شبكة قدس الإخبارية

موقع "ميدل إيست آي": المقاتلون في جنين شوكة في خاصرة "إسرائيل" والسلطة

image00003_0

قُدس الإخبارية: سلط تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني الضوء على تنامي المقاومة الفلسطينية المسلحة في مخيم جنين.

وقابل التقرير الذي أعدته الزميلة شذى حماد عدداً من المقاومين المطلوبين لجيش الاحتلال والأجهزة الأمنية الفلسطينية، وقال إن "حالة من التوتر سادت المخيم مؤخرا نجمت عن حملة التفتيش المشتركة التي نفتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية؛ بحثا عما يتراوح ما بين خمسة وعشرين وثلاثين شاباً شاركوا في عمليات المقاومة".

ويأتي على رأس قائمة المطلوبين سلمان "اسم مستعار"، وفقاً للتقرير وينحدر من جنين نفسها، وهو في أوائل العشرينيات من العمر. يقول سلمان، إنه "لم يغادر المخيم منذ أن داهمت وحدة من القوات الخاصة الإسرائيلية مقر عمله على مشارف المدينة بحثا عنه في العام الماضي".

وكشف أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من ضباط مخابرات الاحتلال قبل ستة شهور هددوه فيه إذا لم يسلم نفسه، ويقول: "تعلم المخابرات أنني لن أسلم نفسي وأنني لن أستسلم. كما أنني لن أمنحهم الفرصة لإلقاء القبض علي، ولهذا فقد حصرت نفسي داخل المخيم ولم أغادره منذ ذلك الوقت".
ويقول التقرير الذي ترجمه موقع "عربي 21": يتحصن المسلحون مثل سلمان داخل المخيم، بينما تتكثف جهود السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" لمطاردتهم وإلقاء القبض عليهم، في هذه الأثناء يتزايد الإحباط من السلطة الفلسطينية التي يتهمها أهل المخيم باستخدام القوة المفرطة وسوء المعاملة لإحكام قبضتها على المخيم وإبقائه تحت السيطرة.

وأشار إلى أن مخيم جنين أقيم لإيواء الفلسطينيين الذين طردوا من قراهم عام 1948 على أيدي المليشيات الصهيونية في أثناء النكبة، وهي الحرب التي مهدت الطريق لإقامة إسرائيل، ونجم عنها إجلاء ما يزيد عن 750 ألف فلسطيني من سكان البلاد الأصليين عنوة من ديارهم.

واعتبر "أن ظهور هؤلاء الشباب أصبح ملحوظا بعد أن تمكن ستة من الأسرى الفلسطينيين، كلهم ينحدرون من جنين، من تحرير أنفسهم من سجن جلبوع".

وأضاف: سارع المقاتلون داخل المخيم إلى التعبير عن استعدادهم لمساعدة الأسرى، وأطلق بعضهم النار قريباً من نقطة تفتيش إسرائيلية، بينما نظم آخرون مسيرات مسلحة تعهدوا خلالها بالانتقام فيما لو وقع شيء للرجال الستة.

في تصريح للموقع، قال سلمان: كمقاتلين في المقاومة، كنا على استعداد للموت في سبيل حماية السجناء الستة وتوفير الملاذ الآمن لهم، إلا أن الظروف قادتهم إلى مكان آخر.

واعتبر التقرير أنه "منذ ذلك الوقت لم تعد الأمور كما كانت عليه في جنين، فقد زادت وتيرة التحريض الإسرائيلي ضد المخيم"، كما يقول سلمان، الذي يرى في ذلك مؤشرا على وجود مخططات لاستهداف المخيم تارة أخرى.

وأضاف: "بدأت إسرائيل تكرر وصفها للمخيم على أنه عش الدبابير، بينما وصفت السلطة الفلسطينية المقاومة داخل المخيم بالفوضى والفلتان، ولا شيء أكثر من خارجين على القانون. كل هذا الخطاب المقصود منه هو مطاردة وتصيد المقاتلين داخل المخيم وقتلهم".

يرى المقاتلون من مثل سلمان أنفسهم امتدادا للمقاتلين الذين دافعوا عن المخيم في أثناء معركة عام 2002، وهم يرون أن المداهمات الإسرائيلية للمخيم، التي زادت وتيرتها بشكل كبير خلال العام الماضي، تتجاوز خطا أحمر وينبغي الرد عليها.

ويعود التقرير إلى شهر حزيران/ يونيو، حيث استشهد المقاوم جميل العموري وضابطين في الأجهزة الأمنية في اشتباك مع قوات خاصة من جيش الاحتلال، ولاحقاً استشهد 4 مقاومين في اشتباكات مع الاحلتال.

يلتقي الموقع مع باسل وتامر (أسماء مستعارة) في العشرينيات من العمر، وهما أيضا ضمن قائمة المطلوبين إسرائيليا منذ وقت طويل، لم يزالا منذ عشرة شهور ضمن قائمة من اثني عشر رجلا مطلوبا، كما يقولان، لا يكفان عن التنقل، ولا يمكثان في نفس البيت أكثر من مرة واحدة. والآن، أكثر من أي وقت مضى، تتطلب تحركاتهما درجة أكبر من السرية، كما يقولان.

وفي تصريح للموقع قال باسل: "ترحب بنا كثير من العائلات داخل المخيم، ويدعوننا للمبيت في بيوتهم، ولكننا نخشى على سلامتهم ولا نريد أن نعرض حياتهم للخطر".

