عبر رئيس الحكومة في قطاع غزة إسماعيل هنية عن بالغ قلق حكومته وحركته لما يجري في القدس والأقصى وما يدور حولهما من كيد وتهويد ومؤامرات ومهادنة ومساومة وتنازلات، محذراً من أن الأقصى يتعرض لخطة منهجية تهدف إلى السيطرة عليه وتغيير معالمه، مطالباً الأمتين العربية والاسلامية للاستعداد لانتفاضة الأقصى الكبرى.
وبين هنية في خطاب ألقاه قبل ظهر اليوم السبت، أن القدس اليوم تعاني من التهويد والتهجير والطرد، وتغيير البنية الديمغرافية وهدم المنازل ومنع البناء، وتدنيس واستهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية، واغتصاب آلاف الدونمات لصالح المشروع الصهيوني القدس الكبرى الذي سينتهي عام 2020 (حسب مخططهم) والذي لن يتجاوز عدد المقدسيين عن 20% من سكانها وما الجدار العازل إلاَّ حلقة من حلقاته.
ويتصادف موعد خطاب هنية، التاسع عشر من أكتوبر، موعد الذكرى الثانية لصفقة "وفاء الأحرار" التي حررت المقاومة بموجبها 1027 أسيراً وأسيرة مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط".
وأكد هنية في خطابه أن ملف الأسرى مفتوح ولم يغلق إلا بتحريرهم جميعاً، مشيرا الى أن صفقة شاليط ألغت الخطوط الحمراء للاحتلال.
وقال بأن الركيزة لهذا الانتصار، هي كل الوسطاء الذين بذلوا جهدهم من أجل اتمام الصفقة والافراج عن الاسيرات والأسرى، هي الشقيقة الكبرى مصر والتي قامت بدور الوسيط والشقيق بصورة مهنية عالية من خلال جهاز المخابرات العامة حيث استمرت جهودها الكبيرة عدة سنوات الى ان توجهت بإتمام الصفقة في عهد ثورة 25 يناير.
وتابع هنية: "لمصر خالص الشكر والتقدير، وهذه فرصة للتأكيد على موقف شعبنا وموقف حكومتنا وموقف حركة حماس تجاه مصر في كل عهودها وفي كل المراحل والظروف وحرصنا على مصالح مصر واستقرارها وامنها القومي".
هنية: نحن بحاجة الى مصالحة تعطينا حكومة واحدة
وطالب هنية بضرورة البحث العملي في آليات تطبيق اتفاق المصالحة وإنهاء الانقسام مع التركيز على الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية وتوفير الأجواء الداخلية والحريات العامة اللازمة لإجرائها، داعياً الرئيس محمود عباس لسرعة تشكيل الحكومة بناءً على ذلك.
وأوضح هنية، أن المصالحة لم تتحقق، بسبب أن الفيتو الأمريكي والتخريب الصهيوني كان العامل الأكثر بروزاً في اكتمال المصالحة، مبيناً أنه كل ما اقتربت الحركتان من الحل والاتفاق وإعادة الوحدة الوطنية افتتح الأمريكان مشاريع سياسية أمريكية لثني الأخوة في فتح عن تحقيق المصالحة،
وشدد، على موقف حركته من المصالحة، مؤكداً أنه متمسك بالمصالحة على أساس كل ما تم الاتفاق بما لا يدع مجالاً من التأويل والتشكيك، باعتبار المصالحة خيار استراتيجي وقرار حركي وضرورة وطنية.
وقال هنية:" نحن بحاجة إلى مصالحه تعطينا حكومة واحدة ومجلس تشريعي واحد ورئاسة واحدة، ونمد يدنا للجميع لإنهاء الانقسام واعادة تفعيل المنظمة على أسس وطنية وديمقراطية تضمن تصويب والتوافق على ادارة القرار السياسي".
