متابعة قدس: توالت الإدانة الدولية بعد قيام قوات الاحتلال البحرية باعتراض أسطول الحرية المتجه إلى قطاع غزة، حيث أثار الحدث موجة غضب واسعة في العالم باعتباره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واعتداءً على مبادرة إنسانية سلمية تهدف إلى إيصال المساعدات إلى المدنيين المحاصرين. ورأى كثيرون أن العملية لم تكن مجرد حادث عرضي، بل استمرار لسياسة إسرائيلية ممنهجة في التضييق على الفلسطينيين، وفرض الهيمنة على الملاحة البحرية في شرق المتوسط، بما يفتح الباب أمام مواجهة دبلوماسية جديدة ويعيد إلى الأذهان ممارسات سابقة مشابهة أثارت استنكارًا عالميًا واسعًا.
تركيا اعتبرت ما جرى قرصنة بحرية مكتملة الأركان، ووصفت الاعتراض بأنه عمل إرهابي ضد متطوعين عزل جاؤوا من مختلف الدول لنصرة غزة. أنقرة طالبت بالإفراج الفوري عن مواطنيها وهددت بالتحرك في المؤسسات الدولية لمحاسبة "إسرائيل" على خرقها الصارخ للقوانين. وأكدت الخارجية التركية أن هذه الواقعة لن تمر دون رد، وأنها تندرج في سياق طويل من الاستهتار الإسرائيلي بالحقوق الإنسانية والقانونية، داعيةً المجتمع الدولي إلى وضع حد لهذا السلوك المتكرر.
إيران من جهتها وصفت الحادث بأنه مثال جديد على “الإرهاب البحري” الإسرائيلي، معتبرة أن الاعتراض يكشف طبيعة الاحتلال الذي يسعى لخنق الفلسطينيين بكل الوسائل. طهران دعت الدول الإسلامية إلى اتخاذ مواقف عملية ضد "إسرائيل"، وطالبت بفرض عقوبات عليها وفتح مسار قانوني في المحاكم الدولية. ورأت أن استمرار الصمت العالمي يعني تشجيع الاحتلال على التمادي، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني سيبقى يحظى بدعم حركات التضامن والشعوب الحرة في العالم.
إيرلندا عبّرت عن موقف واضح حين أكدت أن الاعتراض غير قانوني، وأن السفن كانت تحمل مساعدات إنسانية بحتة. الحكومة طالبت باحترام القانون الدولي والإفراج عن جميع المحتجزين، وحذرت من تعريض المدنيين للخطر. كما شددت على ضرورة السماح بوصول المساعدات إلى غزة دون عراقيل، في وقت دعت فيه منظمات المجتمع المدني الإيرلندي إلى تنظيم وقفات احتجاجية تضامنية مع المشاركين في الأسطول.
إسبانيا أدانت العملية وطالبت "إسرائيل" بتوضيحات عاجلة بشأن مصير النشطاء الإسبان المشاركين. واعتبرت مدريد أن ما جرى يسيء إلى سمعة "إسرائيل" دوليًا ويفضح استخفافها بالمعايير القانونية، مؤكدة أن التدخل في المياه الدولية ضد قوافل إنسانية لا يمكن تبريره. وأكدت الخارجية الإسبانية أنها ستستخدم أدواتها الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي للضغط من أجل تحقيق دولي يضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا.
إيطاليا طالبت بدورها باحترام حقوق مواطنيها على متن الأسطول، ووصفت الاعتراض بأنه عمل يتنافى مع القانون الدولي. وأكدت أنها تتابع الوضع عبر قنواتها الدبلوماسية، داعيةً إلى الإفراج الفوري عن النشطاء. كما شهدت مدن إيطالية مظاهرات تندد بالعملية وتطالب الحكومة بموقف أكثر حزمًا تجاه "إسرائيل"، في وقت شددت فيه الصحافة الإيطالية على أن استمرار الحصار على غزة هو أصل الأزمة ويجب إنهاؤه.
بريطانيا عبّرت عن قلق بالغ، وأشارت إلى أنها تواصلت مع "إسرائيل لضمان سلامة رعاياها المشاركين في الأسطول. ورغم أنها لم تصدر إدانة حادة، فإنها شددت على ضرورة احترام القانون الدولي ومعاملة المحتجزين بطريقة إنسانية. كما دعت لندن جميع الأطراف إلى ضبط النفس، مؤكدة أن حرية الملاحة والمساعدات الإنسانية يجب أن تكون محمية بموجب الأعراف الدولية.
