بدت عليه علامات الغضب والقهر المكبوت، بعد خمس عشرة عاماً من الأسر، لم يجد الأسير المحرر سامر صبحي رشيد بني عودة ، المولود بتاريخ 3-10-1969 في طمون، والمعتقل عام 1993 عملاً يكفيه حاجته.
أُفرج المُحتلّ عن أسيرنا عام 2008 ، ليجد معاناة في حياة جديدة تختلف عمّا كان يُخّيل له في الأسر، وكان ضمن قائمة تضم سبعة وستين أسيراً محرراً، جميعهم ممن قضوا الخمسة عشر عاماً كحد أدنى ويزيد.
وبدأت المعاناة التي تختلف قليلاً ، فهذه هي معاناة الحياة الروتينية التي تواجه الشاب الذي قضى العمر في الأسر ثم خرج الى عالمٍ يختلف في الاسلوب والتفكير والمعتقدات التي لم تكن بالبال، مع العلم أن هذه القائمة تضم بمجملها الاعمار الكبيرة وممن لا يحملون شهادات جامعية، ولا مهن صناعية بسبب الاعتقال المبكر لهم منذ سنوات طويلة جداً كما ذكرت سابقاً.
انطلق يبحث مع مجموعته للعمل عن طريق مقابلة لمكتب وزارة الأسرى ، حيث رحبّ بهم السيد عيسى قراقع، وقدّموا له طلب الوظيفة من أجل العيش الكريم ، وأوصى بهم وزير الأسرى وتم تقديم الطلب للرئاسة، وأيضاً تم توقيع الرئيس محمود عباس على قرار توظيفهم منذ سنتين، وكان ذلك في نيسان من العام 2011.
دخل القرار حيّز التنفيذ والتفريغ حسب مصطلحات الوزارة، وتم تعيين العديد من هذه القائمة، وتفريغهم كان حسب رتب عسكرية متفاوتة حسب سنوات الاعتقال لكل أسير محرر، وعينوا في الأمن الوطني.
إلا أن معاناة أسيرنا أخذت نوعاً جديداً من القهر والخذلان، فكيف يتم تعيين قسمٍ كبير من هؤلاء الأسرى المحررين، و يُلغى اسمه ضمن مجموعة منهم ضمت سبعة وثلاثين أسيراً محرراً، لأسباب انتمائهم إلى الحركات الاسلامية (حماس والجهاد)، وبما أن قانون المسح الأمني ينص على تحفظ الأجهزة الأمنية المخابراتية الفلسطينية على هذه الوظائف، فإنه ليس من حقّهم التعيينظز
ضمت كوكبةُ الأسرى السبعة والثلاثين إضافة إلى سامر بني عودة آخرين مثل محمد منصور (27 عاماً في الأسر)، وفراس جرار (16 عاماً في الأسر)، علاء أبو خضر (16عاماً في الأسر) ، محي الدين نجم ( 17 عاماً في الأسر) ، جميل مسك (17 عاماً في الأسر) ، محمود مسلمة ( 17 عاماً في الأسر) ، و علي أبو الرب (17 عاماً في الأسر)، والذي اضطر في نهاية الأمر إلى العمل في مجال تنظيف الشوارع وهو في السادسة والخمسين من العمر.
إنّ مأساة آلاف الخريجين الجدد من جامعتنا ينتظرون وظائفهم ولكنهم في أجمل ريعان الشباب، وكما يقولون أعمار الورد، والحياة أمامهم ومن جد وجد ، ولكن هذه القائمة التي حرمت حق العمل والوظيفة بسبب حجج واهية من قبل المخابرات الفلسطينية، أليست كافية لنرى أن فوهة الظلم تزداد حتى أمام أسرانا المسنّنين، فما بعد يا وطن؟
*الصورة أعلاه: الأسير المحرر سامر بني عودة خلال ندوة