شبكة قدس الإخبارية

خبير إسرائيلي في الشؤون العربية: حماس لن تستسلم حتى لو نجح الاغتيال في الدوحة 

photo_٢٠٢٥-٠٩-٠٩_١٦-٠٨-٢٣
هيئة التحرير

ترجمات عبرية - خاص قدس الإخبارية: اعتبر البروفيسور إيلي فودا، المتخصص في الشؤون العربية في الجامعة العبرية، أن محاولة اغتيال قادة المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة على يد “إسرائيل” لم تحقق أهدافها، بل تحولت إلى عبء سياسي وأمني.

وأكد أن العملية كانت تحمل في طياتها الفشل حتى لو نجحت ميدانيًا، لأن كلفتها الاستراتيجية أكبر من أي مكاسب محتملة. وبرأيه، لم يكن هذا التقدير وليد اللحظة، بل نتيجة منطقية لمعطيات كان يمكن توقعها مسبقًا.

أوضح فودا أن “إسرائيل” بنت عبر سنوات طويلة شبكة من العلاقات السرية مع بعض دول الخليج، وفي مقدمتها قطر، من خلال قنوات ثقة رعتها شخصيات نافذة في الموساد ووزارة الخارجية. لهذا لم يكن مستغربًا أن يعارض رئيس الموساد العملية، خاصة في توقيتها، خشية الإضرار المباشر بتلك العلاقات. وذكّر بمحاولات سابقة انتهت إلى نتائج عكسية: محاولة اغتيال خالد مشعل الفاشلة في عمّان عام 1997، واغتيال محمود المبحوح في دبي عام 2010، والتسريب المحرج للقاء نتنياهو مع ولي العهد السعودي عام 2020. بخلاف العمليات في إيران أو سوريا أو لبنان، فإن هذه العمليات استهدفت دولًا غير معادية، ما جعلها تُفهم كخيانة وأدت إلى تدهور العلاقات لسنوات.

ويرى فودا أن دول المنطقة، بما فيها دول التطبيع، تنظر بعين الريبة إلى ما تعتبره نزعة توسعية لدى “إسرائيل”. فقد قوبل مشروع شمعون بيريس لـ”الشرق الأوسط الجديد” بالرفض العربي خوفًا من الهيمنة الاقتصادية. واليوم، مع النجاحات العسكرية وتصاعد خطاب وزراء اليمين المتطرف، تتعزز المخاوف من مشروع “إسرائيل الكبرى”، الممتد من الفرات إلى النيل. هذا المناخ يدفع دولًا عديدة للبحث عن بدائل في موازين القوى الإقليمية.

وبحسب فودا، لم تكن العملية مرتبطة فعلًا بملفات الحرب أو الأسرى، إذ لم يكن هناك ما يشير إلى أن اغتيال قادة حماس سيدفعها لتغيير مواقفها. على العكس، كان المرجح أن يعزز تصميمها على القتال، وربما يقود إلى تصفية الأسرى أو فقدانهم بفعل استمرار المعارك. وبهذا، فإن الحسابات الأمنية التي استند إليها القرار الإسرائيلي كانت قصيرة النظر.

العملية وضعت واشنطن في مأزق، إذ بدت مضطرة للاختيار بين حليفين: قطر و”إسرائيل”. فالرئيس ترامب ظهر مرتبكًا في تصريحاته الأولى، قبل أن يسارع إلى لقاء رئيس وزراء قطر ليؤكد متانة التحالف معها. في المقابل، تحولت الدوحة إلى وجهة سياسية تستقطب قادة عرب ومسلمين للتعبير عن تضامنهم، وعززت مكانتها باستضافة قمة عربية–إسلامية طارئة. حتى خصومها السابقون أدركوا أن انتهاك سيادتها قد يشكّل تهديدًا لهم أيضًا، في مشهد ذكّر بالموقف العربي ضد غزو الكويت عام 1990.

ورأى فودا أن حجم الضرر في العلاقة القطرية–الإسرائيلية لم يتضح بعد، لكن التجارب السابقة تؤكد أن خيانة الثقة غالبًا ما تؤدي إلى تجميد الاتصالات. البعض في تل أبيب يعتبر العلاقة مع قطر عبئًا بسبب دورها المزدوج، ودعمها لحماس، وتأثير قناة الجزيرة. ومع ذلك، أبقت “إسرائيل” منذ 1996 على قنوات خلفية معها، وسمحت بتحويل أموالها إلى غزة باعتبارها وسيطًا لا غنى عنه. حتى نتنياهو نفسه كان من بين الداعمين لهذا الدور، قبل أن يسعى ربما للتخلص منه تحت ضغط ملفات مثل “قطرغيت”.

وختم فودا بالقول إن حصيلة العملية جاءت سلبية أكثر من إيجابية. فقد يكون الغرور الإسرائيلي بعد نجاحات عسكرية في ساحات أخرى قد دفع لاتخاذ قرار التنفيذ، لكن قطر تبقى دولة معقدة لا تسعى لعداء مباشر مع أحد. وتصنيفها ضمن “محور الأعداء” إلى جانب إيران وحزب الله والحوثيين وحماس لا يخدم “إسرائيل” ولا يحظى بدعم واشنطن. والعلاقات بين الطرفين أقرب إلى صيغة “عدو–صديق” المتأرجحة بين الخصومة والتعاون، وحتى لو تدخلت الولايات المتحدة لترميم القنوات، فإن شعور قطر بالإهانة وفقدان الثقة سيظل حاضرًا لسنوات طويلة.

#قطر #حماس #اغتيال