استهجنت أربع منظمات عاملة في أوروبا تعامل السلطات الإيطالية القاسي بحق اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، والذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية طالبي للجوء فارين من المعارك العنيفة الدائرة في سورية. واشار بيان صادر عن كل من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان والحقوق للجميع السويسرية ومركز العودة في لندن، ومجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية إلى ما أسماه فشل نظام الهجرة الإيطالي في التعامل مع اللاجئين.
وقال المنظمات، في إشارة لاستعمال السلطات الإيطالية القوة المفرطة لإجبار طالبي اللجوء الفلسطينيين والسوريين الفارين من سورية على التبصيم، أن مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين نصت على "وجوب أن يحترم الموظفون الكرامة الإنسانية أثناء قيامهم بواجباتهم، وأن يحافظوا على حقوق الإنسان لكل الأشخاص، وأن استخدام القوة ينبغي ألا يكون إلا تفاديا لوقوع جريمة أو تنفيذا لاعتقال قانوني لمشتبه بهم"، منوّها إلى أن المادة (31) من اتفاقية اللاجئين قد منعت الدول من فرض عقوبات جزائية على اللاجئين الذين يدخلون إقليمها أو يوجدون فيه دون إذن، بسبب دخولهم أو وجودهم غير القانوني، قادمين مباشرة من إقليم كانت فيه حياتهم أو حريتهم مهددة فيه، وهو ما كان يعاني منه اللاجئون الفلسطينيون والسوريين القادمون من سورية إلى إيطاليا، والقادمين إليها من مصر عبر البحر.
وشدد البيان، على مسؤولية الحكومة الإيطالية عن منح اللجوء للاجئين الفلسطينيين من سورية، "فهؤلاء الذين وصلوا إلى إيطاليا عبر البحر، ينبغي أن يُمنحوا وضع اللاجئ بموجب المادة (1) من اتفاقية "حماية اللاجئين" لعام 1951، حيث إنهم خارج بلادهم بسبب الاضطهاد المستمر، ولا يستطيعون العودة إليها، ولا يحملون جنسية أي بلد (عديمو الجنسية)، وهم لا يتمتعون بحماية أي هيئة من هيئات الأمم المتحدة، وعلى ذلك فينبغي على السلطات الإيطالية الاعتراف بهم كلاجئين، وأن يتمتعوا بحماية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ويتلقّوا مساعداتها".
ونوّهت المنظمات إلى أنه ينبغي على الدولة التي يتقدم إليها ملتمسو اللجوء بطلب منحهم وضعية اللاجئ أن تبت بهذا الطلب بالسرعة الممكنة، وأن لا يترك ملتمسو اللجوء في حالة من الحرمان وهم ينتظرون أن تُبحث طلباتهم.
ولفت البيان النظر إلى مسؤولية الاتحاد الأوروبي تجاه اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سورية والذين وصلوا إلى إيطاليا من مصر عبر البحر، وقال إنه "يقع على عاتق دول الاتحاد الأوروبي أن تأخذ هذه القضية على محمل الجد، والتعاون فيما بينها من أجل ضمان منح هؤلاء الفلسطينيين وغيرهم من السوريين طالبي اللجوء في إيطاليا حقوق اللاجئين"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن ديباجة الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، نصت على أهمية التعاون الدولي بين الأطراف من أجل إيجاد حل مرضٍ لمشكلة اللاجئين.
وذكر أن على دول الاتحاد الأوروبي معاونة الحكومة الإيطالية ودعمها مالياً لكي تتمكن من القيام بدورها حيال اللاجئين. وقال المرصد إنه "إذا ما ثبت أن النظام المتبع في إيطاليا غير ملائم وينتهك الكرامة، وهو ما ظهر خلال الفترة الماضية، فإن الدول الأوروبية الأخرى تكون غير مجبرة بإعادة هؤلاء اللاجئين إلى إيطاليا كبلد لجوء أولى، في حال تقدم اللاجئون بطلب لجوء فيها".
وأشار في هذا السياق إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كانت قضت بأن النظام المتبع في اللجوء باليونان غير ملائم وينتهك الكرامة. وكنتيجة لذلك، توقفت معظم دول الاتحاد الأوروبي عن ترحيل اللاجئين الذين يأتون إليها بعد وصولهم إلى اليونان، على الرغم من أن هذه الدول ملزمة بإعادة طالبي اللجوء إلى البلد الذي دخلوا منه لأول مرة إلى الاتحاد الأوروبي، بموجب لائحة "دبلن 2" لعام 2003.
وقالت المنظمات الموقعة إن عدداً من العائلات التي تدخل إيطاليا لها صلات عائلية بأقارب من الدرجة الأولى سبقوهم إلى السويد، وعليه فإن الأولى أن يتم ترحيل هؤلاء إلى السويد ليتقدموا بطلب لجوئهم فيها، وذلك بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي أكّد على "حق الإنسان بالحماية من المساس بشؤون أسرته، باعتبارها الوحدة الجماعية الأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة، وأن لكل ولد الحق في اتخاذ تدابير الحماية التي يقتضيها كونه قاصراً".
وأشار البيان إلى تصريح المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، والذي رأى أن ضمان المعايير الملائمة لمعاملة طالبي اللجوء وهم يسعون للحصول على الأمان في أوروبا يجب أن يكون أولوية لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، داعياً إلى تطبيق لائحة دبلن 2" بصورة مرنة.