شبكة قدس الإخبارية

اللجنة الرابعة والدبلوماسية الفلسطينية العجوز والفُرص الضائعة

1015798642_0_0_2380_1785_1920x0_80_0_0_24b2b09d999258005922a31c600a85c9
عصام عابدين

بعيداً عن التطبيل والتهليل - المُعتاد- للقرار الهام الصادر عن لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) وهي إحدى اللجان الرئيسية الست في الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ والتي تنظر في طيف واسع من القضايا التي تشمل جدول أعمال من قطاعات خمسة مُتصلة بإنها الإستعمار، فإنَّ الأمور بخواتيمها.

صوتت اللجنة الرابعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار هام يقضي بالطلب من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة. محكمة العدل الدولية؛ هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، ومقرها لاهاي بهولندا، وتتولى الفصل طِبقاً لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن "المسائل القانونية" التي تُحال إلى المحكمة من أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المُتخصصة.

إنَّ "نتيجة" التصويت في اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار المذكور (98 مع، 17 ضد، 52 ممتنع) تعكس، من حيث المبدأ؛ وبشكل واضح "فشلاً ذريعاً" للدبلوماسية الفلسطينية (الدبلوماسية العجوز) وهو فشل "مُتراكم" منذ سنوات في أداء الدبلوماسية الفلسطينية، أدى، وما زال يؤدي، إلى خسارة العديد من "الحلفاء التقليديين" المناصرين للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. فالدبلوماسية، ليست أداءً عابراً أو ردّات فعل قائِمة على "الفَزعة" وإنما هي خطة عمل وجهد يومي مُثابر على مدار الساعة لإمكانية تحقيق نتائج ملموسة على الأرض.

الاختبار الحقيقي، كان وما زال، في الأداء الدبلوماسي الفلسطيني عموماً، والتقييم واستخلاص الدروس، وفي هذه الحالة فإنَّ الاختبار يتمثل في أوسع حشد واصطفاف للدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة "مع القرار" لأنَّ الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية، غير مشروع أساساً؛ لأنه احتلال استعماري طويل الأمد قائمٌ أساساً على "الضم بالقوة والأبارتهايد" المخالف لميثاق الأمم المتحدة والذي يُشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ينبغي، بل يجب، أن يكون لدى الفلسطينيين "استراتيجية مُتكاملة مَبنية على الحقوق غير القابلة للتصرف" ودبلوماسية نَشِطة (رشيقة) تعمل كخلية نحل لإمكانية ترجمة هذا القرار الهام الصادر عن اللجنة الرابعة وما يعقبه من رأي استشاري لاحق صادر عن محكمة العدل الدولية في المسائل القانونية التي سيتم طرحها عليها بعد نجاح التصويت على قرار اللجنة الرابعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول القادم، إلى واقع ملموس على الأرض، وإلاّ، فإنَّ مصيره، كغيره، سلّة المُهملات.

السؤالين المطروحين لاحقاً على محكمة العدل الدولية للرأي الاستشاري هما:

1. ما هي التبعات القانونية لانتهاكات إسرائيل المستمرة لحق الفلسطينيين في تقرير المصير واحتلالها الطويل واستيطانها وضمها للأراضي الفلسطينية وسياساتها التمييزية؟ (ينبغي أن تكون الأرض الفلسطينية، وليس الأراضي الفلسطينية كما ورد في السؤال، تأكيداً على وحدة الشعب والأرض. وهذا الخلل في صيغة طرح السؤال على المحكمة تتحمله الدبلوماسية الفلسطينية).

2. كيف تؤثر تلك السياسات على الوضع القانوني للاحتلال الإسرائيلي وما هي التبعات القانونية لذلك على كل الدول وعلى الأمم المتحدة؟

هناك تأثير واضح للتقرير الصادر عن المقررة الخاصة في الأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 (فرانشيسكا ألبانيز) بشأن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على الأسئلة المطروحة للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وهناك "جهود هائلة" سابقة بُذلت في هذا المسار ويمكن أن تشكل مادة غنية للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية.

يندرج الحق في تقرير المصير ضمن الجيل الثالث من أجيال حقوق الإنسان، وهو حق للمجتمع ككل، غير قابل للتصرف، ويُعد قاعدة أمرة في القانون الدولي، وحُجة على الكافة، تعلو ولا يُعلى عليها. وقد أكدت المادة (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وحريتها في تقرير مركزها السياسي ونمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وحرية التصرف في مواردها الطبيعية، وعلى وجوب احترام هذا الحق وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.

يُشكل الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة، ونظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) الذي أنشأته إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال على جانبي الخط الأخضر والشتات، والإستيطان وجدار الضم في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتهويد القدس وتشتيت العائلات المقدسية، ونهب الموار الطبيعية، حرماناً للفلسطينيين من حقهم الطبيعي في تقرير المصير.

