ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: اعتبر الجنرال الاحتياط في جيش الاحتلال وصاحب خطة الجنرالات جيورا آيلاند أن "المعركة لاحتلال مدينة غزة قد بدأت بالفعل"، موضحًا أن قرار المجلس الوزاري المصغّر لدى الاحتلال تجاهل مبادرات الوسطاء لعقد صفقة جزئية، وكذلك رفضه رسائل حركة حماس بشأن التفاوض على صفقة شاملة لإنهاء الحرب، يدفع باتجاه خيار يبدو "غير قابل للرجوع".
وحدد آيلاند خمسة أثمان مؤكدة لهذا الخيار: أولها تعريض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر، ثانيها الخسائر المتوقعة في صفوف الجيش، ثالثها استمرار تآكل قدرات الجيش لا سيما لدى جنود الاحتياط والجاهزية التقنية للسلاح، رابعها الكلفة الاقتصادية الباهظة، وخامسها التدهور المستمر في العلاقات الخارجية لإسرائيل. وبرأيه، قد يكون مقبولًا دفع هذه الأثمان إذا كان الاحتلال سيقود إلى "نصر حاسم"، غير أن فرص تحقيق ذلك ضئيلة جدًا.
وحذّر آيلاند من أن احتلال أي منطقة لا يترافق مع إخلاء كامل لسكانها المدنيين يشبه "الركل بحائط بقدم حافية"، لسببين رئيسيين: الأول أن وجود سكان معادين قرب القوات المحتلة يعني هجمات لا تنقطع، كما حدث مع الأميركيين في العراق وأفغانستان، ومع الجيش الإسرائيلي خلال 18 عامًا في جنوب لبنان، وهو ما سيتكرر في غزة، حيث حماس باتت متكيفة مع الواقع الذي لا يغيّر من قدرتها على تجنيد المقاتلين.
أما السبب الثاني فهو الكلفة السياسية والاقتصادية، إذ ستُطالب "إسرائيل" بصفتها قوة احتلال بتأمين احتياجات السكان، ما يعني أعباء مالية ضخمة بلا جدوى استراتيجية.
ويرى آيلاند أن الضغط على قيادة حماس ممكن بشرطين: خروج غالبية سكان غزة جنوبًا قبل توغل بري شامل، أو فرض حصار محكم ومتدرج على المدينة. لكنه يقرّ أن نزوح السكان يجري بوتيرة بطيئة لا تتجاوز 10% حتى الآن، وأن الوسيلة الوحيدة الفعّالة لدفعهم جنوبًا تتمثل بوقف إمدادات المياه والكهرباء، وهو ما كان ممكنًا أواخر 2023 حين كان الوضع السياسي لإسرائيل أفضل وعدد السكان في شمال القطاع أقل.
وبما أن هذا الخيار أصبح معقدًا اليوم، تبقى خطة الحصار المتدرج هي البديل، وهي تتطلب وقتًا وصبرًا، بينما يضغط رئيس أركان جيش الاحتلال لاعتمادها عسكريًا. لكن الإطار الزمني الذي التزم به رئيس وزراء الاحتلال أمام الرئيس الأميركي – تسوية قضية غزة خلال أسابيع قليلة – لا يسمح بمثل هذا النهج الذي يفترض تقدمًا بطيئًا وتحييد الأنفاق تحت الأرض بالتوازي مع السيطرة على الأحياء فوقها.
ويخلص آيلاند إلى أن "إسرائيل" تدخل "بعيون مفتوحة" معركة كلفتها معروفة مسبقًا، في حين أن فائدتها مشكوك فيها. ويتساءل إن كان نتنياهو يدرك ذلك حقًا، مرجحًا أن نتنياهو قد يناور في اللحظة الأخيرة نحو تغيير المسار 180 درجة إذا أبدت حماس مرونة طفيفة في مواقفها، وعندها سيقدّم الأمر كإنجاز تحقق بفضل التهديد العسكري بالاحتلال.