وأضاف:"نحن نؤمن بالشراكة ولا نسعى للسيطرة، وأكدنا على ذلك قولاً وعملاً في اتفاقية مكة، وأدعو لفتح صفحة جديدة في العلاقات الوطنية والتركيز على بحث آليات تطبيق المصالحة".
وقال : "الالاف من أبناء المقاومة منهم فوق الأرض ومنهم تحت الأرض يتجهزون ويعلنون أن لفلسطين رجالها دروعها وأبناء المقاومة ورجالها ينتظرون معركة التحرير لتري الاحتلال هشاشة كيانه".
هنية: ندعو الى وقف المفاوضات
وتطرق هنية في خطابه للمفاوضات، حيث أكد أن إنجاز مشروع التحرر الوطني وفق تجارب الشعوب والأمم يستوجب المزاوجة بين المقاومة والعمل السياسي والدبلوماسي، وأن العمل السياسي لم يكن أقل أهمية من العمل العسكري المقاوم فأحدهما يكمل الآخر لكن ذلك مرهون بعدم الوقوع في التناقض بين السياسة والمقاومة او افتراق العمل السياسي وتفريطه وابتعاده عن ثوابت القضية.
وأضاف، أنه بعد مرور عشرين سنة على اتفاقية اوسلو وبعد النتائج الكارثية التي حلت بشعبنا جرَّاء الاستمرار في نهج اوسلو فبدى لشعبنا جلياً ان من اكثر القضايا خطورة الانفراد في القرار السياسي الوطني، والتنسيق الأمني مع المحتل، واستمرار المفاوضات مع العدو، علماً أن المفاوضات الحالية تجري بقرار سياسي منفرد، وغالبية أبناء شعبنا وقواه وفصائله تقف ضدها، اضافة الى انها تشكل خروجاً عن الاجماع الوطني، وهي مفاوضات جرت وتجري تحت الضغط والابتزاز والإكراه الأمريكي، وفي ظل ميزان قوى يميل لصالح العدو، وغياب كامل لعوامل القوة وأوراق الضغط التي تجبر العدو على التسليم بحقوقنا، مما يجعلها مفاوضات عقيمة، بل تشكل خطراً حقيقياً على قضيتنا وحقوق شعبنا، وخاصة القدس والأرض والعودة.
وشدد، على أن العدو هو الذي يستثمر هذه المفاوضات ويستغلها لتعزيز علاقاته العامة مع المجتمع الدولي لتحسين صورته، واستنزاف مواقف المفاوض الفلسطيني وسقوفه السياسية، وكغطاء لممارساته وإجراءاته العدوانية خاصة التهويد والاستيطان وتدنيس الأقصى والسعي لتقسيمه.
وقال:"من منطلق الموقف الشرعي والديني ثم باسم ثوابت شعبنا التي رسختها دماء الاف الشهداء والجرحى والأسرى، باسم الاف الشهداء الذين قضوا من أجل القدس وباسم القادة الشهداء ابو عمار والشيخ احمد ياسين ود. فتحي الشقاقي وابو على مصطفي ندعو إلى الحفاظ على القدس وعدم التفريط بالحقوق وعلى رأسها حق العودة".
ودعا، لوقف المفاوضات وتجاوز نهج أوسلو، والبحث مع القوى السياسية في ايجاد استراتيجية وطنية جديدة تقوم على تكامل الرؤى والوسائل وتكون أنجع في مواجهة الاحتلال وفي تحقيق الطموحات الوطنية.
كما طالب القوى والفصائل والشخصيات الفلسطينية إلى الاحتشاد الوطني في مواجهة مخاطر المفاوضات مع الاحتلال وأي تسويات محتملة معه، وإلى بناء استراتيجية وطنية فلسطينية، وبحيث تشمل هذه الاستراتيجية كافة الخيارات المتاحة وكل الوسائل الممكنة: بما فيها المقاومة المسلحة، المقاومة الشعبية، المواجهة السياسية والدبلوماسية والإعلامية والجماهيرية والقانونية والمقاطعة الاكاديمية والدبلوماسية، ومن خلال مختلف الساحات والمنابر الإقليمية والدولية، كما دعا الدول العربية رغم انشغالها بملفاتها الداخلية الى حماية مواقف أمتنا الثابتة في القدس وفلسطين وتكثيف العمل في التصدي لسياسات الاحتلال.
