كان مشهداً لافتاً حين وقف مدير إحدى المدارس الثانوية بقطاع غزة أمام طلاب الصف العاشر يشرح لهم عن كتاب التربية الوطنية الجديد. كتابٌ تلقفته أيدي الطلاب بشيءٍ من الدهشة، وأخذوا يقلبون صفحاته ليجدوا صوراً لصواريخ المقاومة ودرساً عن حرب حجارة السجيل كما ذكر الطالب بلال النجار.
يقول بلال الطالب في مدرسة محمد الدرة بخانيونس: "لفت انتباهي في الكتاب الجديد ذكر أحداث عشناها كطلاب والتأكيد على ضرورة مقاومة المحتل بكافة الوسائل".
وكانت الحكومة الفلسطينية في غزة قد أدخلت بداية العام الحالي تغييرات جوهرية على مساق "التربية الوطنية" للطلبة في الصفوف من الثامن حتى العاشر، تركز من خلالها على "المقاومة وتحرير فلسطين".
وسبق أن أقرت حكومة غزة في نيسان الماضي قانونا للتعليم نص في مادته الخامسة على أن هدف النظام التعليمي "إعداد الطالب ليكون له شخصية وطنية وملتزما بالثقافة الفلسطينية والعربية والإسلامية وتنشئته على الإيمان بالله والاعتزاز بدينه ووطنه فلسطين بحدودها التاريخية".
وحظر القانون في مادته 43 - على المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والأجنبية والدولية "تلقي هبات أو مساعدات تهدف إلى التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، أو الترويج لأي نشاط صهيوني".
كما يتحدث الكتاب عن مشروع "التحرر الفلسطيني والمقاومة ومشروعيتها وأشكالها وتطورها" وقضايا الثوابت الوطنية الفلسطينية مثل القدس، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وصفقة تبادل الأسرى عام 2011 "وفاء الاحرار".
[caption id="attachment_31687" align="aligncenter" width="504"] إحدى صفحات المنهاج تتحدث عن حركة الجهاد الإسلامي[/caption]ويقول د. فتحي كلوب، بأنه تم البدء في تأليف المساق منذ ثمانية شهور بتشكيل لجان من أساتذة الجامعات ومشرفين تربويين وخبراء وعقدت عدة ورش العمل لمناقشة المنهاج.
كلوب الذي يشغل مدير عام الإشراف والمناهج في وزارة التربية والتعليم أكد لـ "شبكة قدس" بأنه كان لديهم مجموعة من المبادئ تم مراعاتها لأبعد حدود أثناء تأليف الكتاب، هدفها الأساسي تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية لدى الطلاب وتجنب أي مفردات من شأنها إثارة الخلاف بين الطلاب أو في المجتمع.
وعن الهدف الأساسي للكتاب قال كلوب "كان مهم جدا لدينا تعزيز روح مقاومة الاحتلال لدى الطلاب، وبوطنه فلسطين والمدن والشخصيات الوطنية، ومعرفة كافة المشاريع التي تستهدف المقدسات وعمليات التهويد ومن دواعي إصدار المنهاج الجديد انه منذ تأليف المنهاج الفلسطيني حدثت العديد من المتغيرات تتطلب هذا التعديل, من حفريات وتهويد واقتحامات للأقصى وتغيير لمعالم الهوية لفلسطين وتعرض غزة لحربين ضروسين في الفترة الأخيرة".
ويقتصر تدريس المنهاج المعدل على المدارس الحكومية في قطاع غزة، فيما لم تشمل المدارس التي تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي (الأونروا) في القطاع.
وأوضح كلوب بأن المفردات الجديدة في المنهاج التي تم تعزيزها "فلسطين التاريخية ورؤيتها ومكانتها الدينية ومفاهيم المقاومة وأشكالها"، ويتناول الكتاب للمرة الأولى التعريف بنكبة العام 1948، وحرب عام 1967، بوصفه "المشروع الصهيوني للاستيلاء على أرض فلسطين التاريخية".
وفي نفس المادة للصف الثامن احتوى الكتاب على وحدة تتحدث عن مفاهيم المقاومة وتعزيزها كمبدأ أساسي في مواجهة الاحتلال ونبذة عن مجموعة من الشخصيات الفلسطينية الوطنية كـ "أحمد الشقيري وابوعمار واحمد ياسين".
وحرص كلوب على التأكيد أكثر من مرة مراعاتهم للإطار الوحدوي في المنهاج الذي كان يشكل لهم حساسية مفرطة لاجتنابه، وتم إدراج مادة تتحدث عن كافة فصائل المقاومة الوطنية ويظهر دورها في اثر الوحدة الوطنية وعرض وثيقة الوفاق الوطني.
ويتطرق الكتاب إلى الحديث عن الفصائل الفلسطينية، والنظام السياسي الفلسطيني بما في ذلك تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وإنشاء السلطة الفلسطينية والانتخابات.
وعن احتمال مواجهة اعتراضات على المنهاج قال كلوب" الكتاب هذا العام في مرحلة تجريبية وننتظر رجع الصدى والتقييم من المجتمع، والوزارة على استعداد لاستقبال أي ملاحظة على الكتاب بكل صدر رحب".
[caption id="attachment_31690" align="aligncenter" width="391"] صفحة من الكتاب الجديد تتحدث عن المقاومين الأسرى[/caption]حول سؤالنا عن التنسيق مع وزارة التعليم بالضفة في اعداد الكتاب وإمكانية تعليمه هناك، أوضح كلوب بأنه لم يتم التنسيق مع الضفة في إعداد الكتاب وفي نهاية العام بعد إعادة تقييمه واخذ التغذية الراجعة من المجتمع وتقويمه سيتم عرضه على الإخوة في الضفة لتعليمه هناك.
واختتم كلوب حديثه بالتأكيد على أن "إضافة هذه المواضيع المحفزة للمقاومة والمعززة لها جاء منسجماً ومرتبطاً مع مشروع الفتوة والتجهيز الفكري والبدني للطالب ليدرك بأننا تحت احتلال يجب مقاومته.