راتب".
أكد سامية على أنها والمربيات الآخريات لم يحصلن على أتعابهن على الرغم أن راتبهم كان أقل من الحد الأدنى للأجور،" لم نستفيد أي شيء من رفع القضية في المحكمة، فقد مرت ثلاث سنوات ولم نسترد أي حق من حقوقنا".
من ضمن أول خمس متعلمات في مدينة يطا جنوب الخليل كانت فدوى علي رشيد (40) عاما بعد أن حصلت على دبلوم تربية إسلامية، قالت، إنها تعمل منذ 20 عاما براتب وصل حده الأعلى 1200 شيقل تعيل به أسرتها، مضيفة ،" لا نأخذ راتب العطلة الصيفية ولا يوجد لدينا مكافأة نهاية الخدمة، كما لا يوجد لنا تأمين صحي أو أي حقوق أخرى تحمينا".
وبينت فدوى أنه لا يوجد قوانين تنظم عملها، "مرة يضعوني نائبة مديرة ومربية صف في آن واحد، ومرة أخرى أكون مربية صف، وأكون في بعض الأحيان مسؤولة عن صفين"، مضيفة ،" مربية رياض الأطفال مثلها كأي مهنة يجب أن يكون لها حقوق وأن يهتم بها المجتمع، مقابل ما تقوم به من واجبات لا حصر لها وعلى أكمل وجه".
زهرة اسماعيل من مدينة رام الله حاصلة على شهادة الماجستير وتعمل في رياض الأطفال منذ (25) عاما، قالت، إن أكبر مشكلة تعاني منها مربيات رياض الأطفال أنه إذا حصل زيادة على الراتب فإن الزيادة تكون على الراتب الأساسي الذي هو أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور، مشيرة إلى أن راتبها بلغ 1900 شيقل على الرغم من مضي ربع قرن على عملها.
وبينت زهرة أن مربيات رياض الأطفال محرومات من الراتب التقاعدي والتأمين الصحي، وتتكبد المربية الكثير من المشقة حتى تستطيع الحصول على أتعابها ومكافأة نهاية الخدمة الخاصة بها، مؤكدة على أن هذه الحقوق لا تستطيع مربيات الأطفال إستعاداتها إلا بوقفها صفا واحدا والمطالبة بها بصوت واحد.
أكثر من ثماني آلاف روضة في الضفة تفتقر الإشراف والمتابعة من المؤسسات الأهلية والحكومية، وعن ذلك قالت زهرة، إن مشرفة التربية والتعليم تأتي على الروضة مرة أو مرتين في العام، ما يحرم المربية من ملاحظاتها ومساعدتها في تطوير أدائها وتحسين مضمون المنهاج المقدم للأطفال.
من جانبها، ذكرت منال حامد والتي تعمل منذ سبعة أعوام في رياض الأطفال أنها تأخذ راتب بلغ 1050 شيقل، إلا أنها غير مثبتة بوظيفتها حتى لا تطالب بأي حقوق لها وخاصة مكافأة نهاية الخدمة وراتب العطلة الصيفية.
بعد عمل تجاوز 30 عاما في روضة سلواد النموذجية، تقول مديرة الروضة شهلة محمود حماد، " أتقاضى 1900 شيقل وهذا لا يكفي كوني المعيلة الوحيدة لأسرتي".
وبينت أنها طالبت عدة مرات برفع راتبها ولم تتلق سوى الرفض، "هناك زيادة سنوية لا تتجاوز 60 شيقل وهي قليلة ولا تكفي، وإجازاتي أصبحت مدفوعة بعد (30 عاما) من العمل، ولكن المعلمات اللواتي لم يتجاوز عملهن الخمس سنوات لا يتقاضين رواتب للإجازات الصيفية والعطل السنوية".
وأشارت حماد إلى أن رواتب المربيات في رياض الأطفال تتراوح ما بين (500 – 1000) شيقل وذلك حسب ما يمتلكن من شهادات، مؤكدة على أن متابعة التربية والتعليم تقتصر على الترخيص، فتزور الروضة مرة واحدة في السنة لمنح الترخيص.
تطبيق الحد الأدنى للأجور، وإقرار بتطبيق نصوص قانون العمل الفلسطيني، من وإقرار إلزامية التعليم لمرحلة رياض الأطفال وفتح رياض أطفال حكومية، وتوفير دعم حكومي لرياض الأطفال، من أهم ما تطالب به نقابة رياض الأطفال.
سحر عرار من نقابة رياض الأطفال ذكرت، أن النقابة تطالب أيضا بتوسيع دور التربية والتعليم الإشرافي والرقابي على رياض الأطفال، تطوير قدرات وإمكانيات جهاز التفتيش العمالي في وزارة العمل وزيادة المفتشات العاملات فيه، وذلك لعدم وجود رقابة نهائيا على أصحاب العمل.
وأضافت أن النقابة تطالب أيضا بوجود رقابة على المحاكم العمالية، مؤكدة على أن القضايا تتداول عشرات السنوات في المحاكم دون البت بها، متسائلة،" لما تم إقرار قانون الحد الأدنى للأجور ولا يوجد رقابة على الرياض؟ القانون لم تطبقه سوى روضتين في مدينة رام الله وقراها".
وبينت عرار أن مربيات رياض الأطفال محرومات من راتب الإجازة الصيفية التي يتملص منها أصحاب رياض الأطفال، كما يتهربون من دفع المكافأت السنوية ومكافأة نهاية الخدمة لمربيات الأطفال، إضافة لخصم الإجازة المرضية من راتب المربية.
وطالبت عرار بأن يكون دور ملموس للتربية والتعليم في ضم رياض الأطفال والإشراف عليها لتأخذ المربية راتبها بكرامة كمعلمات المدارس الحكومية، مضيفة،" يجب أن يصبح تطبيق الحد الأدنى للأجور من اولويات رئاسة الوزراء، كما على وزارة التربية والتعليم ووزارة الاقتصاد تخصيص دعم مالي لرياض الأطفال وللمربيات".