شبكة قدس الإخبارية

وطن بين كماشة التطبيع

٢١٣

 

ماجد عودة

بما في هذا الوطن المحاصرة والمشتت والمبرمج حسب أهواء الاحتلال لن تجد أسوأ من شعور الغربة في وطن أنت جزء من حواريه وأزقته،  لن تجد أسوأ من شعور الغربة في وطن تعلم أرصفته وتعلم زواياه وتعلم تاريخ جدرانه. لن اطيل الحديث ولن أعيد عقارب الساعة للخلف لأن ما ذهب ليس من المستحيل أن يعود ولكن من الصعب أن يعود.

قلقيلية تلك المدينة المحاصرة من جميع الاتجاهات يفصل بينها وبين أقرب نقطة محتلة عليها جلجولية وكفرسابا أمتار قلقيلية. قلقيلية من أكثر المدن الفلسطينية بل في العالم أجمع تشهد حصارا خانقا مطبقا عليها لا يسمح بالدخول إليها الا من بوابة واحدة هي روح الحياة فيها فهي الوحيدة التي تشهد معنى الاحتلال أكثر من المدن الأخرى. تشهد هذه المدينة أحداثاً ما كنا نعتاد على رؤيتها فيها، إذ بتنا نشهد أموراً عجيبة وقصصاً عجيبة وروايات ربما لا تصدقها.

أن نرى أهلنا في الداخل المحتل يزورون قلقيلية للتبضع كل سبت فهذه من الأمور التي اعتدناها، بل هي من الأمور الرئيسية التي ترى هناك، ولكن برأيي، المصيبة عندما تجد أناساً لا يتكلمون العربية أو بالأحرى ليسوا عرباً أو بالأدق هم إسرائيليون يتجولون في شوارع المدينة بين أزقتها وجدرانها بين تفاحها وبرتقالها يدققون هنا وينظرون هنا.

يوم السبت الماضي لحظة تجولي في المدينة رأيت الكثير من ذلك، سأختصره في بضع سطور. رأيت اللباس الذي لم أراه من قبل، رأيت إسرائيليين يتجولون كأن قلقيلية تحولت إلى تل أبيب، رأيت اندهاش العشرات من الشباب وهم ينظرون الى ذلك اليهودي أو اليهودية يتكلمون لغتهم مع ابناء جلدتنا ويساعرون ويتناقشون والتاجر مبتسم. رأيت القبعات الخاصة بهم رأيت الكلام المعسول الذي ينطق من شفاههم. رأيت ويا ليت ما رأيت ولا دققت ولا لاحظت.

ألهذا الحال وصلنا أم لهذا الحال طبعنا ام لهذا الحال ساومنا ؟ مدينتي الغالية تنتابني الشفقة عليك ويبكيني ما وصلنا إليه.

*الصورة توضيحية.