في 25 فبراير عام 1994، سار الطبيب العسكري الإسرائيلي المولود في الولايات المتحدة "باروخ غولدشتاين" إلى المسجد الإبراهيمي في الخليل مسلحا ببندقيته الرشاشة من نوع "جليلا"، كان ذلك قبيل صلاة الفجر من أحد أيام شهر رمضان المبارك، حيث كان مئات الفلسطينيين يؤدون الصلاة داخل المسجد.
[caption id="attachment_38513" align="aligncenter" width="600"] حكم طهبوب كان حارسا للمسجد لـ31 عاما، وكان داخل المسجد خلال المجزرة، يقول "غولدشتاين كان يأتي كل ليلة للمسجد من أجل الصلاة، وقد عرفنا حينها انه كان يشاهدنا ويخطط.[/caption]"غولدشتاين"، الذي كان قد هاجر إلى دولة الاحتلال عام 1983، وعاش في مستوطنة "كريات أربع" القريبة من الخليل، فتح النار على المصلين عند ركوعهم في الصلاة، واستمر في إطلاق النار لأطول وقت ممكن قبل أن يتمكن المصلون من الوصول إليه ومنعه من مواصلة إطلاق النار وضربوه ضربا مبرحا حتى الموت، بعد أن قتل 29 من الفلسطينيين داخل المسجد، وجرح أكثر من 100.
[caption id="attachment_38515" align="aligncenter" width="600"] علاء الدين جبري كان هو الآخر حارسا للمسجد الإبراهيمي منذ ما قبل المجزرة يقول: "جولدشتاين كان يمشي مرتديا سماعات الأذن والـ"كيبا"، ودخل المسجد من أحد الأبواب، حيث مشى على طول الجدار الخلفي وأطلق النار على المصلين عند ركوعهم في الصلاة، كان هناك العديد من الجثث والدم في كل مكان".[/caption]وفورا أصدر الحكومة الإسرائيلية حينها بيانا أدانت فيه الحادث، وقالت إنه فعلا فرديا، يقف وراءه شخص معروف بمعاناته النفسية.
بعد 20 عاما يحيي الفلسطينيون ذكرى المجزرة الشنيعة التي ارتكبها "غولدشتاين"، في الوقت الذي يستعد فيه المستوطنون للحج لقبر "غولدشتاين" في مستوطنة "كريات أربع" القريبة.
المسلمون واليهود يعتقدون على حد سواء أن المبنى يضم رفات نبي الله ابراهيم وولديه اسحق ويعقوب وزوجته سارة، حيث تم تقسيم المسجد بين المصلين من كلا الطرفين، وفق نظام محدد.
[caption id="attachment_38516" align="aligncenter" width="600"] الرصاصة التي أصابت كمال عابدين مرت عبر حنجرته، دخل نتيجتها في غيبوبة لمدة أربعة أشهر قبل أن يستعيد وعيه، وهو اليوم يعاني نصفيا يقول: "الجنود المتمركزين على مداخل المسجد يقومون بشكل يومي بتفتيش المصلين، وكل يوم وفي كل صلاة يجب علينا المرور عبر كهاز الكشف عن المعادن، لكن في ذلك اليوم تم إيقاف الجهاز، ودخلنا المسجد دون المرور عبر الجهاز، وكان هناك عدد أقل من الجنود مما هو معتاد، وكان الجنود يمرحون معنا ويضحكون، لم أعتقد حينها أننا ربنا لن نخرج سالمين من المسجد بعد دقائق".[/caption]لقد حظيت المجزرة بتغطية واسعة من قبل العديد من وسائل الإعلام العالمية، لكن الفلسطينيين لا يزالون يعتقدون الرواية الحقيقية للمجزرة لم تنشر بعد.
وقال شهود عيان ومصادر محلية إن الـ 29 شخصا الذين قتلوا داخل المسجد لم يكن هذا العدد النهائي لضحايا المجزرة، حيث بلغ عدد الشهداء وفق تقديرات محلية ما بين 50_70 شهيدا، وما يقارب 250 جريحا، حيث استشهد العديد من الشبان برصاص قوات الاحتلال في أعقاب المجزرة، حيث جرت مواجهات عنيفة في محيط المسجد، وكانت قوات الاحتلال تستهدف كل تجمع للشبان والأهالي، حيث استهدفت الشبان المتجمهرين على مداخل مستشفى الخليل الأهلي للتبرع بالدم للجرحى.
[caption id="attachment_38517" align="aligncenter" width="600"] حمدي المحتسب، أصيب بشلل نصفي هو الآخر بعد إصابته بـ3 رصاصات داخل المسجد، يقول: "التفت ورائي بعد نهوضي من الركوع وسماع إطلاق النار، فرأيت المستوطن يطلق النار، وأصبت من الجانب الآخر لجسدي، وأنا لا أعرف من هو الذي يطلق النار، وقعت على الأرض ولم أتمكن من رؤية شي، ولكن كان بإمكاني سماع الناس يقولون إن جنود الاحتلال أغلقوا الباب الرئيسي للمسجد، وعندما كنا في سيارة الإسعاف اوقفتنا جنود الاحتلال المتمركزون على حاجز عسكري قرب بيت أمر، واحتجزوا السيارة لعدة ساعات، واستشهد أحد المصابين الذي كان بالقرب مني في السيارة".[/caption]وتحدث بعض الناجين من المجزرة عن وجود شخص آخر أطلق النار صوب المصلين حينها، الأمر الذي يدل على أن جيش الاحتلال كان على علم مسبق بالمجزرة، والفلسطينيون لا يزالون يعتقدون أن الرواية الإسرائيلية غير صحيحة أن الفعل كان فرديا، وناتجة عن أزمة نفسية كانت تلم بـ"غولدشتاين".
هذا ولا تزال الطريق الرئيسية للمدينة مغلقة منذ ذلك اليوم (شارع الشهداء) ويمنع الفلسطينيون من استخدامه، فقط الإسرائيلون والأجانب من يستطيع السير في هذا الشارع، أما الفلسطينيون، فهو منطقة عسكرية مغلقة بالنسبة إليهم.
[caption id="attachment_38518" align="aligncenter" width="600"] في ساعات بعد مجزرة ذهب كثير من الناس إلى المستشفيات للتبرع بالدم للمصابين. عرفات بياعات كان من بين الذين استشهدوا على أيدي جنود الاحتلال الإسرائيلي خارج المستشفى الأهلي في الخليل بعد التبرع بالدم، تقول زوجته هالة: "ذهب لفتح متجره بشكل طبيعي ولكن سمع ما حدث لذلك توجه إلى المستشفى للتبرع بالدم، وبعد تبرعه خرج من المستشفى، فوجد سيارة إسعاف تقل أحد أصدقائه جريحا، فوثب لرؤيته إلا ان رصاص الاحتلال كان أسرع منه، لقد مات بالفعل، فقد كان رصاصة قاتلة في قلبه".[/caption]الجزيرة الإنجليزية