وجدد تأكيده، على أننا لن نقبل بأقل من عودة القدس كاملة وقيام الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني على أساس دولة كاملة السيادة مع عودة اللاجئين وحقهم في العيش داخل وطنهم الأم فلسطين ونرفض كل مشاريع التوطين والوطن البديل، وسوف يتصدى شعبنا بقوة لأية مشاريع سياسية يمكنها ان تحل ولو جزءً من مشكلات الشعب الفلسطيني على حساب الاردن او سوريا او لبنان او على حساب سيناء كما يروج البعض زوراً وبهتاناً، وليشهد العالم أجمع أن فلسطين كانت وستبقي هي فلسطين، وليست هناك من ارض يمكن ان تكون بديلاً عنها.
هنية: لسنا طرفا في أي حوادث جرت أو تجري في سيناء
وعلى الرغم مما لحق بنا من حيف كبير جرّاء الحملة الظالمة التي قامت بها بعض وسائل الإعلام في مصر ضدنا منذ قرابة العام.
وأضاف:"على الرغم مما لا يزال يصيبنا من أذى وحصار وتضييق جرّاء إغلاق معبر رفح الطويل والمتكرر، وهدم الأنفاق دون توفير بدائل، وكيل الاتهامات المختلقة للحركة، والتحريض الى حد التلويح باستهداف غزة وضربها عسكرياً.
وشدد:" لسنا طرفاً في أية حوادث جرت أو تجري في سيناء ولا في غيرها، فنحن لا نعمل إلا في ساحتنا الفلسطينية ولا نوجه بنادقنا الا ضد الاحتلال فقط، ونحن في الحركة نشعر بالصدمة عندما يجرى تناول الحركة اعلامياً من مواقع مصرية وحتى من مسؤولين كطرف يريد الشر لمصر وأمنها وجيشها ومكوناتها، فنحن لا نريد لمصر الاَّ كل الخير والامن والوحدة والاستقرار ولا نتوقع منهم الاَّ كل الدعم والاحتضان، وتأكيداً منا للثقة في موقفنا وسلامته فإننا ندعو الاجهزة القضائية في مصر الى تزويدنا بأية معلومات لمتابعتها ولإزالة أية هواجس او شكوك لدى الاخوة في مصر، مع تأكيدنا بأن ما يجرى هو محض اتهام يفتقد الى الدليل، ويقف وراءه أناس يهدفون الى احداث الوقيعة بين مصر وفلسطين وحرف البوصلة وصرف الامة عن قضاياها الرئيسة".
وأكد، أن مصر ستظل على الدوام الشقيقة الكبرى والعمق الاستراتيجي لفلسطين، نحترمها ونقدر تاريخها مع شعبنا ومع الأمة، وسنظل حريصين على مصالحها وأمنها القومي، فمعركتنا الوحيدة هي ضد الاحتلال، والحركة التي حافظت على نظافة سلاح المقاومة سوف تستمر في ذلك ولن تنحرف الى أية صراعات بعيداً عن صراعها الرئيس مع الاحتلال.
وتابع: "سنظل حريصين على تجنب أي شيء يؤدي إلى توتير الأجواء مع أشقائنا في مصر ومع أية دولة عربية أو إسلامية، وندعو المسؤولين في مصر والمؤسسات السياسية والإعلامية إلى وقف حملة التحريض والاتهام والتهديد الموجهة ضد غزة وحماس ووقف الاجراءات التقييدية، فذلك لا يخدم الاَّ الاحتلال، فضلاً على أنه لا مبرر له على الإطلاق، وغزة حين تتوقع الحصار والتضييق والخطر والعدوان فلا تتوقعه ولا تنتظره إلا من الاحتلال، ولا تنتظر من شركائنا في العقيدة والتاريخ المشترك ومن أمتنا العربية والإسلامية إلا التعاون والدعم والإسناد والتعاطف وتعزيز الصمود وإجراءات كسر الحصار والمساعدة على إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، وتحرير الاوطان.. ونقول لإخوتنا في مصر بأن حماس ليست عدواً لكم ومن في غزة هم اخوانكم واهلكم، وهم سند وعمق لكم كما أنتم سند وعمق لنا.
