نشرت صحيفة "هآرتس" يوم أمس الأربعاء تقريراً عن مهمة جديدة داخل وحدة 8200 (تقرأ: ثمانية، مئتان) في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية باسم "المسؤول عن قانون حفظ الجنون"، الذي من مهمته التأكد أن أعضاء الوحدة من الجنود في "جنون" دائم لاقتراح أفكار تكنولوجية جديدة يمكن الاستفادة منها في حلّ معضلات جيش الاحتلال ووحداته الاستخبارية بالأخص.
وتعتبر وحدة 8200 إحدى أكبر وحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي، والمختصة فيما يسمى "استخبارات الإشارات" والتي تعمل على جمع المعلومات عن طريق اعتراض إشارات الكترونية وانتاج معلومات استخباراتية بناء عليها. وقد استخدمت هذه الوحدة لسنوات طويلة كحاضنة للشركات التكنولوجية الرائدة في "إسرائيل"، إذ من رحمها ولدت هذه الشركات وازدهرت.
وعن وظيفة "حافظ الجنون" الجديدة داخل الوحدة، يقول التقرير إنه قبل حوالي 5 سنوات، عرف مسؤولو الوحدة في جيش الاحتلال أنها تحوّلت إلى جسم كبير من الصعب تحريكه وإنبات مبادرات جديدة منه كما كان الوضع عليه في الماضي. وفي محاولة لتغيير ذلك ولضمان انتاجية مبتكرة من الأفكار، يتولى شخصان اثنان يصفهما التقرير بأنهما من "القمم"، ويمنع كشف اسميهما، الأول هو "الرئيس التنفيذي لوحدة التكنولوجيا"، والثاني هو جندي سابق في الوحدة يحمل لقب "رئيس قسم قانون حفظ الجنون"، ومسؤول بشكل يومي عن الابتكار الاستراتيجي في الوحدة. مسؤولية الثاني تتلخص في ضمان ظهور افكار "صحيحة" من أفراد الوحدة، بينما مسؤولة الأول تتلخص في تصفية تلك الأفكار، وتنفيذها على أرض الواقع.
وقد نبعت الحاجة إلى إنشاء جسم خاص يكون مسؤولاً عن الابتكار التكنولوجي من الإيمان بأن هذا هو السبيل الوحيد لإبقاء وحدة 8200 في طليعة المجال التكنولوجي، إذ يعتبر الابتكار "استراتيجية ضرورية في وحدة 8200 من جانبين، الأول أنها تتعامل مع عالم دينامي متغير بشكل سريع خاصة فيما يتعلق بتطورات الشرق الأوسط، إضافة إلى التقدم التكنولوجي السريع الذي تجب مواكبته".
ويقتبس التقرير من كلام المسؤول التنفيذي للوحدة قوله أن "وحدة 8200 فهمت أن الابتكار أمر يجب الاستثمار فيه بطريقة منظمة، ففي عملنا لا يوجد هناك من نقلده، بل نحن مضطرون إلى انتاج الابتكار بانفسنا.. في كل الأحوال نحن لا نستطيع السماح لأنفسنا أن نكون لاحقين للسوق، لذلك فإن الابتكار هو استراتيجية إجبارية بالنسبة لنا".
خمسة أيام خارج الصندوق
من مشاريع هذه الوحدة ما يسمى بـ "خمسة أيام خارج الصندوق"، المأخوذ من "أسبوع خارج الصندوق" المنفذ في شركة مايكروسوفت -والذي خلاله يتم تقسيم المهندسين إلى فرق لتطوير الافكار الابداعية أو ما يُسمى بـ "الستارت آب". يبدأ الاسبوع بطرح الأفكار وينتهي بعرض الأفكار الناجحة منها بصيغتها النهائية أمام ضباط المخابرات وبعض قطاعات صناعة الهاي تك الإسرائيلية.
في السنوات الثلاثة الأخيرة تم تنظيم 10 أسابيع كهذه، في كلّ واحد منها اشترك 30 جندياً ونتجت عنها أكثر من 80 فكرة تكنولوجية جديدة. من إجمال هذه الأفكار هناك 10 أفكار تكنولوجية تم تبنيها، وخمسة أحدث فرقاً هائلاً في عمليات الجيش، مما يدلل - بحسب التقرير - على الجهد الكبير وكمية الافكار الكثيرة اللازمة من أجل الوصول في النهاية إلى فكرة جيدة وناجحة. إحدى هذه الأفكار كان إنشاء منصة اجتماعية الكترونية شبيهة بالفيسبوك خاصة لأفراد المخابرات يتم من خلالها تداول المعلومات ونشرها فيما بينهم.