وأشار التقرير إلى تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، قبل أسابيع، التي زعم فيها أن "إسرائيل كانت على وشك شن عملية واسعة النطاق في جنين قبل ثلاثة أشهر، ولكنهم استدعوا السلطة الفلسطينية للعمل".

 

وبالفعل نفذت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عمليات قمع أمنية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، وشملت إجراءاتها إلقاء القبض على عدد من سكان المخيم وتوجيه التهديدات والاستدعاءات لآخرين، وقال الموقع إن هذا "زاد من سخط سكان المخيم ومحافظة جنين تجاه السلطة الفلسطينية".

وتابع: إلا أن المقاتلين، مثل باسل، مازالوا مطاردين، وهذا ما يعزز الاعتقاد لديه بأن اجتياحا إسرائيليا كبيرا بات وشيكا، بالنظر إلى إخفاق السلطة الفلسطينية في فرض السيطرة على المخيم حتى الآن.
أما تامر، الذي كان جالسا إلى جانب باسل وسلاحه في حضنه، فيصر على أن "معركتهم ليست السلطة الفلسطينية".

وقال تامر، الذي أمضى عدة سنوات في سجون الاحتلال: تريد السلطة الفلسطينية دفعنا نحو الاشتباك مع عناصرها وإطلاق النار عليهم، ولكن تظل بوصلة أسلحتنا موجهة نحو الاحتلال، وليس ضد أي جهة أخرى.

تتزايد الضغوط على المقاومين، مثل تامر، لتسليم أسلحتهم، ولكنه يقول إنه "لا يثق بأن حياتهم لن تكون في خطر، أو أنهم لن يتعرضوا للتعذيب فيما لو تعاونوا مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية".
وأخبرا الموقع إن "الأسلحة التي يحملها المقاتلون، وهي في الأغلب بنادق هجومية خفيفة الوزن، تم الحصول عليها بأموالهم الشخصية، وهذا سبب آخر يجعل من فكرة التخلي عن أسلحتهم أمرا مستحيلا بالنسبة لهم".

وقال باسل: "لقد عملت بكد لعام ونصف حتى أتمكن من شراء سلاحي. وهذه الأسلحة تستخدم للدفاع عن المخيم ولن تسقط من أيدينا".

يقول التقرير إن "السلطة الفلسطينية تصر على أن الحملة الأمنية في جنين لا تستهدف مقاتلي المقاومة الذين يشتبكون مع إسرائيل، وإنما تهدف إلى كبح "البلطجية" الذين ينشطون خارج نطاق القانون"، حسب وصفها.

وفي تصريح للموقع قال بسام السعدي، أحد الشخصيات القيادية في حركة الجهاد الإسلامي في جنين: تستخدم إسرائيل السلطة الفلسطينية لإخماد المقاومة في جنين، وهي تستهدف إحداث صراع داخلي وسفكا للدماء، كما تستهدف أيضا نزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية في أعين شعبها، وهي الحقيقة التي ينبغي على قيادة السلطة الفلسطينية الانتباه إليها.

واعتبر أن "التيارات داخل فتح، الحزب الحاكم فعليا في السلطة الفلسطينية، تعارض المقاربة الأمنية للسلطة".

وجاء في التقرير: ارتفعت وتيرة السخط ضد السلطة الفلسطينية في تشرين الثاني/نوفمبر، بعد أن أثارت جنازة حاشدة لزعيم حماس وصفي قبها، الذي توفي بسبب تداعيات الإصابة بفيروس كورونا، حفيظة السلطة في رام الله، بدا كما لو أن إعادة تشكيل في صفوف الأجهزة الأمنية أفضى إلى قمع المشاركين في الجنازة، وخاصة أولئك الذين جاؤوا مسلحين.

يقول سلمان: وضعت المخابرات الفلسطينية قائمة بأسماء عشرين من سكان المخيم، اثنان منهما من القصر. وكل هؤلاء مطلوبون أيضا من قبل الجيش الإسرائيلي، كانت تلك لحظة محورية في مطاردة المقاومة، وأدت إلى إثارة التوترات بين المخيم والسلطة الفلسطينية.

كان محمد عزمي حسينية واحدا من أولئك الذين ألقي القبض عليهم خلال الحملة.

في تصريح لموقع "ميدل إيست آي"، قال شقيقه إياد حسينية، بينما كان واقفا بجانب بسطته في سوق الخضار في جنين حيث يعمل؛ إن محمدا ألقي القبض عليه بحجة أنه تلقى مكالمة هاتفية من زعيم حماس إسماعيل هنية.

وكان هنية قد اتصل هاتفيا بمحمد في شهر تشرين الأول/أكتوبر، ليعزيه بوفاة ابن شقيقه أمجد حسينية في أثناء المداهمة التي وقعت في آب/أغسطس.

تم نقل محمد البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما من مقر القوات الأمنية في جنين إلى سجن جنيد في نابلس، ثم إلى مقر المخابرات في رام الله حيث تعرض لتحقيق مكثف على مدى أربعين يوما.

وقال إياد؛ إن شقيقه فرض عليه الجلوس في أوضاع مجهدة للغاية، وعلق بالسلاسل لخمسة وعشرين يوما في أثناء التحقيقات.

وأضاف: "كل التهم الموجهة لمحمد تتعلق بمقاومة جيش الاحتلال، بالإضافة إلى تلقي مكالمة هاتفية من إسماعيل هنية... ولم يعترف محمد بأي من هذه التهم".

 

#السلطة #الاحتلال #المقاومة #مخيم جنين