في استدعاء لمقولة درويش في قوله: "هنا عند منحدرات التلال، أمام الغروب وفوّهة الوقت، قرب بساتين مقطوعة الظل نفعل ما يفعل السجناء وما يفعل العاطلون عن العمل.. نربّي الأمل"، تجدُ أن تربية الأمل عند السجناء تتسّع لتربية الحلم أيضًا وتطويع الممكنات لخلق مساحة حرية تتسع باتساع أحلامهم.
ومن هنا بزغت الى النور مبادرة الأسير باسم الخندقجي لدعم أدب الحركة الأسيرة، وقد صدرت هذه المبادرة عن الأسير والأديب باسم الخندقجي و المحكوم ثلاثة مؤبدات والمعزول انفراديا في سجن ريمون، نتيجة انعدام الدعم من المؤسسات ودور النشر الفلسطينية لتبني أدب الحركة الأسيرة لا سيّما أن هناك عدداً متزايداً من الكتابات التي ينتجها الأسرى، وهناك الكثير ليقال عن تجاربهم داخل معتقلات الإحتلال الإسرائيلي.
وعن هذه المبادرة يتحدث خالد خندقجي، عمّ الأسير باسم، قائلاً أن هذه الفكرة جاءت من الأسير باسم نفسه إذ تبرع بصندوق ماليّ بقيمة 20,000 شيقل مكرسا لدعم أدب الحركة الاسيرة، ويقوم على أساس الاشتراك بالمناصفة مع أي أسير يريد نشر كتاباته وبالتعاون الحصري مع المكتبة الشعبية للنشر في مدينة نابلس.
وقد صدر للأسير باسم ديوان شعر بعنوان "طقوس المرّة الأولى" عام 2010 عن دار العربية ناشرون في بيروت، وقد قدّم للديوان الإعلامي اللبناني زاهي وهبي، وكما سيصدر له قريبا من بيروت ديوان شعر بعنوان نمنمات شجرة فلسطينية ورواية بعنوان مسك الكفاية: سيرة سيدة الظلال الحرة، فضلا عن كتابته لحوالي 200 مقالة في الشعر والسياسة والفن والأدب، وتنشر هذه المقالات في زاوية خاصة به في موقع الحوار المتمدن.
وقد أكدّ خالد خندقجي عمّ الأسير باسم خندقجي إنهم كانوا يعانون وهم يطرقون أبواب المؤسسات لدعم أدب الحركة الأسيرة، ولم يتجاوب معهم أحد سوى الإعلام اللبناني وتحديدا الاعلامي زاهي وهبي، و الروائي الجزائري واسيني الأعرج.
وفي السجن والسجان يقال الكثير فقد دوّن كثير من السجناء معاناتهم في هذا المكان الذي لا يصلح للحياة من لحظة المطاردة حتى لحظة الخروج منه لمن استطاع الى الخروج سبيلا. ولأن المكتوب يظل أبقى من الشفوي ولأن كتابات الأسرى لا تلقى الدعم الكافي فها هو الاسير المحرر نواف العامر يطلق كتابه أيام الرمادة عن المكتبة الشعبية في نابلس و بالتعاون مع صندوق الخندقجي لدعم أدب الحركة الأسيرة.
ونواف إبراهيم محمد العامر من مواليد قرية كفر قليل في عام 1962 وقد اعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي لعدة مرات من بيتها مرتين في الاعتقال الإداري "سيء الصيت" كما يصفه العامر. وقد أبعدته سلطات الاحتلال إلى جنوب لبنان (مرج الزهور) نهاية عام 1992 وعاد إلى فلسطين عام 1993.
وقد كان أول اعتقال للعامر عام 1972 وكان عمره حينذاك عشر سنوات وآخر اعتقال له كان في 28.6.2011 وأطلق سراحه في 28.7.2012، وكتابه أيام الرمادة هو ثمرة الاعتقال الأخير إذ إنّه يتحدث فيه عن واقع الحركة الأسيرة داخل السجون الإسرائيلية، والعامر كاتب للأغنية الشعبية والنشيد وكاتب صحفي في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية وله ثلاثة كتب في طور الكتابة وديوان شعري سترى النور قريبا، بالإضافة إلىله أبحاث وأوراق عمل قدمت في مؤتمرات علمية في فلسطين يعالج معظمها ملفات الأسرى والصحافة والاعلام التلفزيوني.
ويختصر العامر قوله عن الكتاب: "يرصد الكتاب حكايات وقصص من خلف القضبان هي زبدة ما عشت وسمعت ورأيت خلال ثلاثة عشر شهراً من الاعتقال الإداري في سجن مجدو ما بين الفترة 28-6-2011 وحتى 28-7-2012 ، وما تلقفته أذن قلبي خلال " البوسطة " بين عدة سجون مزروعة في خاصرة الوطن، سمعت وحاولت نقل الوجع، رأيت، أجتهد في رسم صورة المعاناة، عشت، ها هي سطور ما عايشت حروف تمزج بين روح الأمل وزفرات الغضب، نطرد اليأس دون أن نيأس من فسحة فرج، تطل منه نسمة حرية، "وما ذلك على الله بعزيز" و "يسألونك متى هو ؟ قل عسى أن يكون قريبا. وقد استخدمت فيها لغة الوصف واغادرها فورا لحوار الحكاية مع قفلة للحكاية بأسلوب شيق يشجع القارئ غير المتشجع للقراءة ولكن بنمط الساندويتش حيث الحكاية نصف صفحة واحيانا صفحة وثنتات وحكاية واحدة فقط 3 صفحات".



