رسمت صحيفة "معاريف" العبرية في عددها الصادر اليوم ما أسمته "خارطة لمصادر الخطر الذي يهدد أمن إسرائيل في المستقبل"، وخاصة على ضوء الأحداث المتسارعة التي تفرض على إسرائيل تحديات جادة، على الرغم من أن السنة الماضية كانت ناجحة للغاية من وجهة نظر المؤسسة الأمنية، ومن حيث مشاعر الاستقرار الأمني لدى المواطن الإسرائيلي.
وياتي هذا الرسم في سياق الجرد التقليدي الذي تجريه الصحف الإسرائيلية، في كل عام مع انتهاء السنة "العبرية" وبدء سنة جديدة.
تقول الصحيفة "إن السنة المنتهية (وفق التقويم العبري) كانت سنة ناجحة للأمن الإسرائيلي، لكن الأخطار التي تهدد إسرائيل مقرونة بالتغييرات المتسارعة التي تمر بها المنطقة، مؤكدة كما في العام الماضي أن الجيش المصري لا يزال الوحيد القادر على مواجهة إسرائيل ميدانيا، بينما تظل إيران وسوريا وحزب الله والقاعدة مصادر قلق تهدد الأمن الإسرائيلي".
وبحسب الصحيفة "فقد انخفضت احتمالات اندلاع حرب بين جيوش نظامية، من الدول العربية المجاورة، وبين الجيش الإسرائيلي، في الأعوام الأخيرة بشكل حاد، وازداد الشعور بالامن لدى قواعد الاستشعار الاستخباراتية في صفوف جيش الاحتلال بعد سيطرة قوى الجيش المصري على سدة الحكم في مصر والإطاحة بحكم الاخوان المسلمين".
وأضافت الصحيفة أنه "في المقابل ارتفع عدد التنظيمات "الإرهابية" في الدول المجاورة باستمرار، ارتفاعا كبيرا، كما تحسنت بشكل كبير القدرات القتالية لهذه التنظيمات القتالية وتحسن عتادها العسكري ووسائلها القتالية".
خريطة التهديدات والتي رسمتها الصحيفة ابتداءا من إيران وانتهاءا بشبه جزيرة سيناء
_ سوريا
باتت سوريا التي كانت حتى قبل سنين خلت صاحبة التهديد الأكثر احتمالا دولة ممزقة ونازفة، فبشار الأسد يقاتل منذ عامين أبناء شعبه، وقوات أخرى "جُلبت" من الخارج للانضمام للمقاتلين، وقد انتشرت قوات "جبة النصرة" وتمركزت على الحدود السورية –الإسرائيلية، وهي منظمة سُنية متشددة تقول بالجهاد، ومحسوبة على تنظيم القاعدة، وتحصل على أسلحة متطورة بفضل السعودية.
وتقول الصحيفة في تقريرها "صحيح أن المنظمة مصممة على إسقاط نظام الأسد ، إلا أن ناشطي الجهاد ، كما هو معلوم، لا يحبون البقاء مكتوفي الأيدي. وقد أصبح واضحا لوكالات الاستخبارات الغربية أنه سواء انتصر الأسد أم لا فإن هذه التنظيمات تشكل تهديدا جادا لأمن إسرائيل". وتضيف "إن سوريا ليست الوحيدة من هذه الناحية، فالشرق الأوسط مصبوغ اليوم بنقاط تتواجد فيها مثل هذه التنظيمات، تشكل مصر وسوريا ولبنان واليمن وغزة والعراق المراكز الأساسية لتواجد هذه التنظيمات اليوم، كما أن "الجهاد العالمي" يقوى باستمرار في الوقت تقع فيه إسرائيل في ساحته الخلفية، بل وعلى أرض يعتبرها إسلامية".
إلى ذلك، فإنه على الرغم من التقديرات الاستخبارية بأن احتمالات شن هجوم كيماوي على إسرائيل في حال تلقت سوريا ضربة عسكرية، هي ضئيلة إلا أنها لا تزال قائمة.
لبنان
تقول الصحيفة "العدو المعروف لنا في لبنان هو حزب الله، وهو يواجه اليوم، وللمرة الأولى منذ تأسيسه "نزيفا داخليا ". فمشاركة الحزب في الحرب الدائرة في سوريا عرضته لانتقادات شديدة، وتحققت تهديدات الحكم في لبنان أن العنف في سوريا سيمتد إلى لبنان".
وتضيف "لقد تلقت منظمة حسن نصر الضربات الأكثر إيلاما من الحرب في سوريا، وبالإضافة إلى من فقدهم الحزب في ميادين القتال في سوريا – سواء على صعيد القادة الكبار أم على الصعيد المعنوي والنفسي- فقد تلقى الحزب ضربة في جبهته الداخلية، إذ نفذت في الأشهر الأخيرة، ثلاث عمليات كبيرة في الضاحية- معقل حزب الله، وأصيب المئات في الحي المحسوب على حزب الله وساهم ذلك في رسم الصورة التي خشيها نصر الله وهيأن تنظيمه ليس محصنا".