البرازيل أدانت العملية بشدة ورأت فيها تجاوزًا خطيرًا لحقوق الإنسان. الحكومة البرازيلية طالبت بإطلاق سراح مواطنيها، وأكدت أنها ستثير القضية في مجلس الأمن. كما ربطت بين الحادث واستمرار الكارثة الإنسانية في غزة، مشددة على أن حرمان المدنيين من المساعدات يزيد من تعقيد الأزمة. وبذلك وضعت البرازيل نفسها في صف الدول التي تتبنى موقفًا مبدئيًا رافضًا للحصار.
كولومبيا ذهبت أبعد من ذلك حين أعلنت طرد ما تبقى من البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية على أراضيها، وألغت اتفاقية التجارة الحرة الموقعة سابقًا. ووصفت ما جرى بأنه “جريمة دولية”، مؤكدة أن سياسات الاحتلال لم تعد مقبولة. كما طالبت بالإفراج عن ناشطتين كولومبيتين كانتا على متن إحدى السفن، معتبرة أن أمن مواطنيها خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
ماليزيا أدانت الاعتراض وأكدت أن ما حدث هو اعتداء على عمل إنساني بحت، مطالبة بالإفراج عن مواطنيها على الفور. كما دعت المجتمع الدولي إلى عدم الاكتفاء ببيانات الإدانة، بل اتخاذ خطوات ملموسة لرفع الحصار عن غزة. وأشارت إلى أن حرمان المدنيين من المساعدات لا يمكن أن يُنظر إليه إلا كجريمة تستوجب المساءلة أمام العدالة الدولية.
الاتحاد الأوروبي عبّر من خلال مؤسساته عن رفضه للعملية، واعتبر أن استخدام القوة ضد قوافل مدنية أمر غير مقبول. وطالب بتحقيق مستقل يكشف ملابسات ما جرى، كما شدد على ضرورة ضمان حرية الملاحة في المياه الدولية. الاتحاد الأوروبي وجد نفسه تحت ضغط من الرأي العام والمنظمات الحقوقية، ما دفعه لإبداء موقف متوازن يجمع بين القلق الدبلوماسي والتنديد السياسي.
الأمم المتحدة أبدت عبر متحدثيها قلقًا بالغًا، مؤكدة أن اعتراض سفن إنسانية في المياه الدولية يخالف القانون الدولي. المنظمة طالبت بالإفراج عن المحتجزين وعدم تعريض المدنيين للخطر، كما دعت إلى احترام المبادئ الإنسانية. وفي بيانات أخرى شددت على أن استمرار الحصار يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، داعية الأطراف كافة إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اعتبر أن ما جرى يمثل انتهاكًا واضحًا لاتفاقيات جنيف، وأكد ضرورة محاسبة المسؤولين عنه. كما دعا إلى إرسال لجنة تقصي حقائق دولية لمتابعة أوضاع المشاركين في الأسطول، وضمان عدم تكرار هذه الاعتداءات. المجلس أعاد التأكيد على موقفه الرافض لأي مساس بالمدنيين أثناء النزاعات المسلحة.
منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وصفت العملية بأنها “استخدام مفرط وغير قانوني للقوة”. وطالبت بتحقيق مستقل وشفاف، وبمعاملة المحتجزين بما يتوافق مع المعايير الدولية. كما أكدت أن حرمان المدنيين في غزة من المساعدات الإنسانية يشكّل جريمة جماعية لا يمكن تبريرها.
البرلمان الأوروبي شهد نقاشات حادة حول الموضوع، حيث دعا نواب كُثر إلى اتخاذ خطوات دبلوماسية واقتصادية للضغط على "إسرائيل". كما طالب بحماية النواب الأوروبيين الذين شاركوا في الأسطول، وبإجراء تحقيق دولي في الحادثة. هذا الموقف يعكس حجم الضغط المتزايد داخل المؤسسات الأوروبية لاتخاذ سياسات أكثر صرامة تجاه الاحتلال.
المفوّض السامي لحقوق الإنسان بدوره أبدى قلقًا شديدًا من الحادث، واعتبر أن اعتراض سفن مدنية في المياه الدولية يشكّل سابقة خطيرة. وطالب بفتح تحقيق مستقل وإحالة المسؤولين إلى العدالة، مشددًا على ضرورة الإفراج عن جميع المحتجزين. كما أكد أن الحصار على غزة يمثل انتهاكًا ممنهجًا للقانون الدولي الإنساني ويجب أن ينتهي بشكل عاجل.