التعذيب والمعاناة برفقة المرض وآلامه تجد في سجون الاحتلال أبطالا عُرفوا بصلابتهم وشجاعتهم وعدم الخوف، أبطال لا يؤلمهم جرح الزمان بنزيفه المؤلم ويمضون بعنفوان رغم الشدائد، مع عدم نسيان الأهل يا وطن ، فالأسرى خلفهم آباء وأمهات وأخوة وصحبة سنوات مضت، أسيرنا اليوم هو علاء أديب عبد الجبار شريتح (33عاماً) المولود في 22-12-1979، من مدينة طولكرم المحتلة، ويقضي حكماً بالسجن مدته 13 عاماً ونصف أمضى منها أحد عشر عاماً وهو الآن في سجن "جلبوع"، صارع خلالها المرض أمام حكايات من المعاناة خلف السجون، بينما عائلته لا يرتاح لها بال قلقاً على حال ابنها، كونه يعاني من مرض حمى البحر المتوسط وهو مرض وراثي ينتج عنه آلام في الصدر والبطن وأوجاع في المفاصل، وعادة ما يكون مصحوباً بالحمى، إضافة لإصابات جلدية متعددة، لكثرة مكوثه في الزنازين، وذلك حسبما أفادتنا به والدته.
خاض علاء بداية اعتقاله فترة تحقيق طويلة جداً رافقها تعذيب شديد وإصابة بالغة في القدم نتيجة الشبح في الزنازين، وتأخرت محاكمته لدرجة أنه حكم بعد عامين من الإعتقال، وذلك لعدم اعتراف شريتح على تهم كانت قد وجهت له من قبل المحققين، ويقول لي والده في هذا الجانب : " لقد كنت أعمل سائق إسعاف خلال الإنتفاضة الثانية وأنقل مصابي الإنتفاضة ومنهم طبعاً المطاردين، وعندما أعود للبيت كنت أرى المساعدات التي يقدمها إبني علاء لأهالي المنطقة من مواد تموينية، كما كنت أعلم أنه يحافظ على الأمن في الحي فهو كان أحد كوادر" فتح"، ولكن الاحتلال إتهم علاء بتهم لم يقترفها كان لا يعرف ماذا يوجه له تهماً لذلك تأخرت محاكمته" وعُزل شريتح عدة مرات منها فترة 14-3-2011 ، في زنزانة رقم 11 (عزل الجلمة).
سجنك خلوة وإبتهال
قالت الوالدة "عندما أعتقل علاء، مال قلبه للصلاة والعبادة والتقرب الشديد للخالق و قرر الالتحاق بحركة حماس التي اعتبرها قدوة الدين"، وهو شاب وقور رزين صاحب المصحف، فمصحفه لا يفارقه كما حدثني العديد من الأسرى المحررين ، وقد ذكر أحد الأسرى المحررين لي عن شريتح قائلا: "قوته وإرادته وصلابته أمام المحقق والسجان أكبر من قوتهم لدرجة أنهم يهابون وجوده في الأسر".
كالآخرين .. المنع من الزيارة
مُنعت عائلة الأسير شريتح عدة فترات خاصة بعد العزل الذي لازم إضراب الكرامة (١٧ نيسان ٢٠١٢)، وهم الآن لا يزورون إلا كل أربعة أشهر ويعانون معاناة بالغة عند معبر الطيبة بسبب الأزمة الخانقة وضيق مكان العبور، فالمعبر مخصص أيضاً للعمال المتوجهين إلى عملهم داخل الخط الأخضر، وذكر شقيقه عبد أنه ممنوع من زيارته منذ سنوات، وهو ما يمنعه أن يزور عوضاً عن والديه اللذين أكل المرض على جسديهما فوالدة شريتح من الضغط وكانت قد أجرت عملية ليزر للعين بسبب نزيف على الشبكية، ووالده لديه آلام حادة في المفاصل.
جلبوع والاقتحامات وجع العائلة
كنا قد ذكرنا في بداية التقرير أن الأسير علاء شريتح يقبع في سجن جلبوع الاحتلالي، ويذكر أن أسرى سجن جلبوع تعرضوا في الآونة الأخيرة لعدة إقتحامات نفذتها وحدات قمع السجون التابعة لـ "مصلحة سجون الاحتلال"، مما جعل عائلة شريتح تقضي فترة عيد الأضحى المبارك هذا العام 2013 في البكاء والحزن إلى أن وصلت أخبار عن إبنهم الأسير تطمئنهم أنه بخير رغم ما تعرضوا له في قسمه من قسوة السجان.
فيما وجهت العائلة مناشدة للحقوقين المهتمين بقضايا الأسرى في فلسطين بتسليط الضوء على معاناتهم وما يتعرضون له من إصابات بالغة من التحقيق وحياة القهر في الأسر.
ويبقى لنا أن نقول بأن عائلة الأسير الكرمي علاء شريتح عائلة من العائلات الفلسطينية الكثيرة التي ذاقت آلام القهر والتفتيش على المعابر المؤدية للسجون، حالها كحال آلاف الأسرى المقاومين والمتحدين لظلم الاحتلال والسجن والسجان، والصبر حتى نيل الحرية.