عند عقدي النية للذهاب إلى رام الله، أحزم أفكاري مبكرا، وأترك مواعيدي متأخرة؛ فالطريق إلى رام الله محفوفة بالحواجز، والأزمات المرورية الخانقة؛ التي تجعلك تضاعف الوقت الذي من الممكن أن تصل فيه. فمن بيت لحم إلى رام الله؛ تواجه حاجز الكونتينر، الذي كان حاجزا طيارا يوما ما، وأصبح معبرا كبيرا اليوم.
تمضي سيارة التكسي مسرعة حتى تصل إلى مفرق جبع، ويا ويل الواقع في أزمته؛ قد تمر بعد ساعات، لتندب حظك المتبعثر على مداخل حاجز قلنديا "الحدودي"، الساعات تمضي، وعجلات السيارات تنازع الدوران. تشتري سي دي من الطفل المتجول بثياب بائع، وتحتسي قهوتك، وترتب جدول يومك في العاصمة، لتحاول النيل من الدوائر الرسمية هناك قدر الإمكان، فقد لا تعود إلى رام الله إلا بعد زمن؛ تتنفس الصعداء على أبواب كفر عقب، مدخل رام الله من الجهة الجنوبية؛ الحمد لله على سلامتك
يوما ما، قررت الذهاب هناك، حملني صديقي الصحفي في طريقه، فأنا أسكن على الطريق بين بيت لحم ورام الله، مرت الطريق حتى وصلنا إلى مفرق جبع، مال بالسيارة إلى اليمين، طريق نابلس، رمقني وابتسم؛ هذه الطريق أسهل وأسرع؛ إنها تتجه نحو معبر بيت إيل؛ أو الـ DCO دقائق ونكون في رام الله، انتهى كلام الصديق.
بالفعل؛ وصلنا إلى المعبر، صف من السيارات ذات اللوحات الفسطينية الحمراء، سائقوها وراكبوها تظهر عليهم الشياكة الصارخة، سألت؛ من يكونون؟!، أجابني الرفيق: إنهم موظفو السلطة من حاملي بطاقة الـ VIP، هذا المعبر يخصصه الاحتلال لدخول الشخصيات الكبيرة في السلطة، وموظفوا المؤسسات الأجنبية، والوفود العربية والغربية الرسمية، بالإضافة إلى الاستخدامات العسكرية للاحتلال، والتحركات السريعة لسيارات الاجهزة الأمنية الفلسطينية. هذا ما شرحه له صديقي الصحفي مقتَضِبا الحديث.
يمد السائق يده من شباك السيارة، ويومئ الجندي له بالدخول، دورنا وصل؛ مد صديقي بطاقة الوكالة الأجنبية التي يعمل معها، فدخلنا، ثوانٍ معدودات وإذا نحن في رام الله. بدون قلنديا؛ وأزمته، وقهوته، وباعته المتجولين. يومنا كان حافلا بتغطية المؤتمرات الصحفية التي تحدث فيها المسؤولون عن تعزيز صمود المواطنين، وحاجتنا الكبيرة لإحراج الاحتلال أمام المجتمع الدولي.