شبكة قدس الإخبارية

الحساب الخطأ في تقييم عمليات المقاومة الفلسطينية

q6CYT
وليد عبد الحي

 

من بين خطايا الإعلام العربي في تقييم آثار العمليات المسلحة والاشتباكات المدنية الفلسطينية مع جيش الاحتلال هو التركيز الكبير ويكاد أن يكون الوحيد على ”عدد الخسائر البشرية من قتلى وجرحى في صفوف الإسرائيليين”، والإغفال عن جهل أو سوء نية للآثار الأخرى لهذه العمليات، ويكفي أن نقف عند الآثار التالية لهذه العمليات بعيدا عن جانب الخسائر البشرية:

أولا: أدى التزايد المتلاحق لعمليات المقاومة خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى تراجع نسبته حوالي90-95 % من حجوزات السياح إلى إسرائيل لعام 2023، فإذا علمنا أن دخل إسرائيل من السياحة كان عام 2019 هو 6.6 مليارات دولار، فإن حجم السياحة تراجع عام 2022 إلى 3,8 مليارات، أي بخسارة قياس لعام 2019 بحوالي 2.8 مليار دولار.، ويكفي أن نعلم أنه في عام 2022 وقع 170 اشتباكا مسلحا في الضفة الغربية و650 اشتباكا مع مظاهرات المواطنين الفلسطينيين.

ثانيا: ينيبه البروفيسور استبان كلور (Esteban Klor) أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية إلى أن عدم الاستقرار (بسبب الاضطرابات السياسية واحتقان الوضع الأمني) سيدفع المستثمرون الأجانب في إسرائيل إلى المغادر وسيعزز تردد المستثمرين في الخارج للتوجه إلى إسرائيل، وتدلي مؤشرات الاستثمار إلى أن الربع الأولى من العام الحالي (وهو الأعلى في معدل عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل بسبب الاضطرابات الداخلية وعمليات المقاومة شهد تراجعا في معدل الاستثمار وسجل أدنى معدل منذ 2018، أي خلال السنوات الخمس الماضية.

ثالثا: أدى عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل إلى تراجع قيمة الشيكل (العملة الإسرائيلية) خلال الشهرين الماضيين بمعدل 10 %، وانتقل الأمر إلى تراجع التداول في البورصة الإسرائيلية بحوالي 8 % في فبراير.، بل إن عددا من المؤسسات الأكاديمية المتخصصة قدرت تراجع معدل الإنتاج المحلي الإسرائيلي 2.8 % خلال الربع الأول من العام الحالي.

رابعا: التأثير النفسي على المجتمع وعلى أفراد الجيش الإسرائيلي، ففي عام 2022 وطبقا للصحيفة الإسرائيلية (Times of Israel) انتحر 14 جنديا إسرائيليا، بينما انتحر في عام 2021 ما مجموعة 11 جنديا، وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن أغلب المنتحرين ممن كانوا في عملهم في الضفة الغربية أو قريبا من غزة.

خامسا: الزيادة في وتيرة الهجرة اليهودية المعاكسة واستمرار تقليص الأغلبية السكانية لليهود في إسرائيل، ففي عام 2021 كان نسبة اليهود إلى مجموع سكان إسرائيل هو 73.9 %، وفي عام 2022 أصبحت الأغلبية هي 73.6 %، وتشير المتابعة لهذا الموضوع أن اليهود يخسرون 1 % كل ثلاثة سنة من أغلبيتهم إلى مجموع السكان.

سادسا: تعزيز نزعة عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل، عند النظر في مؤشر الاستقرار السياسي في إسرائيل خلال الفترة الأخيرة سنجد أن المعدل كان عام 2019 (السنة التي جرت فيها انتخابات مرتين) كان بالسالب 0.79، وارتفع إلى 0.85 بالسالب عام 2020 ثم صعد أكثر إلى 1.06 بالسالب عام 2021، ثم إلى 1.2 بالسالب أيضا عام 2022، وهو ما يضع إسرائيل في الترتيب الـ 166 بين الـ 194 دولة الأعضاء في الأمم المتحدة، وقد يمهد لمزيد من التراجع.

أخيرا، من المؤكد أن عمليات المقاومة الفلسطينية ليست العامل الوحيد في هذه المظاهر، ولكنها تساهم مع متغيرات أخرى في هذه النتائج، ولعل القصور الإعلامي العربي هو في حشر نفسه في دائرة ضيقة هي دائرة الخسائر البشرية وإغفال الدوائر الأخرى

#المقاومة #العمليات