اختتم السبت الماضي مهرجان رمضان للتسوق، بمشاركة مجموعة من الشخصيات والمؤسسات والمبادرات الشبابية المقدسية، وكان المهرجان قد انطلق يوم الجمعة 19 من تموز الماضي، في شارع صلاح الدين في قلب القدس.
وعقد القائمون على هذه المبادرة مؤتمراً صحفياً شرحوا فيه أبعاد مبادرتهم القائمة على إغلاق شارع صلاح الدين في وسط المدينة يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع بدءاً من 19/7/2013 حتى نهاية شهر رمضان، منطلقين من أن إغلاق هذا الشارع أمام حركة السيارات، من شأنه أن يخلق حركة تجارية وتسويقيّة، من خلال زيادة أعداد الجمهور والمتسوقين في الشارع، وبما يحقق عائدات وإيرادات أكثر للتجار، ويقلل من هروبهم وتوجههم إلى المحلات الإسرائيلية في غرب المدينة، فمنعت المركبات من دخول شارع صلاح الدين خلال فترة فعاليات المهرجان، بعدما أحيط الشارع بحواجز حديدية. ولكي يتمكن القائمون من إغلاق الشارع، احتاجوا إلى التنسيق مع بلديّة وشرطة الاحتلال في القدس، خصوصاً أن إغلاق شارع حيويّ بحجم شارع صلاح الدين يستحيل دون تنسيق أمني، إضافة إلى الحاجة إلى تنسيق في موضوع الكشّافة ومكبرات صوت للمهرجان.
فاعتبر المنسق العام للمهرجان حاتم خويص، أن ما قام به المهرجان هو تذليل كافة العقبات والتعقيدات المفروضة من الاحتلال الإسرائيلي لمنع المقدسيين من الحصول على تصاريح لتنظيم المهرجان في قلب شارع صلاح الدين (الحياة الجديدة/4 اغسطس/ص.6).
عبّر التجار عن رفضهم للمهرجان في بيان تم تعميمه والإعلان عنه تحت بند رسائل القراء في صحيفة القدس يوم 24-7 في الصفحة الثانية، والذي وقّع عليه 100 تاجر تقريباً، وقد شمل البيان لسبع نقاط لخصت أسباب رفض التجار للمهرجان، كان أهمها كما قال عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية حجازي الرشق، عدم وجود تنسيق مسبق مع التجار قبل إقامة المهرجان، وقيام القائمين على المهرجان بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي وبلديّة القدس، خصوصاً في ظل السياسة العنصرية التي يمارسها الاحتلال بحق المقدسيين بهدم بيوتهم واعتقالهم، وفرض الضرائب عليهم، وأن المهرجان ساهم في تحوّل المستهلك المقدسي نحو أسواق القدس الغربية لعدم توافر مكان ليركن فيه سيارته.
لم يكتف التجار بذلك بل قاموا بتنظيم مظاهرة في شارع صلاح الدين، فضتها الشرطة الإسرائيلية، وكان هدفها رفض المهرجان والتنسيق مع الجهات الإسرائيلية في القدس. من جهتها، اعتبرت مجموعة القدس للتنمية الإقتصادية، أن هدفها من المهرجان جاء لمصلحة القدس والتجار، من أجل تطوير العمل التجاري في القدس، وانعاش الروح التجاريّة التي قتلت بفصل الضفة الغربية وقطاع غزة عن القدس.
وشاركت العديد من المجموعات الشبابية والمؤسسات المقدسية في المهرجان، ولو بشكل غير مباشر، ومنها: برلمان شباب القدس، أنا وأخوي على ابن عمي، واتحاد الطلبة المقدسيين، ومؤسسة القدس الطلابيّة والشبابيّة، حركة وطن، والعربية للتسويق والاتصالات، مجموعة الطيف الاستثمارية، فقد وجد بعضها إغلاق شارع صلاح الدين مفيدا للقيام بنشاطاتهم.
واعتبر القائمون على المهرجان مبادرة "عيد ببلادك بين أهلك وناسك"، والتي أطلقت من قبل مجموعة "أنا وأخوي على ابن عمي" في مؤتمر صحفي في فندق السان جورج في القدس، بمشاركة منيب المصري ومازن سنقرط ورائد سعادة وآخرين، جزءاً من مهرجان رمضان للتسوق، وأكد ذلك في برنامج صباح الخير يا قدس، فنقلت المبادرة على أنها اختتام للمهرجان. وفي المقابل قال المهندس ورجل الأعمال سامر نسيبة: "أن انضمام الحملة لمهرجان رمضان للتسوق هو تأكيد على نجاح مجموعة القدس للتنمية الإقتصادية وذلك بتحويل الحدث إلى مهرجان وطني" (صحيفة القدس/4 اغسطس/ص.2).
حاول القائمون على المهرجان ضم أكبر عدد ممكن من المجموعات الشبابية والمؤسسات تحت بوتقة المهرجان، لمحاولة إعطائه طابع وطني، رغم أن العديد من هذه المجموعات كانت ترغب في تنظيم نشاطها بشكل منفصل عن الأسبوع، ولكنها ظهرت ولو إعلامياً كجزء من هذا المهرجان.
لذلك على جميع من ذكر تحت اسم المهرجان أن يظهر وبشكل رسمي علاقته بالمهرجان بالايجاب أو السلب، لمنع تداخل المصالح، لأن موضوع التنسيق مع بلديّة وشرطة الاحتلال يرفض بشكل كامل من البعض، ومن المفيد ايضاً توضيح العلاقة مع الشخصيات الاعتبارية التي مثّلت المهرجان والمبادرات فيه بالمشاركة المادية أو المعنويّة.
يؤدى التنسيق مع شرطة وبلديّة الاحتلال إلى تبعيات كبيرة على مستوى السياسي في القدس، خصوصاً أن هذا المهرجان سيشكل نموذجاً يقييم على أساسه الاحتلال النشاطات الأخرى حسب ارتباطها بمصالح بلدية القدس العنصرية والشرطة الإسرائيلية القمعية، مما سيصعب مستقبلاً القدرة على القيام بأي نشاط في القدس دون التنسيق مع الاحتلال. من جهة ثانية تحاول شرطة الاحتلال ومن خلال مثل هذا التنسيق تصوير نفسها كمتعاون مع المقدسيين لتبيض صورتها التي تتشوه يوميّاً نتيجة سياسة الاعتقال وهدم المنازل والتضيق الذي تمارسها على المقدسي. إضافة إلى ما يتبع التنسيق من تبادل في المعلومات وشرعنة للتواجد الإسرائيلي في مناطق محتلة.
إن كان المهرجان وما شمله من مبادرات يعتبر عملاً مقاوماً يهدف الى تذليل السياسية الإسرائيلية، فان من أولويات العمل المقاوم هو إنتاج أسلوب وخطاب وأدوات تدور خارج فلك السلطة الاحتلالية العنصريّة، فعندما نقوم بالتنسيق مع البلديّة والشرطة فنحن ندور في فلك هذه القوة التي تهدف إلى تهجيرنا والقضاء على وجودنا.