شبكة قدس الإخبارية

الساعات الأخيرة للعامل الفلسطيني الذي ترك ينزف حتى الموت في تل أبيب

هيئة التحرير

بعد خمسة أيام على وفانه ما زالت الصدمة تعقد لسان أقرباء وأصدقاء العامل الفلسطيني الذي لقي مصرعه في تل أبيب، بعد أن ألقاه صاحب العمل وهو مصاب على قارعة الطريق عقب تعرضه لحادث عمل فنزف حتى الموت.

الأقرباء والأصدقاء الذين جاؤوا للمشاركة في العزاء تجمعوا في بيت العائلة الكائن في مخيم عسكر. جاؤوا من الضفة والنقب ويافا في حين لا زال الغزاويون بانتظار التصاريح التي تسمح لهم بالقدوم، كما تورد عميرة هس، في تقرير لها نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم الأربعاء.

الصمت كان كان سيد الموقف، تقول هس وتورد على لسان حسان ( 27 عاما) وهو طالب في جامعة القدس المفتوحة قوله، نحن مصدومون أساسا من التقارير التي تحدثت عن كيفية موته، وكيف ترك ينزف على قارعة الطريق، بينما يقول زياد أبوستة وهو قريب العائلة، من المؤلم التفكير بأنه القي من قبل مشغله، وترك في الشارع حتى دون الاتصال بسيارة اسعاف.

إحسان أبو ستة ابن الـ57 عاما لم يستمع إلى دعوات أبناء العائلة بالتوقف عن العمل في "إسرائيل". الأجر اليومي الذي كان يجمعه كان أكثر بثلاث مرات من أجر كل واحد من أولاده الثلاثة المتزوجين الذين يعملون في نابلس، ابنه الأصغر حسان بقول، إن الرغبة في إعالة العائلة الكبيرة ذللت الصعوبات التي كانت تعترض دخوله الى "إسرائيل"، بدون تصريح، بما يرافقها من خوف دائم من ملاحقة الشرطة وإمضاء أيام دون عمل والبعاد عن العائلة التي كان يعود إليها مرة كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

العديد من أبناء العائلة الذين عملوا أو ما زالولوا يعملون في "إسرائيل" صدموا مما حدث، وهم يقولون للصحفية الإسرائيلية، في "إسرائيل" يجمعون الهررة الضالة من الشارع ويأوونها ولذلك من الصعب تخيل كيف قاموا بهذا التصرف مع إحسان.

عندما تم الاتصال بالإسعاف وأخذ أبو ستة إلى مستشفى "إيخيلوف"، فتشت إحدى الممرضات في ذاكرة هاتفه الخلوي واتصلت بأحد الارقام بشكل عشوائي، تبين لاحقا أنه لأحد أقاربه من يافا، الذي اتصل بدوره بقريب له في "ريشون لتسيون" والأخير اتصل بمخيم عسكر، حيث وقع الخبر هناك في حوالي الساعة الخامسة والنصف من بعد ظهر الاثنين الموافق 16 ايلول، وفقط لاحقا سمعت العائلة من وسائل الاعلام الإسرائيلية عن ظروف وفاته.

أبو ستة لم يكن يكثر من الحديث عن عمله، حيث واجه في السنوات الأخيرة صعوبة في إيجاد مشغل تخصص له دائرة التشغيل الإسرائيلية عمالا، في إطار سقف العمال الفلسطينيين الذي تحدده الحكومة الإسرائيلية، لذلك اضطر إلى العيش من عمل في طارئ في مجال البناء هنا وهناك. زوجته سعاد و وأبناؤه الثلاثة وبناته الأربع لم يكونوا يعرفون أين وكيف يغادر الضفة الغربية بدون تصاريح في طريقه للعمل في "إسرائيل". لم يكونوا يعرفون كم من الوقت عمل لدى مشغله الأخير الذي الذي ألقاه مصابا في الشارع، لكنهم بعرفون اسمه وهو يدعى "رافي"، وفق تقرير "هآرتس". في شهر رمضان حصل أبو ستة على تصريح لمدة شهر من الثامنة صباحا وحتى العاشرة ليلا، لغرض زيارة عائلة وقد استخدمه للبقاء في "إسرائيل" والعمل فيها.

عائلة إحسان أبو ستة كانت من بين 1100 من أهالي السقية الذين طردوا من قريتهم عام 1948. الوالدان عملا في قرية الجفتليك الواقعة في غور الأردن كعمال زراعيين حيث أمضيا وقتهما بين القرية وبين المخيم.

إحسان أضاف إلى بيت اللجوء في مخيم عسكر طابقين لأولاده. وقبل ستة أعوام أجرى عملية قسطرة، إلا أن ذلك لم يمنعه من الخروج للعمل في "إسرائيل". فترة رأس السنة العبرية كانت المرة الأخيرة التي أمضى فيها خمسة أيام في بيته مع أولاده وأحفاده. لقد بدأ يعمل في "اسرائيل" منذ 25 سنة، وأنه حتى انفجار الانتفاضة الثانية حصل على تصاريح للعمل لدى مقاول من نتنانيا، كما يقول ابنه حسان، في حين تقول شقيقته رجاء إنه بدأ بالعمل منذ كان عمره 16 عاما في شركة "مكوروت" الإسرائيلية، وأراد أن يعلم حسان الذي طارده فقر العائلة، واثر المساعدة في إعالتها، كما تنقل عميرة هس التي زارت بيت العائلة الثكلى .

هس تصف في تقريرها حالة الأم فاطمة ( 75) التي كانت طيلة الوقت تجلس منكمشة على طرف الفرشة، عيونها متحجرة وعاجزة عن النطق، بينما يقول حسان انهم لم يخبروها ولن يخبروها أن ابنها قذف به لينزف حتى الموت في أحد شوارع تل أبيب.

ترجمة، موقع عرب 48