يقوم نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) الذي يعد جريمة ضد الإنسانية بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على "تجزئة" الشعب الفلسطيني إلى فلسطيني الضفة وفلسطيني غزة وفلسطيني 48 وفلسطيني الشتات (تقرير الإسكوا 2017) بما يحول دون تمتعهم، كشعب واحد، وأرض واحدة، بحقهم في تقرير المصير. ويعتبر سكان قطاع غزة ومعظمهم من فلسطيني 48 مثالاً واضحاً على نظام الأبارتهايد. وحق العودة، البوابة الأساسية، لتقرير المصير للشعب الفلسطيني؛ غير القابل للتصرف.

لا يمكن تصور حق تقرير المصير، دون حق العودة، فحق تقرير المصير حقٌ للشعوب، وإعمال هذا الحق أساسه الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين بعد 74 عاماً على اللجوء. وحق تقرير المصير يقوم على وحدة الشعب الفلسطيني، غير القابلة للتجزئة؛ في الضفة وغزة بما فيها القدس وفلسطيني 48 وفلسطيني الشتات ووحدة الأرض وتمكين الشعب الفلسطيني الواحد من العودة إلى أرضه وتقرير مستقبله والسيطرة على موارده الطبيعية التي تتعرض للنهب من قبل سلطة الاحتلال الاستعماري.

أكدت التقارير الدولية على تعرّض الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر لسياسة الفصل العنصري (الأبارتهايد) من إسرائيل السلطة القائمة باحتلال استعماري. وتفكيك نظام الفصل العنصري في الأرض الفلسطينية المحتلة مدخل تقرير المصير.

في 23 كانون الأول/ديسمبر 2016، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 2334 الذي ينص على أن المستوطنات الإسرائيلية تشكل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي" ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بنسبة 12 في المائة. وقد أكد المقرر الخاص السابق المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، البروفيسور مايكل لينك، أنه في عام 2016 كان هناك ما يقدّر بـ 400,000 مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية، و218,000 في القدس الشرقية. وبعد خمسة أعوام، يوجد الآن 475,000 مستوطن في الضفة الغربية و230,000 في القدس الشرقية، وهو ارتفاع بنسبة 12 في المائة.

واعتبر المقرر الخاص السابق بروفيسور لينك أن هذه الأرقام توضح قبل كل شيء عدم استعداد المجتمع الدولي الملحوظ لفرض توجهاته الخاصة فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي. وقال: "هذا الواقع الديناميكي على الأرض أسرع بكثير من الانتقادات الفاترة من المجتمع الدولي لسلوك إسرائيل غير القانوني."

ينص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334على أنه "يجب على جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، أن تتوقف على الفور وبشكل كامل". ويعد الاستيطان غير الشرعي جريمة حرب بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ويشكل الاستيطان انتهاكاً صارخاً للحق في تقرير المصير للشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف.

منذ شهر حزيران/يونيو 2002، لا تزل إسرائيل السلطة القائمة باحتلال استعماري طويل الأمد تبني ما سماه البروفسور جون دوغارد، المقرر الخاص السابق المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، "جدار الضم".

وقد واجه العمل على بناء هذا الجدار منذ بداياته إدانات دولية بسبب مخالفته لأحكام القانون الدولي. ومن المقرر أن تشيد سلطات الاحتلال ما نسبته 87% من الجدار على الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو ما يشكّل انتهاكاً من جانب إسرائيل للالتزام الذي قطعته على نفسها في الاتفاق الإسرائيلي-الفلسطيني المؤقت بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي ينص على أنه "لا يجوز لأي جانب أن يتخذ أو يبدأ أي خطوات تغيّر من وضع الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك انتظاراً للنتيجة التي تُسفر عنها مفاوضات الوضع الدائم".

علماً، أن هذا الاتفاق، وغيره، ينطوي على "إخلال جوهري" بأحكام اتفاقية فينا لقانون المعاهدات التي انضمت إليها دولة فلسطين (2 نيسان/أبريل 2014) كسبب أو أسباب جوهرية لانقضاء أو إيقاف العمل بالاتفاق وغيره من الاتفاقيات الثنائية.

