ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: قال ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق ميخائيل ميلشتاين، إن إعلان تعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ونائبًا لرئيس السلطة محمود عباس، لم يُحدث أي ضجة في رام الله، بل استُقبل بلامبالاة سياسية معتادة.
يُذكر أن اسم الشيخ يُطرح منذ أكثر من عقد كأحد أبرز المرشحين لخلافة عباس، ويُعد من الحلقة الضيقة التي تحيط به إلى جانب ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة، ويُسيطران على معظم مفاصل القرار داخل السلطة الفلسطينية.
ويتابع ميلشتاين أن نجم حسين الشيخ سطع على خلفية مسارين متوازيين: أولهما إعادة تأهيل السلطة بعد الانتفاضة الثانية وتعزيز العلاقات مع "إسرائيل"؛ وثانيهما صعود محمود عباس إلى السلطة، الذي ظل بمثابة عرابه السياسي. وقد برزت أولى خطوات تمهيده للخلافة عام 2022 حين عُين في منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وتسلّم ملف المفاوضات الذي كان بيد صائب عريقات حتى وفاته.
ويوضح ميلشتاين أن مصدر قوة الشيخ لا يقتصر على قربه من عباس، بل يمتد إلى علاقاته الخارجية، لا سيما مع "إسرائيل"، حيث تولّى منذ 2007 حقيبة الشؤون المدنية المعنية بالتنسيق الشامل مع الجهات الإسرائيلية. ومن خلال هذا المنصب، يُجري اتصالات يومية مع قادة الأذرع الأمنية الإسرائيلية والسياسيين الإسرائيليين. إلى جانب ذلك، يتمتع بعلاقات متينة مع مسؤولين أمريكيين، خاصة من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA).
لكن، وكما يلفت ميلشتاين الانتباه، فإن الشيخ يواجه في المقابل جملة من الاتهامات الأخلاقية والمالية، تشمل اتهامات بالفساد والتحرش الجنسي. كثيرًا ما تتداول مواقع التواصل الفلسطينية صورًا لأبنائه وهم يشغلون مناصب عليا رغم صغر سنهم، ويقودون سيارات فارهة، ما يُصوَّر على أنه استفزاز لجمهور يعاني من ظروف معيشية صعبة.
وتشير استطلاعات رأي أعدها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (للدكتور خليل الشقاقي) منذ بداية الحرب إلى تدنٍ لافت في شعبيته، إذ بلغت نسبة تأييده للرئاسة "ذروتها" عند 6%، ثم انخفضت إلى صفر في آخر استطلاع نُشر هذا الأسبوع.
وبحسب ما ينقل ميلشتاين عن مصادر اقتصادية وإعلامية من رام الله، فإن الشيخ يُعد من أثرى رجال الضفة الغربية، حيث يمتلك محاجر ومحطات وقود ومنازل فخمة، من بينها فيلا في أريحا.
وتنتشر معلومات عن استحواذه على عشرات ملايين الدولارات خُصصت لإعمار غزة، وعن أرباح ضخمة جناها من سمسرة تصاريح العمل بفضل علاقاته مع "إسرائيل"، إضافة إلى دفعه "رشاوى صمت" لضحايا تحرشه الجنسي، ولعباس نفسه لقاء دعمه في مواجهة أي هجوم داخلي.
ويضيف ميلشتاين أن من نقاط ضعف الشيخ الأساسية غياب قاعدة شعبية داخل حركة فتح، بل على العكس، يواجه خصومات داخلية متجذرة، خاصة مع مروان البرغوثي، الذي يتهمه بعض أنصاره بتعطيل الإفراج عنه عبر استخدام علاقاته مع "إسرائيل".
ويشير ميلشتاين أيضًا إلى أن حركة حماس تُكن عداءً شديدًا للشيخ، بعكس ما تبديه تجاه قيادات فتحاوية أخرى مثل الرجوب، أو البرغوثي الذي سعى مرارًا إلى المصالحة، أو محمد دحلان الذي يُبقي على تواصل دائم مع قيادة الحركة. أما حسين الشيخ، فيُنظر إليه كـ"خائن"، بسبب تنسيقه مع "إسرائيل" والغرب، ورفضه – شأنه شأن عباس – الكفاح المسلح، وتفضيله بقاء الوضع القائم في الضفة على تحوّلها إلى ساحة مقاومة على غرار غزة.
ويرى ميلشتاين أن تعيين الشيخ جاء استجابة لإملاءات خارجية، ويعكس النمط النخبوي السائد داخل السلطة، ويوضح أن تعيين الشيخ أثار تساؤلات لدى الفلسطينيين حول دافعه وتوقيته، إذ يرى كثيرون أن ضغوطًا أمريكية مورست على عباس لإظهار تجديد شكلي داخل سلطة يعلوها الغبار، ولم تشهد انتخابات منذ أكثر من عشرين عامًا، وتُوصف بأنها فاسدة ومنفصلة عن الشارع. ويُعتقد أنه لولا هذا الضغط الخارجي، لما أقدم عباس، البالغ 89 عامًا والمهووس بالخوف من الانقلاب الداخلي، على هذه الخطوة.
ويختتم ميلشتاين تحليله بالتأكيد على أن المرحلة التي تمر بها السلطة محفوفة بالتحديات: "إسرائيل" تستعد لاجتياح غزة، ما قد ينعكس على الوضع في الضفة، في ظل تصريحات وزراء إسرائيليين – وعلى رأسهم سموتريتش – بضرورة إسقاط السلطة وضم الضفة، بينما تهاجم حماس السلطة بوصفها "متواطئة".