ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني أن مذكرات توقيف دولية ضد وزير أمن الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش جاهزة لدى المحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب "جريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد)" ضد الشعب الفلسطيني، لكنها لم تُقدَّم بعد رسميًا للمحكمة بسبب مخاوف من العقوبات الغربية، خصوصًا الأميركية.
وأوضح التقرير أن الملفات الخاصة ببن غفير وسموتريتش أُنجزت بشكل كامل من قبل المدعي العام للمحكمة كريم خان، قبل خروجه في إجازة في أيار/مايو الماضي، وأنه "لم يتبقَّ سوى تقديمها إلى القضاة التمهيديين". لكن، وبحسب مصادر داخل المحكمة، فإن نائبي خان – اللذَين يتوليان مهامه مؤقتًا – لم يقدما الطلبات بسبب تهديدات مباشرة بالعقوبات.
وفي حال قُبلت هذه المذكرات، ستكون المرة الأولى التي تُوجَّه فيها تهمة "الأبارتهايد" في محكمة دولية، رغم تأكيد مؤسسات حقوقية دولية كـ"هيومن رايتس ووتش" و"بتسيلم" أن سياسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين تشكل نظام فصل عنصري مكتمل الأركان.
وأشار التقرير إلى أن المحكمة تواجه ضغوطًا غير مسبوقة، لا سيما بعد أن فرضت إدارة ترامب الثانية في شباط/فبراير الماضي عقوبات على المدعي العام خان، ثم أعقبها فرض عقوبات على أربعة قضاة دوليين في حزيران/يونيو، بينهم اثنان وافقا على إصدار مذكرات التوقيف السابقة ضد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت، وثلاثة من قادة حركة حماس.
ونقل التقرير عن مصدر في المحكمة الجنائية قوله: "هناك شهور من العمل القانوني المكثف في ملفات بن غفير وسموتريتش. إذا تم التراجع عنها، فسيُفقد العالم فرصة محاسبة أحد أوضح نماذج الأبارتهايد المعاصر."
كما كشف التقرير أن المدعي العام خان تلقى تهديدات متكررة من مسؤولين أميركيين وبريطانيين وإسرائيليين، شملت أيضًا ضغوطًا شخصية وعائلية، إلى جانب تهديدات أمنية من جهاز "الموساد"، وصلت إلى لاهاي.
وذكّر التقرير بأن خطة ترامب، التي دعا فيها لترحيل الفلسطينيين خارج قطاع غزة – وهي الخطة التي أشاد بها بن غفير مؤخرًا – تُعد واحدة من الممارسات التي استندت إليها المحكمة في إعداد ملفات الأبارتهايد ضد وزراء الاحتلال.
وفي سياق الضغوط السياسية، أورد التقرير تفاصيل اتصال مباشر من وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون بكريم خان، هدده فيه بأن المملكة المتحدة ستوقف تمويل المحكمة وستنسحب منها إذا أُصدرت مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزراء آخرين.
كذلك أشار التقرير إلى أن العديد من الأطراف داخل المحكمة تخشى من أن يؤدي أي تحرك جديد ضد قادة الاحتلال إلى موجة عقوبات أكبر قد تعرقل عمل المحكمة بالكامل، في وقت أكدت فيه واشنطن أن "جميع الخيارات مطروحة" إذا لم تُغلق ملفات الجرائم الصهيونية في فلسطين المحتلة.
وتُضاف هذه التطورات إلى سلسلة من محاولات العرقلة والتخويف التي واجهها كريم خان وفريقه، خاصة في ظل تحقيق أممي داخلي ضده بشأن مزاعم سلوك جنسي – وهي اتهامات نفاها خان بشدة، وسط شكوك في توقيت إثارتها تزامنًا مع تحركاته ضد قادة الاحتلال.
وفي ظل هذه المعطيات، يرى مراقبون أن المحكمة الجنائية الدولية أمام اختبار مصيري، ليس فقط في مصداقيتها القانونية، بل في مدى قدرتها على الصمود في وجه الضغوط السياسية العلنية والخفية، بينما لا يزال الفلسطينيون ينتظرون العدالة عن عقود من الجرائم والاستعمار والفصل العنصري.