كتبت صحيفة "هآرتس" العبرية على موقعها الإلكتروني اليوم الاثنين عن سلوك رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" في مفاوضات السلام المجددة مع الفلسطينيين قائلة "إنه يخطو فيها خطوةً الى الامام تقابلها ثلاث خطوات الى الوراء، وإنه اذا اراد للاميركيين، والفلسطينيين ولكن قبل الجميع الجمهور الاسرائيلي ان يأخذه على محمل الجد، فيجب ان يترك تكتيكاته القديمة وراءه.
وقال معلق الصحيفة "باراك رافيد" في مقالة نشرها موقع الصحيفة "لم يتغير شيء كثير في عملية السلام الاسرائيلية-الفلسطينية منذ ان تعامل الممثل الاميركي مارتن انديك مع القضية بصفته مسؤولاً رفيع المستوى في ادارة كلينتون في تسعينات القرن العشرين. فالقضايا التي هي قيد المناقشة مطابقة، والفجوات ما زالت واسعة كما كانت في اي وقت سابق بل، وبقي معظم المشاركين من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني موجودين في ميدان اللعب. ولكن بعكس تلك السنوات، يوجد في 2013 الـ"تويتر".
ويضيف "يوم الجمعة، قبل وقت قصير من ركوبه الطائرة للقيام برحلته الاولى الى اسرائيل منذ تعيينه في دوره الجديد ارسل انديك تغريدة من حسابه: ساغادر نيوارك الى اسرائيل في اول رحلة من مهمتنا السلمية، تمنى لي ضابط الجمارك في نيوجيرزي "(مبروك/ادعو لك بالتوفيق!)".
ويتابع الكاتب "لم يمر وقت طويل بين هبوط انديك في تل ابيب واكتشافه ان لا شيء قد تغير كثيراً، ذلك ان العربة القديمة ما زالت غير قادرة على تسلق التل، وحتى قبل الاجتماع في القدس الاربعاء، بدأت لعبة تبادل اللوم واخذ الجانبان يتبادلان فعلاً الضربات اللفظية، ويبعثان برسائل ويهددان بأزمة".
ومع ذلك، حاول انديك في الاجتماعات الي عقدها الأحد مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزيرة العدل تسيبي ليفني والرئيس "شيمعون بيريز" ان يظهر تفاؤلاً. لكن اجتماع انديك المهم فعلاً سيكون مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وكان يفترض ان يجتمع الاثنان اليوم الاثنين ولكن من المرجح جداً ان الالم الذي يعاني منه نتنياهو بعد العملية الجراحية التي اجريت له سيؤدي الى تأخير الاجتماع الى وقت لاحق من هذا الاسبوع.
يحتاج انديك لهذا الاجتماع مع نتنياهو لينظف الطاولة من كل التوتر السابق بينهما، وفتح صفحة جديدة. ولكن الاكثر اهمية هو ان انديك يحتاج الى معرفة اين يقف نتنياهو – الى اي مدى يريد حقاً ان يحرز تقدماً، او ما اذا كان كل شيء مناورات تكتيكية فقط لتخفيف الضغط الدولي. وبعبارة اخرى: هل يريد نتنياهو فعلاً اجتياز نقطة اللاعودة؟
وتنقل الصحيفة عن مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى قريب من رئيس الوزراء "أنه يعتقد ان نتنياهو لم يجتز نهر اللاعودة بعد. ولكنه، من ناحية اخرى، قطع خطوات في الماء وبدأ الزحف نحو الضفة الاخرى. غير انه، من ناحية ثانية، ينظر الى الوراء كل بضع ثوانٍ، ومقابل كل خطوة الى الامام، يسمح للتيار ان يدفعه ثلاث خطوات الى الوراء".
وتضيف الصحيفة "على سبيل المثال، بهذه الطريقة توصل نتنياهو الى تفاهمات مع الاميركيين بشأن بناء 1200 وحدة سكنية فقط في المجمعات الاستيطانية وفي القدس خلال المفاوضات، ثم فجأة تم تقديم موعد تنفيذ خطط اخرى متنوعة لبناء وحدات سكنية اضافية في المستوطنات المعزولة. ومرر نتنياهو بشجاعة في مجلس الوزراء قرار اطلاق 104 سجناء فلسطينيين، ثم خاف من الانتقاد واعلن انه بعكس ما اتفق عليه، سيتم ابعاد بعض السجناء الى غزة او الى الخارج".
وتتابع "لكن اكثر شيء مثير للسخرية كان الرسالة التي بعث بها مكتبه الى وزير الخارجية الاميركي "جون كيري" في عطلة نهاية الاسبوع عندما كان نتنياهو ما زال يعاني من آلام فظيعة ارغمته على الخضوع لعملية رتق فتق عاجلة"، وقد لعب نتنياهو في الرسالة ورقة التحريض الفلسطيني الرابحة، وحتى يدعي ان الفلسطينيين لا يريدون السلام، ذهب نتنياهو بعيداً الى حد اقتباس كلمات اغنية انشدت خلال مباراة برشلونة مع الفريق الفلسطيني. ولو زار نتنياهو بين حين وآخر استاد تيدي في القدس لاكتشف ان مشجعي نادي بيتار القدس يفضلون ان يهتفوا "الموت للعرب" على "اغنية للسلام".
يقول مسؤولون تحدثوا الى نتنياهو ان سلوكه، وتردده وتعرج سيره ناتجة من عدم ثقته بعباس. ويضيف المسؤولون ان نتنياهو مستعد لاجتياز النهر ولكنه يريد ان يعرف ما اذا كان عباس يريد الشيء نفسه. وهو قلق من انه بينما يقفز في المياه المضطربة الحافلة بحوامات سياسية، سيبقى عباس على الضفة الاخرى ويتركه يغرق وحده.
اذا اراد نتنياهو للاميركيين، والفلسطينيين، ولكن قبل الجميع الجمهور الاسرائيلي، ان يأخذوه على محمل الجد، فيجب ان يترك تكتيكاته القديمة وراءه. اترك الانتقاد، والتلميع الدعائي، وحيل العلاقات العامة المهترئة والعاب اللوم – وادخل محادثات السلام من دون التطلع الى الوراء".