شبكة قدس الإخبارية

المحرر صادق أبو الخير.. اعتقل في 11 معتقلا إسرائيليا

ايمان السيلاوي

كلمات قليلة نسجت سنواتٍ من المعاناة في الأسر استمرت مدة اثنا عشر عاماً خلف تلك الأسوار الاحتلالية، عن ١٢ عاماً في الأسر حدثنا الأسير المحرر صادق حسن صادق أبو الخير (٣٤ عاماً) من بلدة سيلة الحارثية جنوب مدينة جنين المحتلة، والذي اعتقل بتاريخ 9-11-2001 ليعود حراً في السابع من ديسمبر عام ٢٠١٣.

لحظات الاعتقال الأولى

كان يعمل الشاب صادق في معمل للفخار مع والده وشقيقيه، وفي ظهيرة يوم ٩/ ١١/ ٢٠٠١ جاءت سيارة تُقل عدداً من الرجال للمعمل، واستدارت وعادت للوراء مقتربه منه، نزل منها شخصان اختطفاه على مرأى من والده واشقاءه، أدرك صادق أنهم قوات خاصة من جيش الاحتلال، كبلوا يديه وقدميه ووضعوا رأسة بين عجلات السيارة الاحتياطية في الصندوق وفي لحظات وصلوا إلى معسكر سالم العسكري الذي يبعد دقائق قليلة عن بلدته ومعمل الفَخار، وسألوه عن اسمه وخلعوا ما عليه من ملابس لتفتيشه معتقدين أنه يحمل سلاحا، وتركوه بالبرد ظهيرة ذلك اليوم وكانت الساعة الواحدة والنصف والسماء تمطر، وعادوا إلى المعمل لاعتقال والده وشقيقيه عمران وربيع وعامل كان يعمل تلك اللحظة معهم، وتم الافراج عنهم فيما بعد وبقي صادق بعدما تأكدوا من أنه "المطلوب".

ثلاثة أشهر على كرسي التحقيق

يذكر صادق عن هذه الفترة القاسية بعد نقله في نفس ليلة الاعتقال من مقر سالم إلى تحقيق الجلمة وكانت الساعة التاسعة ليلاً، فأدخلوه على طاقم من الضباط منهم الهادىء ومنهم العنيف وهو مكبل اليدين والقدمين مكبلتان بأرجل المقعد الذي ليس له ظهر، فكان يذكر أنه كلما دفعه الضابط للخلف، رماه بعنف حتى يشعر وكأن عضلات البطن تتمزق، وكان يتألم بشدة.

واستمرت هذه الأساليب في كل يوم لعشرين ساعة متواصلة، كانت تتوقع ساعات اربع فقط لأن الضابط قرر أن يرتاح أو يأكل، ينقل صادق حينها لزنزانة نتنة تشبه القبر الصغير، تكاد تتسع للإنسان بالكاد.

كان صادق فيها يخلد للراحة قليلاً بعد يوم شاقٍ من التحقيق والتعذيب الجسدي والنفسي.

وتابع صادق فقال: "تم نقلي لغرفة العصافير والتي لا يخرج منها أسير إلا بعد معاناة كبيرة، حتى أن الاحتلال انتزع اعترافات العديدين من خلالها، إلا أني لم أعترف بشيء".

الرفض الأمني .. حاجز المنع من الأهل

قال صادق: "أول زيارة للأهل كانت فقط لأشقائي الصغار، وكانت في العام 2005، أي بعد مرور أربع سنوات من اعتقالي حيث كان والداي مرفوضين أمنياً، ومضت بعدها سنوات اعتقالي كلها ولم أشاهد والدي إلا في السنتين الأخيرتين فقط أربع زيارات فقط كعقاب لي ولوالدي.

ويضيف "هنا كنت دائم العقاب من خلال نقلي لسجون الاحتلال، حيث تنقل في معظم سجون الاحتلال منها "الجلمة، عسقلان، مجدو، ايشل بئر السبع، النقب، ريمون، نفحة، هوليكدار، شطة، عوفر"، وأذكر أن والدتي حصلت في العام ٢٠٠٥ على تصريح يوم واحد لزيارتي في سجن "هوليكدار"، فأبلغتها الادارة أنه تم نقلي في صبيحة نفس اليوم وحرمت والدتي من رؤيتي، وتكرر معها هذا المشهد مرة أخرى في سجن آخر كنت معتقلاً فيه عام 2006" .

لحظات الافراج الأولى ..

مرت لحظات صعبة وقاسية على أسيرنا صادق عندما علم ليلة الافراج أنه سيترك أصدقاء له في الأسر، فبقي صامتاً تلك الليلة يتألم عليهم، ويعز عليه فراقهم، إلا أنهم بادروا بالاحتفال بحريته، وأنشدوا له مودعين ومهللين.

وهنا صمت صادق قليلاً وابتسم وقال: "وأصبحت طيراً حراً طليقاً في 7-11-2013 وعدت لأهلي وبلدي، ولكني تركت خلفي معاناة أسرى لم يعبر عنها أي أحد من الاعلاميين أو المسؤولين حتى اليوم كما تستحق، وكما هي حقيقة، وعلى الرغم من وجود نوعين من الناس منهم المنتفعين ومنهم المخلصين ولم يجدوا حلاً لإنهاء معاناة الأسرى.

واعتبر أبو الخير أن عملية التحكم بالوقت ليست بالسهلة كما حدث لدفعتين من أسرى أوسلو الذين أفرج عنهم، ولكن نسي الجميع الخمسة آلاف المستثنين من عملية الإفراج، وأضاف متسائلا: "هل على الأسرى وخاصة أسرى المؤبدات أن ينتظروا عشرين عاما أخرى كي يحل عرس حريتهم؟".