هنية: نحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حصار غزة
وحول الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة، حمل هنية الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا الحصار وتداعياته ونسجل خرقه للقوانين الدولية، مما يشكل معه جريمة ضد الانسانية، وندعو لإعادة فتح المعابر كافة وادخال جميع احتياجات القطاع وخاصة مواد البناء والمواد الخام وفق ما تكفله القوانين الدولية.
ودعا، شعبنا وأبناء أمتنا والمتعاطفين من أحرار العالم في أوروبا وغيرها الى الاستمرار في فعاليات كسر الحصار وتطويرها.
كما دعا الاشقاء في مصر الى فتح معبر رفح بصورة كاملة للحركة التجارية والأفراد كإجراء سيادي مصري لنستغني عند ذلك عن الأنفاق، فالهدف هو ضمان الحياة الكريمة لأهلنا في غزة بعيداً عن الحصار.
وقال هنية:"من حق مصر اتخاذ الاجراءات التي تراها مناسبة لحماية امنها على الاَّ ان تكون هذه الاجراءات على حساب غزة ومقاومتها الباسلة ولا بد من انهاء الحالة الراهنة ووضع الترتيبات السريعة لمرور الافراد والبضائع بين مصر وغزة بما يحقق مصالحنا المشتركة.
وطالب، الجامعة العربية ومنظمة الامم المتحدة الراعية للسلم الدولي ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني واحرار العالم الى ادانة الحصار على غزة وندعو كل من يستطيع الى رفع الدعاوى القانونية أمام المحاكم الجنائية الدولية ضد الاحتلال الاسرائيلي لما يقوم به من جرائم حرب ضد شعبنا الفلسطيني الاعزل.
من جانبها ردت حركة فتح على خطاب هنية ودعوته لها للمصالحة الوطنية باتهام هنية أنه "ينفذ التعليمات الأمريكية التي صدرت بتعطيل المصالحة"
قالت الحركة على لسان الناطق باسمها أحمد عساف "إن خطاب رئيس هنية لم يأت بشيء جديد"، واعتبره مخيبا لآمال جزء كبير من أبناء الشعب الفلسطيني.
وأكد عساف على موقف فتح المتمسك والملتزم بكل الاتفاقيات الموقعة، مضيفا "الذي تهرب من الاتفاقيات ولم يوقعها هو السيد هنية، وتحديدا قيادة حماس في غزة".
وقال عساف "إن حركته ملتزمة بتشكيل حكومة التوافق الوطني التي تم الاتفاق عليها في الدوحة"، وتابع "كنا نتوقع من هنية في هذا الخطاب الذي روج له أن يعلن التراجع عن الانقلاب وانهاء الانقسام بسحب الفيتو الحمساوي عن إجراء الانتخابات".وتساءل عساف "هل هذه المواقف تلزم قيادة حماس في الخارج وخاصة مشعل الذي وقعنا معه الاتفاقيات"، مطالبا حماس بالاعتذار للشعب الفلسطيني وإعلان انفكاكها عن جماعة الاخوان المسلمين.
وأضاف "إن الذي أوقف اللقاءات هي حماس، وفي موضوع تشكيل الحكومة وضعت حماس أكثر من 20 شرطا، وأصرت على أن يكون جزء من قياداتها في هذه الحكومة، وان يكون نائب رئيس الوزراء من غزة".
واعتبر المتحدث باسم حركة فتح أن "الذي يريد أن يحرر القدس لا بد أن يحقق الوحدة الوطنية".