نشرت جمعيتان إسرائيليتان تتابعان مواضيع حقوق الإنسان في القدس المحتلة، هما جمعية حقوق المواطن وجمعية "عير عميم"، صباح اليوم تقريراً يسلط الضوء على بعض مشاكل التعليم في المدينة. وقد تطرق التقرير إلى الوضع المتهلهل الذي تعاني منه المدارس التي تتبع إدارياً ومالياً إلى بلدية الاحتلال في القدس، ويتجلى ذلك في نسب التسريب العالية في تلك المدارس، عدا عن النقص الحادّ في الغرف التدريسية والكوادر المهنية فيها، ومشاكل لجان أولياء الأمور.
نسبة تسريب عالية
يقول التقرير أن 13% من طلاب المدارس التي تتبع إدارياً لمديرية التربية والتعليم داخل بلدية الاحتلال (وهي تشكل ما يقارب 46% من مدارس القدس المحتلة) لا ينهون 12 سنة دراسية. وللوقوف على فداحة هذا الرقم، يقارن التقرير هذه النسبة بمثيلتها عام 2011 في جهاز التعليم الرسمي اليهودي القطري (أي في كل المدارس الإسرائيلية) 2.6%، وبنسبة التسرب في جهاز التعليم العربي القطري (أي في المدارس التي يتعلم فيها فلسطينيو الداخل) 4.6%، ونسبته في المدارس الإسرائيلية غربي القدس لتي تبلع 1% فقط. وبذلك تكون هذه النسبة هي الأعلى في البلاد.
ويشير التقرير إلى أن نسب التسرّب الأكبر في شرقي القدس المحتلة تقع في مرحلة الثانويّة (الصفوف العاشر- الثاني عشر)، لكن بوادره تبدأ بالظهور في المرحلة الإعداديّة (الصف السابع- التاسع). على سبيل المثال، وبحسب معطيات مديرية التربية في بلدية الاحتلال لعام 2012/2013، فإن 10% من الطلاب في جهاز التعليم الرسميّ شرقي القدس المحتلة ممن يفترض أن ينخرطوا في الصفوف الثامن والتاسع لم يلتحقوا بالمدرسة، أما في الصف العاشر فقد وصلت نسبة هؤلاء إلى 20% من إجمالي عدد الطلاب في التعليم الرسميّ. أما في الصف الحادي عشر، فقد وصلت نسبة التسرب إلى 30%. "في نهاية المطاف يؤدي التسرب المتراكم على امتداد السنوات الدراسية المختلفة إلى نتيجة مفادها أن ما يقارب 36% من طلاب القدس الشرقية لا ينهون 12 سنة دراسية"، وذلك بحسب تعبير بيان الجمعيتين.
وفي المقابل، لا تقوم بلدية الاحتلال أو وزارة التربية الإسرائيلية اللتان تتبع لهما هذه المدارس بتنفيذ إلا القليل من البرامج والخطط لمكافحة نسب التسريب العالية.
نقص حادّ في الغرف التدريسية
ويشير التقرير إلىى النقص الحادّ جداً في الغرف التدريسية للفلسطينيين في القدس المحتلة، إذ يدرس البعض في صفوف مكتظة، بينما يدرس آخرون في مبانٍ سكنية تم تحويلها إلى مدارس وتفتقر إلى مرافق تعليمية وترفيهية مناسبة. وقد أرفق التقرير بجدول يبين عدد الغرف التدريسية التي بنيت في الفترة الأخيرة لرئاسة "نير بركات" لبلدية الاحتلال، ويشير إلى أنه لم يتم بناء سوى 150 غرفة تدريسية جديدة فقط، بينما وضعت 332 غرفة أخرة قيد التخطيط، وهي أرقام لا تذكر إذا ما قورنت بالنقص الشديد الذي يعاني منه جهاز التعليم في القدس المحتلة. ويلفت التقرير الانتباه إلى قيام بلدية الاحتلال برعاية مشاريع إسرائيلية استيطانية في قلب الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة، بينما في ذات الوقت تتحجج بنقص الأراضي العامة التي تصلح لبناء المدارس لتبرر تنصلها من مسؤولية بناء الغرف التدريسية الناقصة.
التمييز في الكوادر المهنية
كما يتطرق التقرير إلى نقص الكوارد المهنية العاملية في المدارس التابعة لبلدية الاحتلال شرقي المدينة المحتلة. يقول البيان الصحفيّ الصادر عن الجمعيتين :"لا يوجد في القدس الشرقية سوى 5 مفتشين على المدارس مقابل 18 مفتشاً في القدس الغربية. الأسوأ من ذلك أنه في كل مدارس القدس الشرقية التابعة لمديرية "مانحي" لا يوجدى سوى 29 مستشاراً تربوياً، بينما يوجد في القدس الغربية أكثر من 250، وهو فرق يصل إلى 8 أضعاف".
أما لجان أولياء أمور الطلاب، فيشير التقرير إلى أنها ملاحقة من قبل الاحتلال، إذ تعرض بعض أفرادها إلى الاعتقال والتحقيق من قبل شرطة الاحتلال، كما أنها لا تحظى بأي تمويل، وتأخذ حصتها في تمويل البلدية لجنة إسرائيلية تنشط في غربي القدس.
يذكر أن التعليم في مدينة القدس يعاني من عدة إشكاليات تبعاً لنوع المدارس، ففي القدس المحتلة ما يقارب 5 "أنواع" للمدارس: المدارس الخاصة، المدارس التابعة لبلدية الإحتلال التي أقامتها بنفسها، المدارس الخاصة التي تتلقى تمويلاً من البلدية، مدارس الأونروا، ومدارس الأوقاف.