أذكر عندما كنا طلاباً في الصّف الرابع الإبتدائي كنا ننتخب عريفاً ونائباً للصف لمدة عام بأكمله، ولا أذكر أنه قد تم تكليف عريف بفترة انتقالية. من الطبيعي أن تمر أي دولة بالعالم في فترة انتقالية في إحدى مراحل حياتها وتجري العادة أن يتم اختيار رئيس وعدد قليل من الوزراء ودمج بعض الوزارات إلى أن تمضي فترة سلطتها التي لا تتعدي الأشهر الثلاثة أو أي فترة قصيرة مقنعة للجميع، وبعد ذلك تتسلم منها الحكومة الجديدة المنتخبة زمام الأمور وكل هذه الإجراءات تجري ببساطة
أما الموضوع المستهجن والمستغرب وغير المقبول (والذي يحصل عندنا) أن تتسلسل ثلاث حكومات ومع كلّ حكومة ندخل في مرحلة انتقالية جديدة وما يصاحبها من خلل في الإدارة أوفي الميزانية في السياسات أو حتى في التمثيل وتوزيع الحقائب الوزارية.
ولا ننسى بأننا سندخل في مرحلة انتقالية رابعة لأن الحكومة الجديدة على الأبواب وفي كلّ حكومة فلسطينية تشكل ويعلن عنها يكون الهدف منها انتظار حكومة الوحدة الوطنية التي ستكون هي كذلك مرحلة انتقالية، لأنها لن تكون منتخبة و تعتمد على التزكية ولن تقضي فترتها المخصصة وهي 4 سنوات، وهذا بحسب قواعد الدستور. وإذا احتجنا لمزيد من الحكومات الإنتقالية فان الدستور نفسه سيفرض على الشعب كلّه أن يحفظ اليمين الدستورية لأنه معرضٌ في أي لحظة أن يصله الدور ويتقلد رئاسة الحكومة.
ولو افترضنا أن هذه الحكومات الفترات الانتقالية الثلاث تشكلت في دولة مثل اليابان، عدد سكانها 187 مليون نسمة، وُمعدَل دخل الفرد فيها 40 ألف دولار سنوياً، ومؤشر التنمية البشرية فيها عالٍ، لانتشرت على كل جزيرة من جزرها الثلاثة آلاف حكومة منفصلة، وعلى رأس كلّ 60 ألف مواطن رئيس ونظام، ولتحولت اليابان إلى دولة تعيش على المعونات.
في بعض الدول عندما يتم تمديد فترة الانتخابات لمدة أسبوعين فقط تحدث أزمة سياسية غير مسبوقة، فماذا سيحدث لهذه الدول إذا كانت حياتهم مثلنا مجرد فترة انتقالية وكل سنة أو سنتين يعيشون جوّاً سياسياً جديداً؟
خلال سبع سنوات أصبحت عندنا ثلاث حكومات، وهو في الحقيقة رقم قياسي، والفترة الزمنية القانونية التي تحتاجها هذه الحكومات هي 12 سنة، وطول السبع سنوت العجاف هذه تلخص بجلسات ومشاورات ومفاوضات ووسطاء واتفاقيات...الخ. أذكر منها اتفاقية القاهرة (نيسان وأيار 2011) والدوحة (شباط 2012) والتي بقيت معظم بنودها من دون تطبيق، تنص على استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني في رام الله سلام فياض، ورئيس الوزراء في غزة اسماعيل هنية لمصلحة حكومة انتقالية حيادية يقودها الرئيس عباس، وتكون مُكلّفة بتنظيم انتخابات في غضون ثلاثة أشهر.
إذن الإخوة وأبناء البلد قضوا سبع سنوات وهم من عاصمة إلى أخرى للإتفاق على مسألة تشكيل لا أكثر، ولم يفلحوا. وفي حالة أخذنا الانقسام مقياساً فهذا معناه أن المفاوض الفلسطيني يحتاج إلى أربعة آلاف عام تقريبا من التفاوض مع الإسرائيلي من أجل فتح شارع خاص بالفلسطينيين بين رام الله والقدس مثلاً.