يُخلّف بناء جدار الضم وإنشاء النظام المرتبط به في الأرض الفلسطينية المحتلة آثاراً مُدمّرة على حقوق الإنسان الأساسية للمواطن الفلسطينيين؛ من قبيل تقطيع أوصال الأرض الفلسطينية المحتلة وتقليص مساحات الأراضي المتوفرة للفلسطينيين التي تُمكنهم من حقهم في تقرير المصير، وضم القدس إلى سلطات الاحتلال، وسلب الأراضي والممتلكات من خلال الاستيلاء عليها وضمها، وتغيير التوزيع الديمغرافي بصورة قسرية، ومحو الخط الأخضر، ومنع المواطنين الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عملهم بما يحرمهم من مصدر رزقهم، وفرض القيود على إمكانية وصول الفلسطينيين إلى المؤسسات التعليمية، وفرض القيود على إمكانية وصول الفلسطينيين إلى مراكز الرعاية الصحية، وعزل المواطنين وتقويض الروابط الاجتماعية وتفتيت النسيج الاجتماعي الفلسطيني .. وغيرها.

ويمكن الرجوع في المسائل القانونية للأسانيد القانونية القوية الواردة في:

1. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 بشأن خطة تقسيم فلسطين.

2. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194) بتاريخ 11كانون الأول/ديسمبر 1948 بشأن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم والتعويض (العودة والتعويض).

3. قرار الجمعية العامة رقم (273) بتاريخ 11 أيار/مايو 1949 بقبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة المشروط باحترام اسرائيل وقبولها دول تحفظ بالالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والمستند إلى قرارات الجمعية العامة الصادرة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 1948 وتصريحات ممثل حكومة إسرائيل أمام اللجنة السياسية الخاصة بتطبيق القرارات المذكورة.

4. قرار الجمعية العامة رقم (303) بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 1949 بشأن إعادة التأكيد على وضع القدس تحت نظام دولي دائم.

5. قرار الجميعية العامة رقم (2253) بتاريخ 4 تموز/يوليو 1967 بشأن دعوة إسرائيل إلى إلغاء التدابير المتخذة لتغيير وضع مدينة القدس والامتناع عنها في المستقبل.

6. قرار الجمعية العامة رقم (2254) في (الدورة الاستثانية الطارئة – 5) بتاريخ 14 تموز/يوليو 1967 بإبداء الأسف للتدابير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس.

7. قرار الجمعية العامة رقم (2851 بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 1971 بمطالبة إسرائيل بشدة بأن تلغي جميع الإجراءات لضم أو استيطان الأرض الفلسطينية المحتلة والطلب من اللجنة الخاصة الاستمرار في عملها.

8. قرار الجمعية العامة رقم (35/207) بتاريخ 16 كانون الأول/ديسمبر 1980 بإدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان والشعب الفلسطيني بشدة والتأكيد من جديد على الرفض الشديد لقرار إسرائيل بضم القدس.

9. قرار الجمعية العامة رقم (252) بتاريخ 21 أيار/مايو 1968 بشأن دعوة إسرائيل إلى إلغاء جميع إجراءاتها لتغيير وضع القدس.

10. قرار الجمعية العامة رقم (267) بتاريخ 3 تموز/يوليو 1969 بشأن دعوة إسرائيل مجدداً إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس. وغيرها العديد من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.

وقد أكد الرأي الاستشاري الشهير الصادرة عن محكمة العدل الدولية في العام 2004 (الكنز القانوني الضائع) على أن إسرائيل سلطة قائمة بالاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، وعلى عدم قانونية الاستيلاء على أرض الغير بالقوة، وأن تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها بالقوة مخالفٌ لاتفاقية جنيف الرابعة، وأن مسار الجدار لا يقتضيه تحقيق أهدافها الأمنية، ولا يُمكن تبريره بالضرورات العسكرية أو بدواعي الأمن القومي أو النظام العام، وأكدت محكمة العدل الدولية في قرارها الشهير على وجوب إزالة جدار الضم كاملاً وتعويض السكان المتضررين، وأنه يُشكل انتهاكاً لحق الفلسطينيين في تقرير المصير.

كما أن "نهب الموارد الطبيعية للشعب الفلسطيني" الذي تقوم به إسرائيل السلطة القائمة باحتلال استعماري طويل الأمد بما يشمل السيطرة على المياه الجوفية ونهبها، والسيطرة على المحاجر ونهبها، والسيطرة على المعادن وأملاح البحر الميت وعلى الغاز .. يشكل انتهاكاً للحق في تقرير المصير وفق المادة (1) من العهدين الدوليين اللذين أكدا صراحة على حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في أن تتصرف في ثرواتها ومواردها الطبيعية بحرية، ويندرج في سياق "الأبارتهايد" الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية.