وتتابع الصحيفة في تقريرها "إذا كان حزب الله يخوض الآن معاركه الداخلية، إلا أن تزايد عدد التنظيمات الإرهابية في لبنان وسهولة الوصول للسلاح الوسائل القتالية مثل الصواريخ بعيدة المدى التي من شأنها أن تنفجر في إسرائيل في نهاية المطاف، ناهيك عن أن مشاركة عناصر الحزب في القتال في سوريا تعيد لهم لياقتهم العسكرية.
مصر
شكل الجيش المصري، دائما، تهديدا حقيقيا لإسرائيل. وبعد اتفاقيات السلام مع مصر ترك الجيش المصري عقيدة القتال السوفيتية وتبنى أسلوب القتال الغربي المتطور وذلك بفضل المساعدات الأمريكية بالأساس. وبحسب التقديرات فإن الجيش المصري هو الوحيد، في المنطقة، القادر على مواجهة الجيش الإسرائيلي في ميادين القتال.
وعلى الرغم من الهزات السياسية التي تعصف بمصر في العامين الماضيين، فقد حرصت الجهات الأمنية في إسرائيل ومصر على التوضيح بأن العلاقات بين الجيشين جيدة، وأن الدولتين تعملان من خلال مصالح متشابهة في محاربة منظمات الإرهاب.
بدأ الجيش المصري بعد سقوط نظام الإخوان، عمليات هجومية للغاية للقضاء على الإرهاب، لكن وفي المقابل فإن المجزرة التي ارتكبها ضد أنصار الإخوان المسلمين (وفقا لتوصيفات الأخوان) دفعت الجيش الأمريكي إلى تجميد غالبية المساعدات العسكرية لمصر، وتقرر أيضا تجميد صفقة تزويد الجيش المصري بمقاتلات جوية متطورة للغاية.
شجع هذا القرار الأمريكي وعزز قوة الأصوات المنادية بإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، بل إنه دفع بقادة حركة تمرد- التي قادت الثورة الأخيرة_ إلى أن تدعم هي الأخرى هذا المطلب.
إذا تم إلغاء اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية بفعل الضغوط الداخلية، يصبح التخوف من أن توجه بنادق الجيش المصري إلى إسرائيل حقيقا. هذا سيناريو محتمل وإن كان غير معقول.
سيناء
تقول الصحيفة في تقريرها "اعتبرت شبه جزيرة سيناء حتى إبان رئاسة محمد حسني مبارك وكرا للإرهاب العالمي. فالمنظمات الجهادية التي تحسب بعضها على القادة، استقرت في سيناء، عبر استغلالها لغياب السيطرة الأمنية، لتعزيز قوتها".
وتضيف "فتحت الثورات العربية، وسقوط القذافي تحديدا سوقا أسودا غنيا بالأسلحة والوسائل القتالية المتطورة التي تدفقت عبر مصر- إلى سيناء وقطاع غزة. وتقود التنظيمات الجهادية في العام الأخير، حربا متواصلة ضد الجيش المصري، مما يكسبها المزيد من الخبرة والمهارات في زرع العبوات الناسفة، والتدرب على مختلف أنواع الأسلحة النارية، وإطلاق صواريخ الغراد".
في المقابل استغل تيار الناشطين في حماس، الذين سبق وأن تدربوا في إيران، صناعة الأنفاق لنقل الأسلحة والخبرة العسكرية إلى سناء. ويشكل إطلاق الصواريخ باتجاه إيلات مثالا على التعاون بين الطرفين.
إيران
تم هذا العام تغيير القيادة الإيرانية، وأفسح أحمد النجاد مكانه لصالح منافسه المنتصر في الانتخابات حسن روحاني. وأعربت جهات عالمية مختلفة عن ارتياحها لانتخاب المرشح المعتدل، أملا في أن تغير طهران توجهها العسكري الذي سارت عليه في السنوات الأخيرة.
وقد يكون لا يزال مبكرا القول، لكن يبدو أن العالم يسير على طبيعته وسجيته، فإيران تحت قيادة روحاني تواصل دعم "محور الشر"، وهذا يشمل بطبيعة الحال حليفها الجثم على حدودها الشرقية، سوريا، وقد سبق ذكر ذلك.
لا يمكن بطبيعة الحال تجاهل مشروع الذرة الإيراني الذي ينمو ويتكامل كلما مر الوقت. فقد شجع تأجيل الضربة العسكرية الأمريكية، إيران وساهم في الشعور العام بأن الأمريكيين، وباقي العالم، قطعا، لن يسارعوا للتدخل عسكريا ، وأن من شأن إيران إتمام صنع القنبلة( ولا أقصد تلك التي رسمها نتنياهو في الأمم المتحدة.