شبكة قدس الإخبارية

الحرب الحقيقية في "إسرائيل" مع نهاية الحرب على غزة

الحرب الحقيقية في "إسرائيل"  مع نهاية الحرب على غزة
ياسر مناع

مع نهاية الحرب الحالية على قطاع غزة، والتي اندلعت بعد هجوم حماس المفاجئ في 7 أكتوبر 2023، على المستوطنات والقواعد العسكرية المخيطة بقطاع غزة، تستعد إسرائيل لمواجهة تحديات جديدة على ثلاثة مستويات رئيسية: السياسي، العسكري، والاجتماعي. هذه الحروب الداخلية قد تكون بنفس خطورة الحرب الخارجية، حيث تتصارع الأطراف المختلفة لتحقيق مكاسب سياسية وتحميل المسؤوليات، في ظل ضغوط متزايدة من وعلى المجتمع الإسرائيلي.

لا شك بأن نتائج التحقيقات التي أعدتها هيئة أركان الجيش الإسرائيلي وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلة قد نشرتها عبر موقعها الإلكتروني، حول أداء الجيش في كيبوتس بئيري كشفت عن أمور صادمة، منها أن عناصر وحدة "شلداغ" خرجت من الكيبوتس ولم تقاتل عناصر حماس يوم 7 اكتوبر 2023، بالإضافة إلى أوامر الجيش الإسرائيلي بقتل الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزوا من قبل مقاتلي حماس في أحد بيوت الكيبوتس. هذه التحقيقات التي وصفت نتائجها بأنها "صعبة"، وما شاكلها من تحقيقات مستقبلية، ستشكل محورًا أساسيًا في هذه الصراعات المتوقعة.

الحرب بين الأحزاب والمستويات السياسية

بعد انتهاء الأعمال العسكرية، ستتحول الساحة السياسية الإسرائيلية إلى ميدان معركة جديد، حيث ستسعى الأحزاب المختلفة إلى جمع أكبر قدر ممكن من الأصوات في الانتخابات القادمة. هذا الصراع السياسي سيتركز بشكل كبير حول أداء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته خلال الحرب، خاصة في ملف الأسرى المخطوفين. الأحزاب المعارضة ستحاول استغلال أي ثغرات أو أخطاء في إدارة الحرب لتعزيز موقفها السياسي وتحقيق مكاسب انتخابية، بينما سيحاول نتنياهو وحزبه الدفاع عن سياساتهم وتبرير قراراتهم.

الحرب بين المستوى العسكري والسياسي

التوتر بين القادة العسكريين والسياسيين في إسرائيل قد يتفاقم بعد انتهاء الحرب، حيث ستدور النقاشات حول من يتحمل المسؤولية عن الفشل الذريع الذي حدث في 7 أكتوبر. نتائج التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي، والتي وصفت بأنها "صعبة"، ستشكل محورًا أساسيًا في هذا الصراع. القادة العسكريون قد يلقون باللوم على السياسيين لعدم توفير الدعم الكافي أو عدم اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، بينما سيحاول السياسيون توجيه الانتقادات نحو القادة العسكريين وتحميلهم مسؤولية الفشل العملياتي.

الحرب بين المجتمع والقيادة السياسية

إذا لم تستطع الحكومة الحالية إعادة الأسرى أحياء وتحسين مستوى المعيشة والاقتصاد، سيواجه نتنياهو وقيادته السياسية احتجاجات واسعة من قبل المجتمع الإسرائيلي. القدرة على إنهاء حكم حماس في غزة ستكون أحد العوامل الحاسمة في هذه المعركة. المجتمع الإسرائيلي، الذي يعاني من تداعيات الحرب والضغوط الاقتصادية، قد يفقد الثقة في الحكومة ويطالب بتغييرات، لكن سبقى في دائرة اليمين. هذه الحالة من عدم الرضا الاجتماعي قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي وزيادة التوترات الداخلية.

على المستوى الفلسطيني

على الجانب الآخر، ستواجه الساحة الفلسطينية أيضًا تحديات وخلافات حول قرار الحرب ونتائجها. من المتوقع أن يُعاد طرح ملف الانقسام الداخلي من جديد، مما يزيد من تعقيدات الوضع الفلسطيني. رغم ذلك، هناك فرصة كبيرة لإحداث تغييرات إيجابية في البيت السياسي الفلسطيني، خاصة في حال تحرير قيادات وازنة في الفصائل الفلسطينية مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات بصفقة تبادل للأسرى. تحرير هؤلاء القادة يمكن أن يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية وإعادة ترتيب الأولويات الفلسطينية في مواجهة التحديات المشتركة ضمن برنامج وطني تشاركي واضح المعالم والوسائل.

خاتمًا

مع انتهاء الحرب الحالية على غزة، تتجه إسرائيل نحو مواجهة تحديات جديدة على ثلاثة جبهات داخلية: سياسية، عسكرية، واجتماعية. هذه التحديات سوف تنهك القيادة الإسرائيلية وكذلك المجتمع الإسرائيلي وتعزز صدوعه. في المقابل، تعقد الامال في الساحة الفلسطينية على استغلال هذه الفرصة لإحداث تغييرات إيجابية وتوحيد الصفوف، خاصة إذا تم تحرير قيادات بارزة من الفصائل الفلسطينية، مما قد يعزز الوحدة الوطنية ويساعد في مواجهة التحديات الاستعمارية بشكل أكثر فعالية.