ويمكن التدليل على ذلك بالعديد من الممارسات، التي تندرج في سياق الأبارتهايد؛ من قبيل أنَّ مليشيات المستوطنين المُسلّحة في الأرض الفلسطينية المحتلة يستهلكون ستة أضعاف ما يستهلكه الفلسطينيون من المياه، علماً أن اتفاقية "أوسلو" التي تتعارض مع القانون الدولي (اتفاقية فينا لقانون المعاهدات) تؤمِّن للفلسطينيين القدرة على الوصول إلى الموارد المائية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وبذلك تصل الممارسات التمييزية الإسرائيلية الإستعمارية فيما يتعلق بتوزيع المياه في جسامتها إلى ما يمكن تكييفه على أنه نظام قائم على ممارسة الفصل العنصري في قطاع المياه.

هنالك مسؤوليات تقع على الأطراف الثالثة المتعاقدة على اتفاقيات جنيف تحت المادة الأولى المشتركة والتي تنص على ما يلي "تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال".

لقد آن الأوان لفرض "عقوبات" على إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال استعماري طويل الأمد، والتي بنت نظام فصل عنصري (أبارتهايد) عميق، وتحرِم الفلسطينيين من حق العودة، كاساس للحق في تقرير المصير، وترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأرض المحتلة.

يُعاني النظام السياسي الفلسطيني من تدهور كبير نتيجة غياب المجلس التشريعي منذ سنوات وانهيار السلطة القضائية، وتمركُز جميع السلطات العامة بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي انتهت ولايته منذ سنوات بحكم القانون الأساسي (الدستور) وتدهور حالة الحقوق والحريات الدستورية للإنسان الفلسطيني، وبؤس الناس مصدر السلطات، وغياب الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية التي أعلن عنها الرئيس المنتهية ولايته بمرسوم رئاسي في 15/1/2021 ثم أصدر مرسوماً في 30/4/2021 بإلغائها مُنفرداً بذريعة عدم إمكانية إجرائها في القدس رغم تأكيد لجنة الانتخابات المركزية المستقلة والقوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني على وجود عدة سيناريوهات لإجراء الانتخابات بما يشمل القدس ومطالبة القوى والفصائل بإجرائها. في اشتباك سياسي وقانوني مع الاحتلال الاستعماري أمام العالم.

إنَّ حرمان الفلسطينيين من حقهم في الانتخابات حرة ونزيهة يشكل انتهاكاً صارخاً للدستور الفلسطيني، وحق الفلسطينيين في تقرير المصير.

لكل ما سبق، فإنّ استعادة الوحدة الفلسطينية، وحدة الشعب والأرض، اليوم قبل الغد، على قاعدة احترام سيادة القانون على الجميع، واحترام وحماية وكفالة حقوق الإنسان الفلسطيني؛ بما يشمل حق الفلسطينيين في اختيار ممثليهم بحرية، وحقهم في تقرير مستقلبهم بحرية، جزءٌ لا يتجزأ من حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

وإنَّ بناء استراتيجية وطنية متكاملة مَبنية على الحقوق، وإجراء مراجعة شاملة لأداء الدبلوماسية الفلسطينية العجوز، لازمٌ، في هذا المسار الهام للفلسطينيين ومستقبلهم؛ للخلاص من احتلال استعماري طويل الأمد قائم على ضم الأرض الفلسطينية بالقوة وسياسة الأبارتهايد.

وإلاّ، فإنَّ الرأي الاستشاري المنتظر من محكمة العدل الدولية سيُلاقي مصير الرأي الاستشاري "السابق" الصادر عن محكمة العدل الدولية في 9 تموز/ يوليو 2004 في المسألة القانونية التي كانت معروضة عليها لأخذ الرأي الاستشاري بشأن "الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة" المعروف حالياً بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن "جدار الضم".

منجمٌ من الذهب، أضاعه الفلسطينيون، وما زالوا، نتيجة غياب الرؤية والخطة والآليات الكفيلة بترجمة هذا الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في العام 2004 بشأن "جدار الضم" إلى واقع ملموس في حياة الفلسطينيين.

مرَّ على هذا الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية شديد الأهمية للفلسطينيين (18) عاماً بلا تحرك جدّي، وبالتزامن، مرَّ على استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات (18) عاماً بلا تحرك جدّي. وأنتم في ضياع ما بعده ضياع.

توقفوا عن المكابرة، وتضليل الناس المُنهكة، وعودوا إلى رُشدكم، وفي الختام أُذكّركم برسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري " .. فافهم إذا أُدلِي إليك، فإنه لا ينفعُ تكلمٌ بحق لا نَفَاذ له .. ولا يَمنَعَنَّك قضاءٌ قضيته أمس، فراجعت اليوم فيه عَقلك، وَهُدِيتَ فيه لِرُشدك، أن ترجع إلى الحق، فإنَّ الحقَ قديمٌ لا يُبطِلهُ شيء، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل ..".

#الأمم المتحدة #اللجنة - الرابعة #الدبلوماسية - الفلسطينية