تصل التوتّرات بين الولايات المتحدة وروسيا إلى ذروة لم نشعر بها منذ سنوات، ربّما منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. تحدّث في نهاية الأسبوع رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما لمدّة 90 دقيقة مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وطلب منه سحب قوات جيشه للعودة إلى القواعد. دعا أيضًا وزير الخارجية، جون كيري، موسكو ألا تشارك في الشؤون الداخلية لأوكرانيا.
ويبدو حتى الآن أنّ بوتين يتجاهل التحذيرات الأمريكية بشكل قاطع. قال في محادثة مع أوباما إنّ لروسيا "الحقّ في الدفاع عن مصالحها والدفاع عن المتحدّثين باللغة الروسية في شرق أوكرانيا". ويعيش في شبه جزيرة القرم غالبية من المتحدّثين بالروسية، وهناك طموحات روسيّة لضمّها منذ أكثر من 100 عام. ورغم أنّ المنطقة تقع تحت سيادة أوكرانيا، فإنّ الهيّمنة العسكرية الروسية ملاحظة بشكل واضح منذ سقوط الكتلة السوفياتية.
تحدّث أوباما كذلك مع رئيس حكومة كندا ستيفين هاربر والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وأشار إلى أهمية تشكيل جبهة مضادّة لروسيا. اعترفت روسيا في الماضي بالسيادة الأوكرانية في شبه جزيرة القرم في وثيقة وقّعت عليها مع الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا. تلزم "اتفاقية بودابست" منذ 1994 الدول الغربية بالدفاع عن سلامة الأراضي الأوكرانية في حالة وقوع الغزو الروسي، ولكن كما يبدو الآنّ من الصعب على أوباما أن يفي بهذا الالتزام.
فإنّ أيادي أمريكا مكبّلة أمام بوتين لأنّها تحتاج له في عدد من الجبهات، التعاون مع روسيا فيها ضروريّ. وتسعى حكومة أوباما إلى تشكيل جبهة موحّدة ضدّ إيران، توقف مشروعها النووي، ولذلك فعلى الرغم من الاختلاف بين مصالح الكرملين والبيت الأبيض، فإنّ الرغبة بالحفاظ على إنجاز الاتفاق النووي في جنيف قد تفوق الالتزام بالدفاع عن أوكرانيا.
فضلًا عن ذلك، فإنّ الوقوف المستمر لبوتين إلى جانب نظام بشّار الأسد أمام المناورة الأمريكية بين البدائل، يجعل المواجهة بين روسيا والغرب أكثر تركيبًا وتعقيدًا. في نهاية المطاف، يحذّر المحلّلون، إنْ لم يتوقّف بوتين في أوكرانيا، فمن المتوقّع أن يستمرّ في السباق نحو القوة والنفوذ أيضًا في جبهات أخرى مثل سوريا وإيران.